السبت، 3 مايو 2014

بحث في حديث: «التاجر الأمين الصدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة».

بحث في حديث: «التاجر الأمين الصدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة».

قال ابن ماجه –رحمه الله- في "سننه":
2139 - حدثنا أحمد بن سنان قال: حدثنا كثير بن هشام قال: حدثنا كلثوم بن جوشن القشيري عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التاجر الأمين الصدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة».

ورواه الطبراني في "الأوسط" (7394) وقال:
لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا كلثوم بن جوشن، تفرد به: كثير بن هشام.
ورواه الدارقطني في "سننه" (2812) وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" (215)  وغيرهم من طرق عن كثير بن هشام.

وفي سنده كلثوم بن جوشن:
قال يحيى بن معين ليس به بأس.
ونقل ابن حجر أن البخاري وثقه, وقد ترجم له البخاري في التاريخ الكبير ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

لكن: قال أبو حاتم: ضعيف الحديث.
وقال أبو داود: منكر الحديث.
وقال الأزدي: منكر الحديث.
وقال ابن حبان: ممن يروي عن الثقات المقلوبات وعن الأثبات الموضوعات لا يحل الاحتجاج به بحال, وأورد حديثه عن أيوب.

انظر الجرح والتعديل للرازي (7/164) والتاريخ الكبير للبخاري (7/228) وتهذيب المزي (4986) وسؤالات أبي عبيد الآجري (1338) والمجروحين (905) والميزان (6968) وتهذيب ابن حجر (8/443).

ولو سلمنا أن خلاصة القول في هذا الراوي أنه صدوق حسن الحديث وليس ضعيفاً؛ فيجدر التّنبه إلى أن أيوب -رحمه الله- من المكثرين من الرواية والأصحاب, وفيهم من هو من جبال الحفظ وفرسان الإسناد, ولم يرو أحد منهم هذا الحديث عنه, فمن أين لمثل ابن جوشن أن ينفرد دونهم عن شيخهم؟! والذي لا يكاد يعرف إلا بهذا الحديث!

ومنهم: إسماعيل ابن علية وحماد بن زيد وشعبة بن الحجاج والثوري وعبد الوارث بن سعيد وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ووهيب بن خالد وغيرهم.
وانظر تهذيب المزي (607).

قال أبو الحسين مسلم بن الحجاج -رحمه الله- في "مقدمة صحيحه" (1/6) :
«فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته، وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك، قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق منهم في أكثره، فيروي عنهما، أو عن أحدهما العدد من الحديث مما لا يعرفه أحد من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس والله أعلم».

فلا يعني أنّا كلما رأينا صدوقاً في إسناد قلنا هذا حديث حسن, وإذا رأينا ثقة قلنا حديث صحيح!

وقد أعل أبو حاتم الرازي -رحمه الله- هذا الحديث وقال: حديث لا أصل له!
قال ابن أبي حاتم في "العلل":
1156 - وسألت أبي عن حديث رواه كثير بن هشام عن كلثوم بن جوشن عن أيوب السختياني عن نافع، عن ابن عمر؛ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة؟

قال أبي: «هذا حديث لا أصل له، وكلثوم ضعيف الحديث».

وقد روى الترمذي (1209) والدارمي (2581) وعبد بن حميد "كما في المنتخب" (966) من طرق عن سفيان، عن أبي حمزة، عن الحسن، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين، والصديقين، والشهداء».

واختُلِف في تعيين أبي حمزة في هذا الإسناد:

فقال عبد الله الدارمي: أبو حمزة هذا هو صاحب إبراهيم، وهو ميمون الأعور .

وميمون هذا متروك, انظر ترجمته في "التهذيب" للمزي (6346).

وقال الترمذي: وأبو حمزة: اسمه عبد الله بن جابر وهو شيخ بصري.
وتبعه في تعيين أبي حمزة: ابن كثير في "التفسير" (2/312), والمزي في "التهذيب" (3195) وغيرهم.

وبأي حال فالحديث سنده منقطع بين الحسن وأبي سعيد:
قال ابن أبي حاتم في "المراسيل":
130 - حدثنا محمد بن أحمد بن البراء قال: قلت لعلي بن المديني: الحسن سمع من أبي سعيد الخدري؟ قال: لا, لم يسمع منه شيئاً, كان بالمدينة أيام كان ابن عباس بالبصرة استعمله عليها علي رضي الله عنه وخرج إلى صفين.

وقال عبد الله الدارمي: لا علم لي به إن الحسن سمع من أبي سعيد.

وقد روي عن أبي حمزة عن الحسن من قوله:
قال ابن أبي شيبة في "المصنف":
23089 - حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا مالك بن مغول، عن أبي حمزة، عن الحسن، قال: «التاجر الأمين الصادق مع الصديقين والشهداء»، قال: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: صدق الحسن، أو ليس في جهاد.

وفي قول أبي حمزة: "فذكرت ذلك لإبراهيم" دليل على صحة قول الدارمي في تعيين أبي حمزة أنه ميمون الأعور, إذ أنه من أصحاب إبراهيم ومعروف به, خلافاً للآخر.

فائدة:
قال إسماعيل التيمي في "الترغيب":
794- أخبرنا عبد السلام بن محمد ببغداد، أنبأ عبد الجبار بن أحمد قال: حدثني أبو بكر: محمد بن إبراهيم بن الحسن بن كوهة المؤذن بخان النجاد، ثنا أبو جعفر: محمد بن عمر أبو حفص الضرير، ثنا يحيى بن شبيب، ثنا حميد، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة».

هذا في سنده  يحيى بن شبيب:

قال ابن حبان: لا يحتج به بحال، يروي عن الثوري ما لم يحدث به قط.
قال الخطيب: روى أحاديث باطلة.
وقال الحاكم وأبو سعيد النقاش وأبو نعيم: يروي عن الثوري، وَغيره أحاديث موضوعات.
انظر اللسان (8/450).

وقال الخلال في الحث على "التجارة":
65 - حدثني يحيى، أنبأ عبد الوهاب، أنبأ سعيد، عن قتادة، قال: «كنا نحدث أن التاجر، الصدوق الأمين مع السبعة في ظل العرش يوم القيامة».

وهو عند الطبري في "تفسيره" (9144) بأتم من هذا.