الثلاثاء، 15 يوليو 2014

بيان صحة حديث أبي رزين العقيلي –رضي الله عنه- الطويل في الصفات والرؤية والبعث وصفة الجنة والنار وغير ذلك.

بيان صحة حديث أبي رزين العقيلي رضي الله عنه- الطويل في الصفات والرؤية والبعث وصفة الجنة والنار وغير ذلك.

قال عبد الله بن الإمام أحمد –رحمهما الله- في زوائده على«مسند أبيه» :
(16206) كتب إلي إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزبير الزبيري، كتبت إليك بهذا الحديث، وقد عرضته وسمعته على ما كتبت به إليك، فحدث بذلك عني، قال: حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي، قال: حدثني عبد الرحمن بن عياش السمعي الأنصاري القبائي، من بني عمرو بن عوف، عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر، قال دلهم: وحدثنيه أبي الأسود، عن عاصم بن لقيط:
أن لقيطاً خرج وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه صاحب له يقال له: نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال لقيط: فخرجت أنا وصاحبي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لانسلاخ رجب، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيناه حين انصرف من صلاة الغداة، فقام في الناس خطيباً، فقال: «أيها الناس، ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام، ألا لأسمعنكم، ألا فهل من امرئ بعثه قومه؟».
فقالوا: اعلم لنا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، «ألا ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه، أو حديث صاحبه، أو يلهيه الضلال، ألا إني مسئول، هل بلغت؟ ألا اسمعوا تعيشوا، ألا اجلسوا، ألا اجلسوا».
قال: فجلس الناس، وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده، وبصره، قلت: يا رسول الله، ما عندك من علم الغيب؟
فضحك لعمر الله، وهز رأسه، وعلم أني أبتغي لسقطه.
فقال: «ضن ربك عز وجل بمفاتيح خمس من الغيب، لا يعلمها إلا الله»، وأشار بيده.
قلت: وما هي؟
قال: «علم المنية، قد علم متى منية أحدكم، ولا تعلمونه، وعلم المني حين يكون في الرحم قد علمه، ولا تعلمونه، وعلم ما في غد، قد علم ما  أنت طاعم غداً، ولا تعلمه، وعلم يوم الغيث، يشرف عليكم آزلين آزلين مشفقين، فيظل يضحك قد علم أن غِيَركم إلى قرب».
قال لقيط قلت: لن نعدم من رب يضحك خيراً، وعلم يوم الساعة، قلت: يا رسول الله، علمنا مما تعلم الناس، وما تعلم، فإنا من قبيل لا يصدق تصديقنا أحد من مذحج التي تربأ علينا، وخثعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها.
قال: «تلبثون ما لبثتم، ثم يتوفى نبيكم صلى الله عليه وسلم، ثم تلبثون ما لبثتم، ثم تبعث الصائحة لعمر إلهك، ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات، والملائكة الذين مع ربك عز وجل، فأصبح ربك يطوف في الأرض، وخلت عليه البلاد، فأرسل ربك عز وجل السماء تهضب من عند العرش، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل، ولا مدفن ميت، إلا شقت القبر عنه، حتى تجعله من عند رأسه، فيستوي جالساً، فيقول ربك: مهيم لما كان فيه، يقول: يا رب، أمس، اليوم، ولعهده بالحياة يحسبه، حديثا بأهله».
فقلت: يا رسول الله، كيف يجمعنا بعد ما تمزقنا الرياح والبلى، والسباع؟
قال: «أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، الأرض أشرفت عليها، وهي مدرة بالية، فقلت: لا تحيا أبدا، ثم أرسل ربك عز وجل عليها السماء، فلم تلبث عليك إلا أياماً حتى أشرفت عليها، وهي شربة واحدة ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعهم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فيخرجون من الأصواء، ومن مصارعهم فتنظرون إليه، وينظر إليكم».
قال: قلت: يا رسول الله، كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا؟
قال: «أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله عز وجل، الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم، ساعة واحدة لا تضارون في رؤيتهما، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم، وترونه من أن ترونهما، ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما».
قلت: يا رسول الله، فما يفعل بنا ربنا عز وجل إذا لقيناه؟
قال: «تعرضون عليه بادية له صفحاتكم، لا يخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء فينضح قبيلكم بها، فلعمر إلهك ما تخطئ وجه أحدكم منها قطرة، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء، وأما الكافر فتخطمه بمثل الحميم الأسود، ألا ثم ينصرف نبيكم صلى الله عليه وسلم ويفترق على إثره الصالحون، فيسلكون جسراً من النار، فيطأ أحدكم الجمر، فيقول: حس يقول ربك عز وجل: أوانه، ألا فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ، والله ناهلة عليها قط، ما رأيتها، فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده، إلا وقع عليها قدح يطهره من الطوف، والبول، والأذى، وتحبس الشمس والقمر، ولا ترون منهما واحداً».
قال: قلت: يا رسول الله، فبما نبصر؟
قال: «بمثل بصرك ساعتك هذه، وذلك قبل طلوع الشمس في يوم أشرقت الأرض، واجهت به الجبال».
قال: قلت: يا رسول الله، فبما نجزى من سيئاتنا وحسناتنا؟
قال: «الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها، إلا أن يعفو».
قال: قلت: يا رسول الله، إما الجنة، إما النار.
قال: «لعمر إلهك إن للنار لسبعة أبواب، ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماً، وإن للجنة لثمانية أبواب ما منهما بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماً».
قلت: يا رسول الله، فعلى ما نطلع من الجنة؟
قال:«على أنهار من عسل مصفى، وأنهار من كأس ما بها من صداع، ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وماء غير آسن، وبفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون، وخير من مثله معه، وأزواج مطهرة».
قلت: يا رسول الله، أولنا فيها أزواج، أو منهن مصلحات؟
قال: «الصالحات للصالحين، تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا، ويلذذن بكم غير أن لا توالد».
قال لقيط: فقلت: أقصي ما نحن بالغون، ومنتهون إليه؟
فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: يا رسول الله، على ما أبايعك؟
قال: فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده، وقال: «على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وزيال المشرك، وأن لا تشرك بالله إلها غيره».
قلت: وإن لنا ما بين المشرق، والمغرب؟
فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده، وظن أني مشترط شيئاً لا يعطينيه، قال: قلت: نحل منها حيث شئنا، ولا يجني امرؤ إلا على نفسه، فبسط يده، وقال: «ذلك لك تحل حيث شئت، ولا يجني عليك إلا نفسك».
قال: فانصرفنا عنه، ثم قال: «إن هذين لعمر إلهك من أتقى الناس في الأولى، والآخرة».
فقال له كعب ابن الخدارية أحد بني بكر بن كلاب: من هم يا رسول الله؟
قال: «بنو المنتفق أهل ذلك».
قال: فانصرفنا، وأقبلت عليه، فقلت: يا رسول الله، هل لأحد ممن مضى من خير في جاهليتهم؟ قال: قال رجل من عرض قريش: والله إن أباك المنتفق لفي النار، قال: فلكأنه وقع حر بين جلدي ووجهي ولحمي مما قال لأبي على رءوس الناس، فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول الله؟
ثم إذا الأخرى أجمل، فقلت: يا رسول الله، وأهلك؟
قال: «وأهلي, لعمر الله ما أتيت عليه من قبر عامري، أو قرشي من مشرك، فقل: أرسلني إليك محمد، فأبشرك بما يسوءك، تجر على وجهك، وبطنك في النار».
قال: قلت: يا رسول الله، ما فعل بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه؟ وكانوا يحسبون أنهم مصلحون؟
قال: «ذلك لأن الله عز وجل بعث في آخر كل سبع أمم -يعني- نبياً، فمن عصى نبيه كان من الضالين، ومن أطاع نبيه كان من المهتدين».

قال ابن القيم –رحمه الله-: وأما حديث أبي رزين الذي أشار إليه البخاري فهو حديثه الطويل ونحن نسوقه بطوله نجمل به كتابنا فعليه من الجلالة والمهابة ونور النبوة ما ينادى على صحته.
ثم قال بعد أن ساقه بتمامه:
 هذا حديث كبير مشهور ولا يعرف إلا من حديث أبي القاسم عن عبد الرحمن بن المغيره بن عبد الرحمن المدني ثم من رواية إبراهيم بن حمزة الزبيري المدني عنه وهما من كبار علماء المدينة ثقتان يحتج بهما في الحديث احتج بهما الإمام محمد بن إسماعيل البخاري وروى عنهما في مواضع من كتابه رواه أئمة الحديث في كتبهم منهم أبو عبد الرحمن بن عبد الله بن الإمام احمد وأبو بكر احمد بن عمرو بن أبي العاصم وأبو القاسم الطبراني وأبو الشيخ الحافظ وأبو عبد الله بن منده والحافظ وأبو بكر احمد بن موسى بن مردويه والحافظ أبو نعيم الأصفهاني وغيرهم على سبيل القبول والتسليم.
قال الحافظ أبو عبد الله بن منده روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصنعاني وعبد الله بن احمد بن حنبل وغيرهما وقراؤه بالعراق بمجمع العلماء وأهل الدين فلم ينكره أحد منهم ولم يتكلم في إسناده وكذلك أبو زرعة وأبو حاتم على سبيل القبول وقال أبو الخير بن حمدان هذا حديث كبير ثابت مشهور.
وسألت شيخنا أبا الحجاج المزي عنه فقال: عليه جلالة النبوة.
«حادي الأرواح» (ص243-246).

وقال –رحمه الله-:
هذا حديث كبير جليل تنادي جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة، لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني، رواه عنه إبراهيم بن حمزة الزبيري، وهما من كبار علماء المدينة، ثقتان محتج بهما في الصحيح، احتج بهما إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري، ورواه أئمة أهل السنة في كتبهم وتلقوه بالقبول وقابلوه بالتسليم والانقياد ولم يطعن أحد منهم فيه ولا في أحد من رواته.
فممن رواه الإمام ابن الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه وفي كتاب «السنة»، وقال: كتب إلي إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزبير الزبيري: كتبت إليك بهذا الحديث وقد عرضته وسمعته على ما كتبت به إليك، فحدث به عني.
ومنهم الحافظ الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في كتاب «السنة» له.
ومنهم الحافظ أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان العسال في كتاب «المعرفة».
ومنهم حافظ زمانه ومحدث أوانه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني في كثير من كتبه.
ومنهم الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب «السنة».
ومنهم الحافظ ابن الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده، حافظ أصبهان.
ومنهم الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.
ومنهم حافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصبهاني، وجماعة من الحفاظ سواهم يطول ذكرهم.
وقال ابن منده روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصنعاني، وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقد رواه بالعراق بمجمع العلماء وأهل الدين جماعة من الأئمة منهم أبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل، ولم ينكره أحد ولم يتكلم في إسناده، بل رووه على سبيل القبول والتسليم، ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة هذا كلام أبي عبد الله بن منده.
«زاد المعاد» (3/591-592).

وقال –رحمه الله-:
هذا حديث كبير مشهور، جلالة النبوة بادية على صفحاته تنادي عليه بالصدق، صححه بعض الحفاظ، حكاه شيخ الإسلام الأنصاري، ولا يعرف إلا من حديث أبي القاسم عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني، ثم من رواية إبراهيم بن حمزة الزبيري المدني عنه، وهما من كبار علماء المدينة، ثقتان محتج بهما في الصحيح، احتج بهما البخاري في مواضع من صحيحه وروى هذا الحديث أئمة الحديث في كتبهم، منهم عبد الله بن الإمام أحمد، وأبو بكر بن عمرو بن أبي عاصم وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر أبو الشيخ الأصبهاني الحافظ، وأبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده، وأبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه، وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، وخلق سواهم، رووه في السنة وقابلوه بالقبول وتلقوه بالتصديق والتسليم.
قال الحافظ أبو عبد الله بن منده: روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصنعاني وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقرؤه بالعراق بجمع العلماء وأهل الدين، ولم ينكره أحد منهم، ولم يتكلم في إسناده، وكذلك رواه أبو زرعة وأبو حاتم على سبيل القبول.
وقال أبو الخير عبد الرحيم محمد بن الحسن بن محمد بن حمدان بعد أن أخرجه في «فوائد أبي الفرج الثقفي»: هذا حديث كبير ثابت حسن مشهور، وقد روى منه الإمام أحمد في مسنده فصل: (الضحك)، وروى منه فصل: (الرؤية)، وروى منه فصل: (فأين من مضى من أهلك)، وروى منه: (قلت يا رسول الله كيف يحمل الموتى)، لكن بغير هذا الإسناد، وابنه ساقه بكماله في مسند أبيه وفي السنة.
«مختصر الصواعق» (ص461-462).

وقال ابن تيمية –رحمه الله-:
حديث أبي رزين العقيلي -الحديث الطويل- قد رواه جماعة من العلماء وتلقاه أكثر المحدثين بالقبول وقد رواه ابن خزيمة في «كتاب التوحيد» وذكر أنه لم يحتج فيه إلا بالأحاديث الثابتة.
«الفتاوى» (6/497).

وقال ابن رجب –رحمه الله-:
وقد ذكر أبو عبد الله بن منده إجماع أهل العلم على قبول هذا الحديث ونقل عباس الدوري، عن ابن معين أنه استحسنه.
«الفتح» (4/322).

وللوقوف على معاني غريب هذا الحديث ينظر «زاد المعاد» لابن القيم -رحمه الله-.

[مستفاد بتمامه من مقال لأحد الإخوة على الشبكة العالمية وأعدت نشره هنا للفائدة]