السبت، 9 أغسطس 2014

بيان ضعف حديث: «سبع يجري أجرها للعبد بعد موته وهو في قبره من علم علماً أو أجرى نهراً أو حفر بئراً أو غرس نخلاً أو بنى مسجداً أو ورث مصحفاً أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته».

بيان ضعف حديث: «سبع يجري أجرها للعبد بعد موته وهو في قبره من علم علماً أو أجرى نهراً أو حفر بئراً أو غرس نخلاً أو بنى مسجداً أو ورث مصحفاً أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته».

روى البزار (7289) وابن خزيمة (2490) وابن أبي داود في «المصاحف» (815) وابن حبان في «المجروحين» (2/247) والأصبهاني في «الحلية» (2/343) -والسياق له- والبيهقي في «الشعب» (3175) من طرق عن أبي نعيم عبد الرحمن بن هانئ النخعي، قال: ثنا محمد بن عبيد الله العرزمي، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبع يجري أجرها للعبد بعد موته وهو في قبره من علم علماً أو أجرى نهراً أو حفر بئراً أو غرس نخلاً أو بنى مسجداً أو ورث مصحفاً أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته».

وعند ابن أبي داود: (عن قتادة عن يزيد الرقاشي عن أنس).

وهذا إسناد واهٍ؛ فمحمد بن عبيد الله العرزمي متروك. انظر «تهذيب الكمال» (5434).

(فصل)
قال ابن ماجه في «سننه» :
242 - حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن وهب بن عطية قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا مرزوق بن أبي الهذيل قال: حدثني الزهري قال: حدثني أبو عبد الله الأغر، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، يلحقه من بعد موته».

ورواه البيهقي في «الشعب» (3174) من طريق محمد بن يحيى ولم يذكر (ومصحفاً ورثه).

تفرد بهذا الحديث عن الزهري مرزوق بن أبي الهذيل الثقفي أبو بكر الدمشقي:
قال أبو حاتم: سمعت دحيماً يقول: هو صحيح الحديث عن الزهري.
وقال أبو حاتم: حديثه صالح.
وقال أبو بكر بن خزيمة: ثقة.
وقال البخاري: تعرف وتنكر.
وقال أبو أحمد بن عدي: ما أعلم روى عنه غير الوليد بن مسلم، وأحاديثه يحمل بعضها بعضا، ويكتب حديثه.
وذكره ابن حبان في «المجروحين» وقال: ينفرد عن الزهري بالمناكير التي لا أصول لها من حديث الزهري, كان الغالب عليه سوء الحفظ فكثروهمه، فهو فيما انفرد من الاخبار ساقط الاحتجاج به, وفيما وافق الثقات حجة إن شاء الله.
وذكره العقيلي في «الضعفاء» وذكر حديثا خولف في سنده.
وذكر له الدارقطني في «العلل»حديثًا عن الزهري وهم فيه .

انظر «الضعفاء» للعقيلي (1795) و«المجروحين» (1086) و«العلل» للدارقطني (126) و«تهذيب الكمال» (5857) «تهذيب التهذيب» (10/86) وغيرها.

وتفرده عن الزهري بمثل هذا الحديث دون بقية أصحابه المعروفين يدفع القول بقبوله كما قال ابن حبان.

قال مسلم في «مقدمة صحيحه» (1/6) :
«فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته، وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك، قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق منهم في أكثره، فيروي عنهما، أو عن أحدهما العدد من الحديث مما لا يعرفه أحد من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس والله أعلم».

فيقال: أين مالك وعبيد الله بن عمر ومعمر ويونس وعقيل وشعيب وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر ومحمد بن الوليد الزبيدي وإبراهيم بن سعد والأوزاعي والليث والنعمان بن راشد وابن عيينة وغيرهم عن هذا الحديث؟

ولهذا المسلك في الإعلال نظائر عند أهل النقد أمثل له بعدة أمثلة ليتضح إن شاء الله:

مثال ذلك:
قال الخطيب في «تاريخ بغداد» (11/494) :
أنبأنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب، قال: أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران، قال: قرأت على أبي الحسين محمد بن طالب بن علي فأقر به، قال: سألت أبا علي صالح بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، فقال: قد روى عن أبيه أشياء لم يروها غيره.
وتكلم فيه مالك بن أنس بسبب روايته كتاب «السبعة» عن أبيه وقال: أين كنا نحن من هذا؟!

مثال آخر:
قال ابن أبي حاتم في «العلل» :
886 - وسمعت أبي وذكر حديثا رواه قران بن تمام، عن أيمن بن نابل، عن قدامة العامري؛ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، يستلم الحجر بمحجنه.
فسمعت أبي يقول: لم يرو هذا الحديث عن أيمن إلا قران، ولا أراه محفوظاً، أين كان أصحاب أيمن بن نابل عن هذا الحديث؟!

مثال آخر:
قال ابن أبي حاتم في «العلل» :
467 - وسألت أبي عن حديث رواه برد ابن سنان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يصلي، فاستفتحت الباب، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ففتح الباب، ومضى في صلاته.
قلت لأبي: ما حال هذا الحديث؟
فقال أبي: لم يرو هذا الحديث أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم غير برد، وهو حديث منكر، ليس يحتمل الزهري مثل هذا الحديث، وكان برد يرى القدر.

وأختم بكلام للحافظ الجوزجاني لعله يلقي الضوء على المسألة عموماً وعلى حديثنا خصوصاًَ:

قال الجوزجاني بعد كلامه عن أصحاب الزهري الثقات وبيان مراتبهم في تثبتهم من حديثه:
فما وجدت من حديث يحكى عن الزهري ليس له أصل عند هؤلاء فتأن في أمره.
وابن إسحاق روى عن الزهري إلا أنه يمضغ حديث الزهري بمنطقه حتى يعرف من رسخ في علمه أنه خلاف رواية أصحابه عنه، وإبراهيم بن سعد صحيح الرواية من الزهري.
وذكر قوماً رووا عن الزهري قليلاً أشياء يقع في قلب المتوسع في حديث الزهري أنها غير محفوظة. منهم، برد بن سنان، وروح بن جناح، وغيرهما، انتهى كلام الجوزجاني.
«شرح علل الترمذي» لابن رجب (2/674) وانظر ما قبله.

وهذه الأمثلة استفدتها من بحث لأحد الباحثين المعاصرين.