[ ما جاء فيمن اشتغل بعيوب
الناس عن عيوبه ]
قال الإمام أحمد في "المسند":
19776 - حدثنا أسود بن عامر شاذان، حدثنا أبو
بكر يعني ابن عياش، عن الأعمش، عن سعيد بن عبد الله بن جريج، عن أبي برزة الأسلمي
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان
قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله
عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته».
وفي سند هذا الحديث بحث. انظر «التاريخ الكبير»
للبخاري (3/ 487) و«العلل» للدارقطني (1160).
وقال البخاري في كتاب "الأدب
المفرد":
592 - حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون قال: حدثنا
مسكين بن بكير الحذاء الحراني، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم قال: سمعت أبا
هريرة رضي الله عنه يقول: يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذل، أو الجذع،
في عين نفسه.
قال أبو عبيد: الجذل: الخشبة العالية الكبيرة.
وقال الإمام أحمد في كتاب "الزهد":
1046 - حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا
إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا أردت أن
تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوب نفسك.
وقال ابن أبي الدنيا في كتاب "ذم
الغيبة":
61 - حدثني عبد الله بن أبي بدر، أخبرنا يزيد
بن هارون، عن المسعودي، عن عون بن عبد الله، قال: ما أحسب أحدا تفرغ لعيوب الناس
إلا من غفلة غفلها عن نفسه.
وقال في كتاب "الصمت":
197 - حدثنا نصر بن طرخان، حدثنا عمران بن خالد
الخزاعي قال: كان الحسن رضي الله عنه يقول: ابن آدم، إنك لن تصيب حقيقة الإيمان
حتى لا تعيب الناس بعيب هو فيك، وحتى تبدأ بصلاح ذلك العيب فتصلحه من نفسك، فإذا
فعلت ذلك كان شغلك في خاصة نفسك، وأحب العباد إلى الله من كان هكذا.
وقال في كتاب "مداراة الناس":
144 - حدثنا محمد بن بشير، حدثنا جميع بن عبد
الله الهجيمي، عن عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني، عن أبيه، قال: إذا رأيتم
الرجل موكلًا بذنوب الناس، ناسٍ لذنوبه، فاعلموا أنه قد مُكر به.
وقال ابن جرير في "تفسيره" (24/63) :
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن
قتادة، قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} إذا شئت والله رأيته بصيرًا بعيوب الناس
وذنوبهم، غافلاً عن ذنوبه؛ قال: وكان يقال: إن في الإنجيل مكتوبًا: يا ابن آدم
تبصر القذاة في عين أخيك، ولا تبصر الجذع المعترض في عينك.
وقال الحميدي في كتاب "التذكرة":
10 - أخبرنا أبوالقاسم الشيباني: حدثنا أبو
طالب أحمد بن نصر الحافظ: حدثنا إسحاق الفروي، سمعت مالك بن أنس يقول: أدركت بهذه
البلدة - يعني المدينة - أقواما لم يكن لهم عيوب، فعابوا الناس فصارت لهم عيوب،
وأدركت بهذه البلدة أقواما كانت لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فنُسِيَتْ عيوبهم.
وقال حمزة السهمي في "تاريخ جرجان"
(ص252) :
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن العاصمي، حدثني أبو
حاتم الرازي، أحمد بن الحسن بن هارون، بأصبهان: وأدركت بهذه البلدة أقواما كانت
لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فنسيت عيوبهم.
وقال البيهقي في "شعب الإيمان":
9216 - أنشدنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنشدني
أبو الحسن بن سفيان الكوفي، أنشدني أبو العباس الرهبي:
لا تهتكن من مساوي الناس ما سُترا ** فيهتك
الله سترًا عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكروا ** ولا تَعِب
أحدًا منهم بما فيكا
ومما يذكر في هذا الباب ما ينسب للشافعي رحمه
الله، وهو في ديوانه ص108:
إذا رمتَ أن تحيا سليمًا منَ الرَّدى **
وَدِيُنكَ مَوفُورٌ وَعِرْضُكَ صَيِّنُ
فَلاَ يَنْطقنْ مِنْكَ اللسَانُ بِسوأةٍ **
فَكلُّكَ سَوءاتٌ وَلِلنَّاسِ أعْينُ
وَعَاشِرْ بمَعْرُوفٍ وَسَامِحْ مَنِ اعتَدَى
** ودافع ولكن بالتي هي أحسنُ
أسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا وأن يعيننا على
إصلاحها.