[ ينشر في الشبكة لأول مرة عن نسخة خطية ]
كتاب «تحريم اللواط» لأبي عمر أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الجلي الطرسوسي رحمه الله
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فهذا كتاب «تحريم اللواط» لأبي عمر أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الجلي الطرسوسي ينشر محققًا لأول مرة بعد أن كان في عداد المفقود.
ومصنفه محدث مستور، فإني لم أعثر له إلا على ترجمة مختصرة في «تاريخ دمشق»، وهو مع أنه ليس بالمشهور، إلا أنه واسع الرواية فيما يظهر لمن نظر في ثنايا هذا الكتاب، كما أن الاستقامة ظاهرة على مروياته.
وبالنظر في من روى عنهم في الكتاب فهو من علماء القرن الرابع الهجري، وقد روى فيه عن جملة من جلة المحدثين وأعلامهم، ومن أشهر من روى عنهم في كتابه هذا من الأعلام: الحافظ النسائي صاحب «السنن»، وأبو بكر الخلال الحنبلي الجامع لعلم الإمام أحمد بن حنبل، و جعفر الفريابي، و زكريا بن يحيى الساجي وغيرهم رحمهم الله.
وقد أعتنى المُصنِّف في هذا الكتاب بجمع الأحاديث والآثار وأقاويل العلماء الواردة في ذم فاحشة اللواط وبيان تحريمها، ويروي كل ذلك بأسانيده على سنن أهل الحديث وطريقهم في ذلك، وقام بترتيب الكتاب ترتيبًا حسنًا وتبويبه، ويروي تحت كل باب ما يناسبه من الأحاديث والآثار، مما يوحي أنه من المشتغلين بالحديث والفقه.
كما أنه لم يقتصر على ما ورد في أمر فاحشة اللواط فحسب؛ بل روى فيه كل ما يتصل بهذه الأبواب من مقدمات هذه الفاحشة ودواعيها ومسبباتها وآثارها، وكذلك ما يشابهها من الفواحش كالسحاق وإتيان النساء في أدبارهن وإتيان البهائم.
وهذا الكتاب يُعدُّ -حسب علمي القاصر- أجمع الكتب المسندة المصنفة المفردة في هذا الموضوع وما يتعلق به، وأوسعها وأحسنها ترتيبًا وتبويبًا.
وقد حرصت جهدي على إخراج هذا الكتاب إخراجًا جيدًا لائقًا، فإن كان صوابًا فمن الله تعالى وحده، وإن كان ثمَّ خللٌ وخطأ -ولابد أن يكون- فمن نفسي والشيطان. فأرجو ممن يقرأ هذا الجزء مراسلتي في حال وقوفه على خطأ دق أو جل أو أمر يستدعي إعادة النظر فيه لاستدراكه وتصويبه.
أسأل الله أن يبارك في هذا العمل، وأن يغفر ما فيه من الزلل، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم ويثيبني عليه إنه جواد كريم، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وأن يجنبني وجميع المسلمين الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن إنه على كل شيء قدير.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجميعن