الخميس، 9 يوليو 2020

[ جزء في الكلام على حديث: «‌الحِنُّ الكلابُ المعينة» ومعه بعض الفوائد ]


[ جزء في الكلام على حديث: «‌الحِنُّ الكلابُ المعينة» ومعه بعض الفوائد ]
قال أبو الحسن الدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (١/ ٥٠٧):
‌الحِنُّ([1]) بالنون وكسر الحاء. يقال: هم ضعفة ‌الجِنِّ وذكرهم في حديث يرويه علي بن أبي طالب عليه السَّلام ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: الكلاب من ‌الحِنِّ.
حَدَّثَنا جَعْفَر بن نُصَيْر([2]) ، حَدَّثَنا أحمد بن أبي عَوْف ، حَدَّثَنا أبو حُمَة([3]) ، حَدَّثَنا أبو قُرَّة([4]) ، عن الثَّوْري ، عن الحسن بن عُبَيد الله([5]) ، عن سَعْد بن عبيدة ، عَن أبي عبد الرَّحْمن ، عن علي ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «‌الحِنُّ الكلابُ المعينة».
وهذا سند ظاهره السلامة لكن روي موقوفًا:
قال أبو بكر الإسماعيلي في «معجم أسامي شيوخه» (١/ ٣٨٩):
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عوف، حدثنا أبو حمة محمد بن يوسف، حدثنا أبو قرة موسى بن طارق، عن سفيان الثوري، حدثني الحسن بن عبيد الله، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: قال علي بن أبي طالب: [الحن]([6]) ‌الكلاب ‌المعينة.
وقد قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اقتلُوا الأسودَ البَهيمَ ذا النُّقطَتينِ، فإنَّه شيطانٌ([7])».
أما الحديث المرفوع فغريب من حديث علي لم أقف على من تابع الإسماعيلي على تخريجه.
وأما الموقوف فقد توبع الثوري عليه عن الحسن النخعي:
قال أبو عثمان سعيد بن العباس الرازي: أخبرنا إبراهيم([8])، أنا جرير، عن الحسن بن عبيد الله، عن [سعد]([9]) بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن قال: قال علي: أما الجن فما قد عرفتم هي الجن، وأما [الحن]([10]) فهي الكلاب المعينة([11]).
أورده الشبلي في كتابه «آكام المرجان في أحكام الجان» [15/أ]([12]) نقلًا عن كتاب «الإلهام والوسوسة» لأبي عثمان الرازي([13]).
وقال ابن قتيبة في «المسائل والأجوبة » (ص٤٠٢):
١٨٥ - سألت عن قول علي: «الحن هي الكلاب المعينة»؟ الحن ضعفة ‌الجن، والكلاب المعينة هي التي ترى لها فوق عيونها كالعيون، وأكثر ما يرى ذلك في السود منها.
وقال الطبري في «تفسيره»:
٦٨٥ - حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: كان إبليس من حيّ من أحياء الملائكة يقال لهم"‌الحِن"، خلقوا من نار السَّموم من بين الملائكة. قال: فكان اسمه الحارث. قال: وكان خازنًا من خُزَّان الجنة. قال: وخلقت الملائكة من نورٍ غير هذا الحيّ. قال: وخلقت ‌الجنّ الذي ذكروا في القرآن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت.
وقال الترمذي:
1486 - حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا منصور بن زاذان، ويونس بن عبيد، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها كلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم».
قال الترمذي: حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صحيح، ويروى في بعض الحديث أن الكلب الأسود البهيم: شيطان، والكلب الأسود البهيم الذي لا يكون فيه شيء من البياض، وقد كره بعض أهل العلم صيد الكلب الأسود البهيم([14]).
وقال عبد الرزاق في «تفسيره» (٣/ ١٥٣):
٢٧٠٥ - عن الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن ‌مالك ‌بن ‌حصين بن عقبة الفزاري ، عن أبيه([15]) ، أن عليًا سئل عن الكلاب ، فقال: أمة من الأمم لعنت فجعلت كلابًا، وسئل عن قوله تعالى: {ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس} [فصلت: ٢٩] فقال: ابن آدم الذي قتل أخاه وإبليس.
ورواه الدارقطني في «العلل» (350) من طريق ابن مهدي عن الثوري به ولفظه: الكلاب أمة من الجن لعنت فجعلت كلابًا.
وقال إسماعيل بن أمية اثنان من الجن مسخا وهما ‌الكلاب ‌والحيات. أورده ابن عبدالبر في «التمهيد» (١٤/ ٢٢٩) بلا إسناد.
وقال أبو عثمان سعيد بن العباس الرازي([16]): أنا إبراهيم بن موسى، أنا أبو الأحوص، حدثنا سماك، عن بشر([17])، سمعت ابن عباس يقول وهو على منبر البصرة: إن الكلاب من [الحن]([18]) وهي ضعفة الجن فمن غشيه كلب على طعام فليطعمه أو ليؤخره.
أخبرنا إبراهيم، أنا وكيع، عن إسرائيل وسفيان، عن سماك بن حرب، عن بشر عن ابن عباس قال: الكلاب من [الحن]([19]) فإذا غشيتكم عند طعامكم فالقوا لهن فإن لها نفسًا.
قال ابن قتيبة في «تأويل مختلف الحديث» (ص208):
وليست تخلو الكلاب من أن تكون أمة من أمم السباع، أو تكون أمة من الجن، كما قال ابن عباس: الكلاب أمة من [الحن]([20]) وهي ضعفة الجن، فإذا غشيتكم عند طعامكم، فألقوا لها، فإن لها أنفسًا.
يعني: أن لها عيونًا، تصيب بها. والنفس: العين، يقال: أصابت فلانا نفس، أي: عين.
وقال أيضا: الجان مسيخ الجن، كما مسخت القردة من بني إسرائيل.
ولا يبعد أيضا، أن تكون الكلاب كذلك.
وهذه الأمور، لا تدرك بالنظر والقياس والعقول، وإنما ينتهى فيها إلى ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ما قاله من سمع منه وشاهده.
فإنهم لا يقضون على مثله إلا بسماع منه أو سماع ممن سمعه، أو بخبر صادق من خبر الكتب المتقدمة وليس هو من أمور الفرائض والسنن.
وليس علينا وكف ولا نقص، من أن تكون الكلاب من السباع، أو الجن، أو الممسوخ.
فإن كانت من السباع، فإنما أمر بقتل الأسود منها، وقال: هو شيطان؛ لأن الأسود البهيم منها أضرها وأعقرها، والكلب إليه أسرع منه إلى جمعها، وهو -مع هذا أقلها نفعا وأسوؤها حراسة، وأبعدها من الصيد، وأكثرها نعاسًا.
وقال: هو شيطان، يريد: أنه أخبثها، كما يقال فلان شيطان، وما هو إلا شيطان مارد، وما هو إلا أسد عاد، وما هو إلا ذئب عاد -يراد: أنه شبيه بذلك.
وقال (ص٤٧٨):
وقال ابن عباس في الكلاب: إنها من [‌الحن]([21]) وهي ضعفة ‌الجن، فإذا غشيتكم عند طعامكم، فألقوا لها، فإن لها أنفسًا.
يريد أن لها عيونًا تضر بنظرها إلى من يطعم بحضرتها.
وقال ابن الجوزي في «المناقب» ص326:
قرأت على محمد بن أبي منصور، عن أبي القاسم بن البسري، عن أبي عبد الله بن بَطة، قال: أخبرني محمد بن الحسين الآجري، قال: أخبرني محمد ابن كُردي، قال: حدثنا أبو بكر المرُّوذي، قال: كنتُ مع أبي عبد الله في طريق العَسكر، فنزلنا منزلاً، فأخرجتُ رغيفاً ووضعت بين يديه كوز ماء، فإذا بكلبٍ قد جاء فقام بحذائه، وجعل يُحرك ذنبه، فألقى إليه لقمة، وجعل يأكل ويلقي إليه لقمة، فخفت أن يضر بقوته فقمتُ فصحت به لأنحّيه من بين يديه، فنظرتُ إلى أبي عبد الله قد احمارًّ وتغير من الحياءِ وقال: دَعه، فإنَّ ابن عباس قال: لها أنفس سُوء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا
_______________________________________
([1]) قال أبو موسى المديني: ‌(حنن) في حديث علي، رضي الله عنه: «إن هذه ‌الكلاب التي لها ‌أربعة ‌أعين من الحن». الحن: حى من الجن، وهي ضعفة الجن. يقال: مجنون محنون، وهو الذي يصرع ثم يفيق زمانا. وقال سعيد بن المسيب: الحن: ‌الكلاب السود المعينة. وقال غيره: هي سفلة الجن، وقيل الجن ثلاثة أصناف: جن، وحن وبن. «المجموع المغيث» (١/ ٥١٤).
وفي «تهذيب اللغة» (٣/ ٢٨٥): حن: قَالَ اللَّيْث: الحِنّ: حَيّ من الجنّ، يُقَال: مِنْهُم الْكلاب السود البُهم. يُقَال: كلب حِنّي. ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الحِنّ: كلاب الجنّ. رُوي ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس. وَقَالَ غَيره، هم سَفِلة الْجِنّ. عَمْرو عَن أَبِيه المحنون: الَّذِي يُصرع ثمَّ يُفيق زَمَانا.
([2]) هو الخلدي.
([3]) هو محمد بن يوسف الزبيدى.
([4]) هو موسى بن طارق اليماني الزبيدي.
([5]) النخعي.
([6]) في الأصل: (الجن) بالمعجمة. نسخته في مكتبة ولي الدين (845) بتركيا.
([7]) الخبر المرفوع رواه مسلم (1572) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله مرفوعًا..
([8]) هو إبراهيم بن موسى الفراء الرازي المعروف بالصغير كان أحمد بن حنبل ينكر على من يقول له الصغير، ويقول: هو كبير في العلم والجلالة.
([9]) سقط من الأصل.
([10]) في الأصل: (الجن) بالمعجمة.
([11]) في المطبوع : (المعيبة).
([12]) أصل النسخة في مكتبة برنستون نشرها في الشبكة الأستاذ محمد بن تركي التركي.
([13]) هو أبو عثمان هو الصوفي الزاهد ترجمه ابن أبي حاتم وقال: سألت أبي عنه فقال: هذا رجل جليل كتب علمًا كثيرًا من الصالحين. «الجرح والتعديل» (4/ 54). وكذلك ترجمه أبو نعيم في «الحلية» (10/70).
([14]) وممن ذكر عنه كراهة صيد الأسود البهيم: الحسن البصري والنخعي وعروة بن الزبير وقتادة وقال: أمر بقتله فكيف يؤكل صيده. «مصنف ابن أبي شيبة» (10/ 418).
وقال الإمام أحمد: ما أعرف أحدًا رخص فيه إذا كان بهيمًا، وبه قال إسحاق. «مسائل الكوسج» (٢٨١٥).
([15]) ‌مالك ‌بن ‌حصين وأبوه ترجمهما البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيهما تعديلًا ولا جرحًا وأوردهما ابن حبان في ثقاته ووثق العجلي حصينًا.
([16]) «آكام المرجان» [15/أ].
([17]) هو بشر بن قحيف ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكره ابن حبان في الثقات.
([18]) في الأصل: (الجن).
([19]) في الأصل: (الجن). وفي كتاب «الحيوان» (١/ ١٩2): وقال صاحب الدّيك: روى إسماعيل المكي عن أبي عطاء العطاردي قال: سمعت ابن عبّاس يقول: السّود من الكلاب الجنّ، والبقع منها الحنّ. ويقال إنّ الحنّ ‌ضعفة ‌الجنّ.
وفيه (1/195): الثوريّ عن سماك بن حرب، أنّ ابن عباس قال على منبر البصرة: إنّ ‌الكلاب ‌من ‌الحنّ وإنّ الحنّ من ضعفة الجن، فإذا غشيكم منها شيء فألقوا إليها شيئا أو اطردوه، فإنّ لها أنفس سوء.
وفي «المنتظم» (١/ ١٦٩): وروى سماك بن حرب، عن بشر بن قحيف، عن ابن عباس، قال: إن ‌الكلاب ‌من [الحن]، وهي من ضعفاء الجن.
([20]) في المطبوع: (الجن).
([21]) في المطبوع: (الجن).