الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

[بيان كذب رواية جاء فيها أن إبراهيم بن طهمان لم يكن مرجئًا]

[بيان كذب رواية جاء فيها أن إبراهيم بن طهمان لم يكن مرجئًا]

قال أحدهم في مقال له على الشبكة يرد فيه على آخر:
وإرجاء بن طهمان وأمثاله لم يكن في إخراج العمل من الإيمان وإنما له صورة أخرى قال أبو الصلت: لم يكن إرجاؤهم هذا المذهب الخبيث أن الإيمان قول بلا عمل، وأن ترك العمل لا يضر بالإيمان، بل كان إرجاؤهم أنهم كانوا يرجون لأهل الكبائر الغفران، ردًا على الخوارج وغيرهم الذين يكفرون الناس بالذنوب، فكانوا يرجون، ولا يكفرون بالذنوب، ونحن كذلك.
[تاريخ بغداد 7/13 ط بشار].

وكان في مقاله قد دقق النظر جدًا في إسناد لم يرتضه، وعندما استدل بهذا الخبر حذف إسناده بالكلية، ولعل ذلك وقع سهوًا منه، لكن بأي حال فالمقصود بيان ضعف هذه الرواية ووهائها وأسوق سندها مبينًا ما فيه مستعينًا بالله:

قال الخطيب في «تاريخ بغداد» (7/13) : أخبرنا محمد بن عمر بن بكير، قال: أخبرنا الحسين بن أحمد الصفار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن ياسين، قال: سمعت أحمد بن نجدة، وعلي بن محمد، يقولان: سمعنا أبا الصلت، يقول: سمعت سفيان بن عيينة، يقول: ما قدم علينا خراساني أفضل من أبي رجاء عبد الله بن واقد الهروي، قلت له: فإبراهيم بن طهمان قال: كان ذاك مرجئا، قال علي: قال أبو الصلت: لم يكن إرجاؤهم هذا المذهب الخبيث .. إلخ.


وهذا إسناد واهٍ تالف؛ أما الحسين بن أحمد الصفار فهو المعروف بالشماخي:
قال البرقاني: كتبت عنه ثم بان لي أنه ليس بحجة.
وقال الحاكم: كذّاب لا يشتغل به.
وانظر ترجمته في «تاريخ بغداد» (8/515/ 3996) ففيها مزيد بيان لحاله وانظر «اللسان» (3/131/2431).

وأما أحمد بن محمد بن ياسين فهو أبو إسحاق الهروي:
قال السلمي: وسألته أي: الدارقطني- عن أبي بشر المصعبي؟ فقال: كذّاب، يضع الحديث، لا خير فيه. قال: وسألته عن أبي إسحاق بن ياسين الهروي ؟ فقال: شر من أبي بشر، وحسبك من يكون شر من أبي بشر عارًا.
وقال الدارقطني مرة: متروك.
 وقال الإدريسي: كان يحفظ سمعت أهل بلده يطعنون فيه، وَلا يرضونه انتهى.
وقال الخليلي: ليس بالقوي روى نسخًا لا يتابع عليها.
انظر «سؤالات السلمي» للدارقطني (ص94) و«اللسان» (1/643/798) و«السير» (15/339/177).

وقد روى الخطيب بهذه السلسلة الصدئة غالب الأخبار في مدح وتقريظ إبراهيم بن طهمان.

ثم لو صح هذا الخبر أقصد قول أبي الصلت- فهل يترك قول أحمد وسفيان الثوري وأبي داود والعقيلي وغيرهم لقول أبي الصلت الهروي؟! فقد وصفوا جميعًا ابن طهمان بالإرجاء، بل وأنه كان يدعو إليه.

فأحمد يقول: كان مرجئًا يتكلم. 
وقال: كان يرى الإرجاء.
وأبو داود يقول: نقل أهل نيسابور من قول جهم إلى الإرجاء.
والعقيلي يقول: كان يغلو في الإرجاء.
وسفيان الثوري هجر رجلاً لأنه جالسه فقط.
انظر «تاريخ بغداد» (7/13) وضعفاء العقيلي (1/56).

فهل هؤلاء الأئمة لا يعلمون أنواع الإرجاء؟ وبأي الأنواع كان ابن طهمان يتلبس؟ حتى نستسيغ أن نحكي ونثبت قول أبي الصلت الهروي في الاستدراك عليهم؟!

ويا ليت شعري من هو أبو الصلت هذا؟
أبو الصلت هذا قال فيه الدارقطني: رافضي خبيث. واتهمه بوضع حديث وكذلك اتهمه ابن عدي وغيره وفيه كلام كثير راجعه في ترجمته في «تاريخ بغداد» (21/315/5681).