بيان
علة حديث «إن الشيطان يمشي بالنعل الواحدة».
قال
الطحاوي في «شرح مشكل الآثار»:
1358-
حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، قال: ثنا ابن وهب، عن الليث بن سعد، عن جعفر بن
ربيعة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى
عن المشي في النعل الواحدة، وقال: «إن الشيطان يمشي بالنعل الواحدة».
وتابع
الوليدُ بن مسلم ابنَ وهب عن الليث؛ رواه حرب الكرماني في «مسائله» (2/863).
وقد
خولف جعفر بن ربيعة في متنه؛ فقد رواه أبو الزناد عن الأعرج ولفظه:
«لا
يمشين أحدكم في نعل واحدة، لينعلهما جميعًا أو ليحفهما جميعًا».
رواه
مالك في «الموطأ» (2/916) عن أبي الزناد، وهو في البخاري (5856) وغيره.
ورواه ابن عيينة عن أبي الزناد، وروايته في «المسند» (7349) وغيره.
وجعفر
بن ربيعة وإن كان ثقة؛ فهو لا يداني أبا الزناد في الحفظ والإتقان، وخاصة في
الأعرج فهو أروى الناس عنه، ومن أثبتهم فيه.
وقد عد البخاري من أصح الأسانيد: أبو
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
وقد
رواه عن أبي هريرة أيضًا:
1- محمد
بن زياد الجمحي كما عند مسلم (2097) وغيره، ولفظه: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ
باليمنى، وإذا خلع فليبدأ بالشمال، ولينعلهما جميعًا، أو ليخلعهما جميعًا».
2- سعيد
بن أبي سعيد كما عند ابن ماجه (3617) وغيره، ولفظه: «لا يمش أحدكم في نعل واحد ولا
خف واحد، ليخلعهما جميعًا، أو ليمش فيهما جميعًا».
3- همام
بن منبه كما في «صحيفته» (39) وهو في «المسند» (8151) ضمن روايته لـ «صحيفة همام»، ولفظه: «إذا انقطع شسع نعل أحدكم، أو شراكه، فلا يمش في إحداهما بنعل والأخرى
حافية، ليحفهما جميعًا، أو لينعلهما جميعًا».
4- أبو
صالح وأبو رزين كما عند مسلم (2098) وأحمد (10188) ولفظ أحمد: «إذا انقطع شسع
أحدكم، فلا يمش في النعل الواحدة».
5-
سلمان الأغر كما عند البزار (8280) ولفظه: «لا يمشين أحدكم في نعل واحدة
ليخلعهما جميعًا، أو لينعلهما جميعًا».
وهذه الرواية
من طريق خالد بن مخلد القطواني، وقد روى أحاديث مناكير، فلعل البزار أخرجها في «مسنده
المعلل» لينبه على أنها غير محفوظة والله أعلم.
وروى
مسلم (2099) من طريق أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: - «إذا انقطع شسع أحدكم»، أو «من
انقطع شسع نعله، فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه، ولا يمش في خف واحد، ولا
يأكل بشماله، ولا يحتبي بالثوب الواحد، ولا يلتحف الصماء».
والخلاصة أن جعفر بن ربيعة زاد هذه اللفظة في الحديث وتفرد بها عن الأعرج عن أبي هريرة
دون أبي الزناد، ودون أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه.
وكذلك فلم ترو هذه اللفظة في
شيء من دواوين السنة وكتبها المعروفة المشهورة، وهذا أيضًا يشعر بعدم ثبوتها؛ لإعراض مصنفي هذه الكتب عن إخراجها والله أعلم.
قال ابن رجب في معرض كلامه على حديث أنس في البسملة: من اتقى وأنصف علم أن حديث أنس الصحيح الثابت لا يدفع بمثل هذه المناكير والغرائب والشواذ التي لم يرض بتخريجها أصحاب الصحاح، ولا أهل السنن مع تساهل بعضهم فيما يخرجه، ولا أهل المسانيد المشهورة مع تساهلهم فيما يخرجونه.
قال ابن رجب في معرض كلامه على حديث أنس في البسملة: من اتقى وأنصف علم أن حديث أنس الصحيح الثابت لا يدفع بمثل هذه المناكير والغرائب والشواذ التي لم يرض بتخريجها أصحاب الصحاح، ولا أهل السنن مع تساهل بعضهم فيما يخرجه، ولا أهل المسانيد المشهورة مع تساهلهم فيما يخرجونه.
«الفتح»
(6/406).
وقال: ونجد كثيراً ممن ينتسب إلى الحديث، لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة، وبمثل «مسند البزار»، و«معاجم الطبراني»، و«أفراد الدارقطني»، وهي مجمع الغرائب والمناكير.
«شرح
العلل» (2/624).
ولغير واحد نحو كلام ابن رجب هذا وفي معناه، والله المستعان.
وفي الباب آثار في جواز المشي في نعل واحدة عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم وغيرهما من السلف، وكذلك في كراهته.
انظر مصنف ابن أبي شيبة (5/175) ومصنف عبد الرزاق (11/166).