الأحد، 20 أغسطس 2017

[ بيان ضعف حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «من علم آية من كتاب الله كان له ثوابها ما تليت» ]

[ بيان ضعف حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «من علم آية من كتاب الله كان له ثوابها ما تليت» ]


قال أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان في "الجزء الأول من حديث عن شيوخه" (مخطوط-جوامع الكلم) :
150 - أنبا أبو سهل، نا علي بن إبراهيم أبو الحسن الواسطي، قال: نا إسماعيل بن أبان، عن الربيع بن بدر، عن أبان، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من علم آية من كتاب الله كان له ثوابها ما تليت».

ومن طريق إسماعيل بن أبان: رواه أبو عمرو الداني في كتاب "البيان في عد آي القرآن" ص24.

الربيع بن بدر قال فيه أحمد بن حنبل: لا يسوى حديثه شيئًا وقال ابن معين: ليس بشيء وقَال أبو حاتم: لا يشتغل به ولا بروايته فإنه ضعيف الحديث، ذاهب الحديث. وَقَال ابن عَدِيّ: عامه رواياته عن من يروي عنه مما لا يتابعه عليه أحد.

وشيخه أبان بن أبي عياش متروك الحديث حاله معلومة ويكفي قول شعبة فيه: لأن أشرب من بول حمار حتى أروى أحب إلي من أن أقول: حدثنا أبان بن أبي عياش. وقال: لأن يزني الرجل خير من أن يروى عن أبان.

وأبو سهل شيخ أبي الحسن ابن شاذان هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد بْن عبّاد المحدّث، أبو سهل القطان. وقد عزا الألباني هذا الخبر إلى جزء شيوخه لكن ذكر له فيه إسنادًا غير هذا، قال:
أخرجه أبو سهل القطان في " حديثه عن شيوخه " (4 / 243 / 2) حدثنا محمد بن الجهم حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا أبو مالك الأشجعي عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وهذا إما غلط من الناسخ أو من الناقل، والإسناد المتقدم من طريق أبي سهل القطان أليق بأن يكون هو ما خرج به الخبر في جزء شيوخه، إذ يستحيل أن ينفرد راو متأخر بإسناد صحيح لحديث مرفوع ويخرجه في جزء مغمور الذكر لا يكاد يُعرف. علمًا أن من المعلوم أن الأحاديث المرفوعة مظنة الاشتهار والانتشار بين رواة الحديث وبين المصنفين في جمعه.

قال ابن رجب في "شرح العلل" (1/409) : "ونجد كثيراً ممن ينتسب إلى الحديث لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها ، ويعتني بالأجزاء الغريبة ، وبمثل "مسند" البزار ، و"معاجم" الطبراني ، أو "أفراد" الدار قطني ، وهي مجمع الغرائب والمناكير".

فإذا كان "مسند" البزار و"معاجم" الطبراني و"أفراد" الدارقطني على شهرتها تعتبر أجزاءًا غريبة ومجمعًا للمناكير، فكيف بــ: "جزء شيوخ" أبي سهل القطان؟!

وعلى هذا فحتى لو كان الإسناد الذي في الجزء: (يزيد بن هارون عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه) وسلمنا بسلامة النقل وصحة النسخ؛ لكان المتعين أن يُجزم بغلطه ونكارته فأنى لمحمد بن الجهم أن ينفرد عن الحافظ يزيد بن هارون بحديث مرفوع لا يشركه فيه أحد من كبار تلامذته الحفاظ المتبحرين أمثال: أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب ومحمد بن عبد الله بن نمير وعبد الله الدارمي وأحمد بن سنان ومحمد بن عبد الملك الدقيقي وغيرهم؟!

قال الإمام مسلم في مقدمة "صحيحه" (1/6) :
«فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته، وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك، قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق منهم في أكثره، فيروي عنهما، أو عن أحدهما العدد من الحديث مما لا يعرفه أحد من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس والله أعلم».

فكيف وقد روي الخبر من طريق مصنف هذا الجزء بإسناد واهٍ متهالك؟! فهذا مما يستدل به على أن الناسخ أو الناقل أولى في حمل التبعة في الغلط.

وقد ذكره صاحب كتاب "الجامع الكبير" ثم قال: (ابن لال عن أبان عن أنس).

وخلاصة القول الحديث منكر تفرد به الربيع بن بدر وهو متروك عن أبان وهو مثله. والله أعلم.