[الأقوال في صفة الإقامة]
قال ابن رجب:
واختلف
العلماء في صفة الإقامة على أقوال:
أحدها:
أنها فرادى سوى التكبير فإنه مرتين في أولها وآخرها، وهذا قول مالك والليث
والشافعي في القديم.
وممن
روي عنه الأمر بإفراد الإقامة: ابن عمر وسلمة بن الأكوع وعطاء والحسن وعمر بن عبد
العزيز وعروة، ومكحول والزهري، وقالا: مضت السنة بذلك.
وقال
بكير بن الأشج: أدركت أهل المدينة على ذلك.
والقول
الثاني: أنه تفرد الإقامة سوى التكبير، وكلمة الإقامة فإنها تُثنَّى، وهو
المشهور من مذهب الشافعي وقول أحمد وإسحاق. وروي عن الحسن ومكحول والزهري
والأوزاعي.
وللشافعية
وجه - ومنهم من حكاه قولاً -: أنه يفرد التكبير - أيضًا - في أول الإقامة وآخرها،
مع إفراد لفظ الإقامة.
ولهم
قول آخر: أنه يفرد التكبير في آخرها خاصة، مع لفظ الإقامة.
والثالث:
أن الإقامة كالأذان مثنى مثنى؛ لحديث أبي محذورة.
وروي
- أيضًا - من حديث ابن أبي ليلى، عن معاذ وعن بلال وعن أصحاب محمد، كما سبق ذكر الإختلاف
عنه.
وهو
قول الكوفيين: النخعي والثوري وأبي بكر بن أبي شيبة، وهو قول مجاهد وابن المبارك.
وروي
عن علي، وذكره حجاج بن أرطاة، عن أبي إسحاق، عن أصحاب علي وابن مسعود.
وروي
- أيضا - عن سلمة بن الأكوع.
وقال
النخعي: لا بأس إذا بلغ «حي على الصلاة، حي على الفلاح» أن يقولها مرة مرة.
ولو
أن الأذان يؤذن فأقام، فقال النخعي والشعبي: يعيد الأذان.
وقال
الثوري: يجعل إقامته إذا قام [....] .
ومذهب
مالك: أنه يعيد الأذان؛ لكنه يرى الإقامة فرادى.
والرابع:
أنه يجوز تثنية الإقامة وإفرادها، والإفراد أفضل، وهو قول أحمد وإسحاق وجماعة من
فقهاء أهل الحديث؛ لورود الحديث بذلك كله.
وكذا
قال ابن خزيمة؛ لكنه قال: يجوز الترجيع في الأذان مع تثنية الإقامة، وتثنية الأذان
بغير ترجيع مع إفراد الإقامة.
فأما
تثنية الأذان من غير ترجيع وتثنية الإقامة، فلم يصح ذلك عن النبي - صلى الله عليه
وسلم -.
والخامس:
إن أذن وأقام أفرد الإقامة، وإن صلى وحده، وإن اقتصر على الإقامة ثنَّاها لتكون له
تأذينًا، روي ذلك عن أبي العالية وسليمان بن موسى، ونقله حرب عن إسحاق.
«الفتح»
(5/212) بتصرف يسير.