بيان
علة حديث أبي هريرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكبر عليها
أربعًا ثم أتى قبر الميت فحثا عليه من قبل رأسه ثلاثًا».
قال ابن
ماجه في «السنن» :
[باب ما
جاء في حثو التراب في القبر]
1565 -
حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي حدثنا يحيى بن صالح حدثنا سلمة بن كلثوم حدثنا
الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة: «أن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت فحثى عليه قبل رأسه ثلاثًا».
ورواه الطبراني في «الأوسط» (4673) وأبو بكر
بن أبي داود في «كتاب التفرد» له وصححه كما في «التلخيص الحبير» (2/280).
لكن قال
أبو حاتم الرازي: هذا حديث باطل. وفي موضع آخر أعله بالإرسال.
انظر
«العلل» لابن أبي حاتم (483) و (1026).
وقال
الدارقطني في «العلل» عند كلامه على حديث أبي سلمة عن أبي هريرة: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا صلى على الجنازة، قال: «اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا
وغائبنا» ... الحديث:
وزاد
فيه –أي: سلمة بن كلثوم- ألفاظًا لم يأت
بها غيره، وهي قوله: أنه أتى القبر فحثى عليه ثلاثًا وكبر على الجنازة أربعًا.
ثم عد
جماعة ممن روى هذا الحديث عن الأوزاعي منهم:
عيسى بن
يونس، وأبو الحسن (كذا؛ ولعله أبو إسحاق) الفزاري، والمعافى بن عمران، والوليد بن
مسلم، وبقية بن الوليد، والوليد بن مزيد وغيرهم.
وممن
رواه عن الأوزاعي أيضاً وذكره المحققُ في الحاشية: إسماعيل بن عياش
والهقل بن زياد وشعيب بن إسحاق.
وكذلك رواه جماعة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة.
وقد
توسع الدارقطني في ذكر طرق هذا الحديث واختلاف الرواة فيه ورجح عن يحيى بن أبي
كثير عن أبي سلمة مرسلاً.
انظر
تمام كلامه في «العلل» (9/321-325/1794).
وقال
كما في «أطراف الغرائب والأفراد» (5626) :
حديث:
صلى رسول الله على جنازة ... الحديث. فيه سنن تفرد بها سلمة بن كلثوم عن
الأوزاعي عنه.
وقال
الطبراني في «الأوسط» (4673) : لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا سلمة بن كلثوم،
تفرد به يحيى بن صالح.
وقد وثق
سلمة بن كلثوم أبو اليمان وغيره كما في «التهذيب» (2466)، لكن قال الدارقطني عن
سلمة بن كلثوم: شامي يهم كثيرًا. «العلل» (8/24). وليس لسلمة هذا في الكتب الستة إلا هذا الحديث!
فيستفاد
مما سبق أن الحديث لا يصح من وجهين:
أن
الصواب فيه عن أبي سلمة مرسلاً.
وأن
سلمة بن كلثوم تفرد بلفظه دون كل من روى الحديث من أصحاب الأوزاعي الذين تقدم
ذكرهم، ودون كل من رواه عن يحيى بن أبي كثير وغيره.
فلا
يقبل تفرده هذا حتى وإن كان ثقة لا مغمز فيه؛ فكيف وقد قال فيه الدارقطني ما قال؟.
وللمزيد
حول مسألة (التفرد) وصنيع الأئمة الحفاظ في إعلال الأحاديث به انظر هنا.
ولمعرفة طبقات أصحاب الأوزاعي ومراتبهم في الرواية عنه انظر «شرح العلل» لابن رجب (2/730).
وفي باب
حثي التراب على القبر آثار عن السلف راجعها في «المصنف» لابن أبي شيبة (3/20) باب:
(في الميت يحثى في قبره) ، و«المصنف» لعبد الرزاق (3/501) باب: (حثي التراب) ،
و«الأوسط» لابن المنذر (5/461) باب: (ذكر حثي التراب على القبر) ، و«السنن الكبرى»
للبيهقي (3/574) باب: (إهالة التراب في القبر بالمساحي وبالأيدي).