الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

[في كراهية رفع الصوت عند من يقرأ القرآن]

[في كراهية رفع الصوت عند من يقرأ القرآن]

قال ابن أبي شيبة في «المصنف» :

30173 - حدثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن أبي عبد الرحمن، قال: «القرآن وحشي، ولا يصلح مع اللغط».

اللغط: هو الجَلَبة والضجَّة والأصوات التي لاتفهم.


أبو عبد الرحمن هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة، أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي المقرىء؛ من كبار التابعين.
والأعمش يروي عنه بواسطة كما في الصحيحين وغيرهما، فلعله لم يسمع منه.

وقال:
30174 - حدثنا وكيع، قال: حدثنا هشام الدستوائي، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عبادة، قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند الذكر».

كذا وقع قيس بن عبادة، وقد أفادني أحد الإخوة أنه قيس بن عباد الضبعي البصري وهو من كبار التابعين. وجاء هكذا على الصواب في ط.دار القبلة.


وهذان الأثران بوب عليهما ابن أبي شيبة: (من كره رفع الصوت واللغط عند قراءة القرآن).

وقال عبد الرزاق في «المصنف» :
6281 - عن معمر، عن قتادة، عن الحسن قال: «أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحبون خفض الصوت عند الجنائز، وعند قراءة القرآن، وعند القتال».

وقال المخلِّص:
2135- (248) حدثنا عبيدالله: حدثنا أحمد: حدثنا أحمد: حدثنا أحمد بن وديع، عن أبي معاوية الأسود قال: «القرآن وحشي، إذا تُحدِّث وقُرئ نَفَر القرآن».

أبو معاوية الأسود، أحد الزهّاد
، صحِب إبراهيم بن أدهم والثَّوْريّ، وكان منقطعًا إلى العبادة.

[بابُ خَتْمِ القُرآنِ، وما جاءَ فيه]

[بابُ خَتْمِ القُرآنِ، وما جاءَ فيه]

قال ابن أبي شيبة:
30038 - حدثنا وكيع، عن مسعر، عن قتادة، عن أنس: «أنه كان إذا ختم جمع أهله».

وفي رواية: «أنه كان إذا أشفى على ختم القرآن من الليل بقى سورة حتى يصبح فيختمه عند عياله». أخرجها ابن الضريس (78).

ورواه سعيد بن منصور (27) ولفظه: «أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله فدعا».

وقال ابن أبي شيبة:
30039 - حدثنا وكيع، عن مسعر، عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: «يذكر أنه يُصلى عليه إذا ختم».

عبد الرحمن بن الأسود هو النخعي الكوفي من التابعين.

وقال ابن أبي شيبة:
30040 - حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم قال: كان مجاهد، وعبدة بن أبي لبابة، وناس يعرضون المصاحف، فلما كان اليوم الذي أرادوا أن يختموا أرسلوا إلي وإلى سلمة بن كهيل فقالوا: إنا كنا نعرض المصاحف فأردنا أن نختم اليوم فأحببنا أن تشهدونا، إنه كان يقال: «إذا ختم القرآن نزلت الرحمة عند خاتمته أو حضرت الرحمة عند خاتمته».

الحكم هو ابن عتيبة. وبنحوه أخرجه ابن الضريس (81).

ورواه الفريابي (90) ولفظه: قال الحكم: أرسل إلي مجاهد، فقال: إنا دعوناك، إنا أردنا أن نختم القرآن، فكان يقال: «إن الدعاء مستجاب عند ختم القرآن، ثم دعا بدعوات».

و في (91) عن الحكم بن عتيبة قال: بعث إلي مجاهد وعبدة بن أبي لبابة فأتيتهما، فقالا: «هل تدري لم بعثنا إليك؟ إنا أردنا أن نختم القرآن».

وقال ابن أبي شيبة:
30041 - حدثنا يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، عن المسيب بن رافع: «أنه كان يختم القرآن في ثلاث، ويصبح اليوم الذي يختم فيه صائما».

30042 - حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن الحكم، عن مجاهد قال: «الرحمة تنزل عند ختم القرآن».

30043 - حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن التيمي، عن رجل، عن أبي العالية: «أنه كان إذا أراد أن يختم القرآن من آخر النهار أخره إلى أن يمسي، وإذا أراد أن يختمه من آخر الليل أخره إلى أن يصبح».

فيه مبهم. لكن جاء معناه من وجه آخر:

قال ابن الضريس:
80 - أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: «إذا شهد الرجل خَتْم القرآن ليلاً صلَّت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا ختم نهارًا صلَّت عليه الملائكة حتى يمسي.
قال: فكان يعجبهم أن يؤخروا ذلك.

القائل : (فكان يعجبهم ..) هو الأعمش كما عند الدارمي (3520).

وقال الدارمي في «المسند» :

3526 - حدثنا محمد بن حميد، حدثنا هارون، عن عنبسة، عن ليث، عن طلحة بن مصرف، عن مصعب بن سعد، عن سعد، قال: «إذا وافق ختم القرآن أول الليل، صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإن وافق ختمه آخر الليل، صلت عليه الملائكة حتى يمسي، فربما بقي على أحدنا الشيء فيؤخره حتى يمسي أو يصبح».

قال أبو محمد -يعني الدارمي-: «هذا حسن، عن سعد». 

3361 - أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا عبدة، عن خالد بن معدان، قال: «إن قارئ القرآن، والمتعلم، تصلي عليهم الملائكة حتى يختموا السورة، فإذا أقرأ أحدكم السورة، فليؤخر منها آيتين حتى يختمها من آخر النهار كي ما تصلي الملائكة على القارئ والمقرئ من أول النهار إلى آخره».

3518 - حدثنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي، عن عبدة، قال: «إذا ختم الرجل القرآن بنهار، صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وإن فرغ منه ليلا، صلت عليه الملائكة حتى يصبح».

عبدة هو ابن أبي لبابة من تابعي الكوفة.

قال عبد الله بن المبارك في الزهد والرقائق:
٨١١- أخبرنا همام، عن محمد بن جحادة قال:
«كانوا يستحبون إذا ختموا القرآن من الليل، أن يختموه في الركعتين اللتين بعد المغرب، وإذا ختموه من النهار يختموه في الركعتين اللتين قبل صلاة الفجر».

وقال أبو داود مسائله ص٩٣ :
قُلْتُ لِأَحْمَدَ (بن حنبل) قَالَ ابْنُ الْمُبَارَك:ِ «إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ فَاخْتِمْ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ فَاخْتِمْهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ» .

وقال محمد بن أيوب بن الضريس في «فضائل القرآن» :
76 - أخبرنا النضر بن محمد الكندي، قال: حدثنا هشيم بن بشير، عن العوام بن حوشب، قال: أحسبه عن إبراهيم التيمي، عن عبد الله بن مسعود، قال: «من ختم القرآن فله دعوة مستجابة».
قال: فكان عبد الله إذا ختم القرآن جمع أهله فدعا، وأمنوا على دعائه.

إبراهيم التيمي لم يدرك ابن مسعود.

وقال ابن الضريس:
79 - أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو عثمان العطار، عن صالح المري، عن قتادة، قال:  كان قارئ يقرأ بالمدينة، فكان عبد الله بن عباس يضع عليه الرُّقَبَاء فإذا أراد أن يختم قال: «اذهبوا بنا حتى نشهد ختم القرآن».

ورواه الدارمي في «مسنده» (3515) ولفظه: «كان رجل يقرأ في مسجد المدينة، وكان ابن عباس قد وضع عليه الرصد، فإذا كان يوم ختمه، قام فتحول إليه» .

وقال الدينوري في «المجالسة» :
2009 - نا إسحاق بن محمد التمار؛ قال: سمعت ابن خبيق يقول: سمعت يوسف بن أسباط يقول، وسأله رجل؛ فقال: يا أبا محمد! ما تقول إذا ختمت القرآن؟
قال: أقول خمسين مرة: اللهم لا تمقتني.
قال: وربما كان ابني خارجًا فأنتظره حتى يجيء لعل الله أن ينزل علينا الرحمة.

وقَالَ أَبُو الْفضل صالح بن أحمد بن حنبل: كَانَ أبي يخْتم من جُمُعَة إِلَى جُمُعَة فَإذْ ختم دَعَا فيدعو ونؤمن على دُعَائِهِ فَلَمَّا كَانَ غَدَاة الْجُمُعَة وَجه إِلَيّ وَإِلَى أخي عبد الله فَلَمَّا أَن ختم جعل يَدْعُو ونؤمن على دُعَائِهِ .. 
سيرة الإمام أحمد بن حنبل لولده صالح ص105.

(فائدة)

قال ابن قدامة:
فصل في ختم القرآن:
قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله (يعني الإمام أحمد) فقلت: أختم القرآن، أجعله في الوتر أو في التراويح؟
قال: اجعله في التراويح، حتى يكون لنا دعاء بين اثنين.
 قلت: كيف أصنع؟
قال: إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع، وادع بنا ونحن في الصلاة، وأطل القيام.
قلت: بم أدعو؟
قال: بما شئت.
قال: ففعلت بما أمرني، وهو خلفي يدعو قائمًا، ويرفع يديه.
وقال حنبل: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن: إذا فرغت من قراءة {قل أعوذ برب الناس} فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع.
قلت: إلى أي شيء تذهب في هذا؟
قال: رأيت أهل مكة يفعلونه، وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم بمكة.
قال العباس بن عبد العظيم: وكذلك أدركنا الناس بالبصرة وبمكة، ويروي أهل المدينة في هذا شيئًا، وذكر عن عثمان بن عفان.
«المغني» (2/125).

(فائدة ثانية)

قال الخطيب في التاريخ ( 13/44) : أخبرنا عبد الله بن يحيى السكري، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، قال: حدثنا بشر بن موسى إملاء، قال: حدثني عمر بن عبد العزيز الضرير جليس كان لبشر، قال: سمعت بشر بن الحارث، يقول: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة، قال: إذا ختم الرجل القرآن قبّل الملك بين عينيه.
قال: فحدثت به أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، فاستحسنه، وقال: لعل هذا من مخبيات سفيان.

(فائدة ثالثة)

قال البيهقي في شعب الإيمان: 2058 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني محمد بن خالد الصوفي، حدثنا مسبح بن سعيد، قال كان محمد بن إسماعيل البخاري: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم، فيقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكذلك إلى أن يختم القرآن، وكذلك يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال، وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة، ويكون ختمه عند الإفطار كل ليلة ويقول: " عند كل ختمة دعوة مستجابة ".

الجمعة، 26 ديسمبر 2014

[ما يدعو به الرجل إذا قامت الصلاة]

[ما يدعو به الرجل إذا قامت الصلاة]

قال النسائي في «الكبرى» :

9817 - أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن التيمي، عن قتادة، عن أنس قال: «إذا أقيمت الصلاة فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء».

قال ابن رجب:
وقد روي عن الحسن، أن هذا الدعاء يشرع عند سماع آخر الإقامة؛
روى ابن أبي شيبة: ثنا أبو الأحوص، عن أبي حمزة، عن الحسن، قال: إذا قال المؤذن: (قد قامت الصلاة) ، فقل: اللهم، رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، اعط محمدًا سؤله يوم القيامة. فلا يقولها رجل حين يقيم المؤذن إلا أدخله الله في شفاعة محمد يوم القيامة.
وروي ابن السني في كتاب «عمل اليوم والليلة» من رواية عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن عطاء بن قرة، عن عبد الله بن ضمرة، عن أبي هريرة، أنه كان يقول إذا سمع المؤذن يقيم: اللهم، رب هذه الدعوة التامة وهذه الصلاة القائمة، صل على محمد وآته سؤله يوم القيامة.
وهذه الآثار تشهد للمنصوص عن أحمد، أنه يدعو عند الإقامة، كما سبق عنه.
الفتح (5/269).

وقال ابن أبي شيبة:
29771 - حدثنا حبيب بن أبي حبيب، عن أبي إسحاق، عن الحكم، قال: من سمع المنادي ينادي بإقامة الصلاة فقال: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة أعط محمدا سؤله يوم القيامة، إلا كان ممن يشفع له.

الحكم هو ابن عتيبة الكوفي الفقيه.


وقال عبد الرزاق في «المصنف»:
1911 - عن أيوب، وجابر الجعفي، قالا: من قال عند الإقامة: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، أعط سيدنا محمدًا الوسيلة، وارفع له الدرجات، حقت له الشفاعة على النبي صلى الله عليه وسلم.

أيوب هو السختياني الإمام المعروف رحمه الله، أما جابر الجعفي فرافضي متهم.
وقد سقط من هذا السند الواسطة بين عبد الرزاق وأيوب ولعله معمر بن راشد.

الأحد، 21 ديسمبر 2014

[بابٌ في الجنب يكتب القرآن]

[بابٌ في الجنب يكتب القرآن]

قال حرب في «مسائله» ص160 :
سئل أحمد عن الجنب يكتب الحديث والكتاب؟
فقال: أرجو أن لا يكون به بأس ما لم يكن قرآن.
كأنه كره أن يكتب القرآن.

حدثنا عمرو بن عثمان, قال: ثنا الفريابي, عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد, أنه: كره أن يكتب: {بسم الله الرحمن الرحيم} وهو جنب.

ورواه ابن أبي شيبة (2114) وأبو نعيم في «الصلاة» (140) وابن أبي داود في «المصاحف» (ص302) باب: الجنب يكتب المصاحف.

الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

[بابٌ في البيت الذي يقرأ فيه القرآن]

[بابٌ في البيت الذي يقرأ فيه القرآن]

قال مسلم في «صحيحه» :
211 - (779) حدثنا عبد الله بن براد الأشعري، ومحمد بن العلاء، قالا: حدثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «مثل البيت الذي يُذكر الله فيه، والبيت الذي لا يُذكر الله فيه، مثل الحي والميت».

والقرآن هو كلام الله وهو أفضل الذكر وأجلُّه.


وقال ابن أبي شيبة:
30022 - حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: «البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن كمثل البيت الخرب الذي لا عامر له».

عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه.

30023 - حدثنا هشيم، عن عباد، عن ابن سيرين، قال: «البيت الذي يقرأ فيه القرآن تحضره الملائكة، وتخرج منه الشياطين، ويتسع بأهله، ويكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن تحضره الشياطين، وتخرج منه الملائكة، ويضيق بأهله، ويقل خيره».

30024 - حدثنا عبيدة، عن أبي الزعراء، عن أبي الأحوص قال: سمعت ابن مسعود يقول: «إن أصفر البيوت الذي صَفِر من كتاب الله».

30025 - حدثنا أبو معاوية، عن ليث، عن ابن سابط، قال: «إن البيوت التي يقرأ فيها القرآن لتضيء لأهل السماء كما تضيء السماء لأهل الأرض»، قال: «وإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ليضيق على أهله، وتحضره الشياطين، وتنفر منه الملائكة، وإن أصفر البيوت لبيت صَفِرَ من كتاب الله».

ابن سابط هو عبد الرحمن الجمحي تابعي مكي رحمه الله.

وقال الدارمي في «مسنده» :
3352 - حدثنا معاذ بن هانئ، حدثنا حرب بن شداد، حدثنا يحيى هو ابن أبي كثير، حدثني حفص بن عنان الحنفي، أن أبا هريرة، كان يقول: «إن البيت ليتسع على أهله وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين، ويكثر خيره أن يقرأ فيه القرآن، وإن البيت ليضيق على أهله وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين، ويقل خيره أن لا يقرأ فيه القرآن» .

الأحد، 14 ديسمبر 2014

بيان علة حديث ابن مسعود مرفوعًا: من قال: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه ثلاثا، غفرت له ذنوبه، وإن كان فارا من الزحف.

بيان علة حديث ابن مسعود مرفوعًا: من قال: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه ثلاثا، غفرت له ذنوبه، وإن كان فارا من الزحف.

قال الحاكم في «المستدرك» :
1884 - أنبأنا بكر بن محمد الصيرفي، ثنا أحمد بن عبيد الله النرسي، ثنا محمد بن سابق، ثنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه ثلاثا، غفرت له ذنوبه، وإن كان فارا من الزحف».
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

وقال:
2550 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن علي بن ميمون الرقي، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه، ثلاثا غفرت ذنوبه، وإن كان فارا من الزحف».
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

ومن الطريق الأولى رواه البيهقي في «الدعوات الكبير» (161).

وروي موقوفًا:

قال ابن أبي شيبة في «المصنف» :
29450 - حدثنا ابن نمير، عن إسرائيل، عن أبي سنان، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، قال: من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه ثلاثًا، غفر له، وإن كان فر من الزحف.

وهذا أثبت ولعل الوهم في رفعه من الحاكم. قال ابن تيمية في«قاعدة جليلة» ص 182 : وكذلك أحاديث كثيرة في مستدركه يصححها، وهي عند أئمة أهل العلم بالحديث موضوعة. ومنها ما يكون موقوفاً يرفعه.

وقال الطبراني في «الكبير» :
8541 - حدثنا محمد بن الصائغ، ثنا سعيد بن منصور، ثنا حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن عبد الله بن مسعود، قال: «لا يقول رجل أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات إلا غفر له وإن كان فر من الزحف».

حديج بن معاوية ضعيف وقد تابع من رواه موقوفًا إلا أنه خالف في سنده. وعبد الرحمن هو ابن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

الأحد، 7 ديسمبر 2014

[باب في الرجل يدخل البيت ليس فيه أحد؛ ما يقول؟]

[باب في الرجل يدخل البيت ليس فيه أحد؛ ما يقول؟]

روى الطبري في «تفسيره» (19/226-227) :
عن ابن بشار قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، في قوله: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} قال: إذا دخلت المسجد فقل: السلام على رسول الله، وإذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد، فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وإذا دخلت بيتك فقل: السلام عليكم.

وقال: حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: أخبرنا شعبة عن منصور، قال شعبة: وسألته عن هذه الآية: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} قال: قال إبراهيم: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد، فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

إبراهيم هو النخعي رحمه الله.

وقال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشجّ عن نافع أن عبد الله كان إذا دخل بيتًا ليس فيه أحد، قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

عبد الله هنا هو: ابن عمر رضي الله عنهما.

وقال ابن أبي حاتم في «تفسيره» :
14897 - حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا أبو أسامة عن سفيان الثوري عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد، إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد فقل: بسم الله والحمد لله السلام علينا من ربنا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

14902 - حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العباس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريع، ثنا سعيد عن قتادة في قوله: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ}؛ إذا دخلت بيتًا لا أحد فيه فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنه كان يؤمر بذلك. وحدثنا أن الملائكة ترد عليه.

وقال ابن أبي شيبة في «المصنف» :
25819 - حدثنا زيد بن الحباب، عن أبي خلدة، قال: «دخلت مع أبي العالية بيته فسلم وليس فيه أحد، وقال شيئا لم أفهمه».

25834 - حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة، قال: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد فقل: السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين.

25835 - حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن هشام بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، في الرجل يدخل في البيت، أو في المسجد ليس فيه أحد، قال: يقول: السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين.

ورواه البخاري في «الأدب المفرد» (1055).

25837 - حدثنا ابن عيينة، عن عبد الكريم، عن مجاهد، قال: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد فقل: بسم الله، الحمد لله، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

25838 - حدثنا ابن فضيل، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: إذا لم يكن فيه أحد فقل: السلام علينا من ربنا.

وقال في «شعب الإيمان» :
8454 - أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة، قال: أنا أبو منصور النضروي، قال: نا أحمد بن نجدة، قال: نا سعيد بن منصور، قال: نا إسماعيل بن زكريا، عن عبد الملك بن عطاء، قال: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد فقل: السلام علينا من ربنا.

8455 - قال: ونا إسماعيل بن زكريا، عن حصين، عن أبي مالك، قال: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

أبو مالك هو الغفاري رحمه الله تابعي ثقة.

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

[ باب من كان يكره إذا سلم أن يقول: «السلام عليك»، حتى يقول: «عليكم» ]

[ باب من كان يكره إذا سلَّم أن يقول: «السلام عليك»، حتى يقول: «عليكم» ]

قال ابن أبي شيبة:
25688 - حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: «إذا ردَّ الرجل فليقل: وعليكم - يعني: معه الملائكة-».

وفي لفظ: إذا سلَّم الرجل على الرجل، وإن كان وحده، فليقل: «السلام عليكم» يعني: معه الملائكة.

رواه ابن ابي شيبة (25703).

وإبراهيم هو النخعي رحمه الله.

وقال ابن أبي شيبة:
25702 - حدثنا محمد بن أبي عدي، عن ابن عون، قال: كان محمد يكره أن يقول: «السلام عليك» حتى يقول: «السلام عليكم».

محمد هو ابن سيرين رحمه الله.

وقال ابن أبي شيبة:
25704 - حدثنا أبو أسامة، عن عبد المؤمن، قال: سلمت على رجل يمشي مع مسلم بن يسار، فقلت: «السلام عليك»، فقال لي مسلم: مه! فقلت: إني عرفته، فقال: وإنْ! إذا سلَّمت فقل: «السلام عليكم»، فإن معه حفظة.

ومسلم بن يسار هو البصري التابعي الفقيه الزاهد رحمه الله.

بيان علة حديث عائشة، قالت: «كان بابنا في قبلة المسجد، فاستفتحت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فمشى حتى فتح لي، ثم رجع إلى مكانه الذي كان فيه».

بيان علة حديث عائشة، قالت: «كان بابنا في قبلة المسجد، فاستفتحت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فمشى حتى فتح لي، ثم رجع إلى مكانه الذي كان فيه».

قال أحمد في «المسند» :
25503 - حدثنا علي بن عاصم، قال: حدثنا برد، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: «كان بابنا في قبلة المسجد، فاستفتحت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فمشى حتى فتح لي، ثم رجع إلى مكانه الذي كان فيه».
ورواه كذلك أبو داود والترمذي وغيرهم.

قال ابن أبي حاتم الرازي في «العلل» :
467 - وسألت أبي عن حديث رواه برد ابن سنان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يصلي، فاستفتحت الباب، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ففتح الباب، ومضى في صلاته.
قلت لأبي: ما حال هذا الحديث؟
فقال أبي: لم يرو هذا الحديث أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم غير برد، وهو حديث منكر، ليس يحتمل الزهري مثل هذا الحديث، وكان برد يرى القدر.

وقال ابن رجب في «فتح الباري» (6/382) : واستنكره أبو حاتم الرازي، والجوزجاني؛ لتفرد برد به، وانظر: «شرح العلل» له (2/483) .

وانظر «العلل» للدارقطني (3455).

وقال الطبراني في «الأوسط» :
8652 - وبه: حدثني الليث، عن عبد الرحيم بن خالد بن زيد، عن يونس بن يزيد، عن الأوزاعي، عن أم كلثوم بنت أسماء، عن عائشة، قالت: «جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في المسجد قائما يصلي، والباب مجاف مما يلي القبلة، متنحيا من المسجد، فاستفتحت، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوتي أهوى بيده ففتح الباب، ثم مضى على صلاته».

قال العقيلي في «الضعفاء» (1048) : عبد الرحيم بن خالد الأيلي عن يونس، مجهول بالنقل ولا يتابع على حديثه بهذا الإسناد .. وساقه بإسناده ثم قال:
وقد روي هذا عن عائشة بإسناد غير هذا أصلح من هذا الإسناد.

وقول العقيلي لا يتابع على حديثه: يعني به أنه منكر بهذا الإسناد.

قال الدارقطني في «السنن» :
1854 - حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز , ثنا محمد بن حميد , ثنا حكام بن سلم , عن عنبسة , عن هشام بن عروة , عن أبيه , عن عائشة , قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  «يصلي فإذا استفتح إنسان الباب فتح له ما كان في قبلته أو عن يمينه أو عن يساره , ولا يستدبر القبلة».

محمد بن حميد الرازي متهم بالكذب. انظر «الميزان» (3/530).

السبت، 29 نوفمبر 2014

بيان ضعف حديث: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح، وأن ينفخ في الشراب». ومعه فوائد.

بيان ضعف حديث: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح، وأن ينفخ في الشراب».

قال أبو داود:
3722 - حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح، وأن ينفخ في الشراب».
ورواه أحمد (11760) وغيره.

قال الدارقطني كما في «أطراف الغرائب» (4716) : تفرد به قرة بن عبد الرحمن عن الزهري وتفرد به ابن وهب عنه.

وقرة بن عبد الرحمن:
قال الجوزجاني عن أحمد بن حنبل: منكر الحديث جدًا.
وقال ابن معين: ضعيف الحديث.
وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير.
وقال أبو حاتم والنسائي: ليس بقوي.
وقال أبو داود: في حديثه نكارة.
وقال في موضع آخر: عقيل أحلى منه مئة مرة.
وقال أبو أحمد بن عدي: لم أر له حديثا منكرًا جدًا، وأرجو أنه لا بأس به.
وقال يعقوب بن سفيان: معافري ثقة.
وقال أبو زرعة الدمشقي: ذكره أحسن من حديثه.
وقال الدارقطني: ليس بقوي في الحديث.
وقال ابن شاهين في الثقات: قال يحيى: ليس به بأس عندي.
وقال ابن معين: كان يتساهل في السماع وفي الحديث وليس بكذاب.
وقال العجلي: يكتب حديثه.
وعن يزيد بن السمط قال: كان الأوزاعي يقول: ما أحد أعلم بالزهري من قرة بن عبد الرحمن بن حيويل.
قال ابن حبان: هذا الذي قاله يزيد بن السمط ليس بشيء يحكم به على الإطلاق وكيف يكون قرة بن عبد الرحمن أعلم الناس بالزهري وكل شيء روى عنه لا يكون ستين حديثًا بل أتقن الناس في الزهري مالك ومعمر والزبيدي ويونس وعقيل وابن عيينة هؤلاء الستة أهل الحفظ والإتقان والضبط والمذاكرة وبهم يعتبر حديث الزهري إذا خالف بعض أصحاب الزهري بعضًا في شيء يرويه.
وانظر «التهذيب» وحواشيه (4871).

فمن كانت هذه حاله لا يتوقف في رد ما تفرد به عن مثل الزهري, فكيف به إذا خالف عامة ثقات أصحابه؟!

فقد روى الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية».

رواه عن الزهري: ابن أبي ذئب، وسفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد، ومعمر بن راشد.
وهو في «البخاري» (5625) من طريق ابن أبي ذئب وفي (5626) من طريق يونس. وفي «مسلم» (2023) من طريق سفيان بن عيينة ومن طريق يونس ومن طريق معمر. وانظر «تحفة الأشراف» (4138).
وانظر «الشعب» (8/144-145). وانظر هنا للفائدة.

(فصل)

ويُذكر في شواهده ما رواه الطبراني في «الكبير» قال: (5722) حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا أبو مصعب، ثنا عبد المهيمن، عن أبيه، عن جده «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ينفخ في الشراب، وأن يشرب من ثلمة القدح أو أذنه».

عبد المهيمن بن عباس:
قال فيه البخاري: منكر الحديث. وقال: صاحب مناكير.
وقال النسائي: ليس بثقة. وقال: متروك الحديث.
وقال أبو أحمد بن عدي: له عشرة أحاديث أو أقل.
وقال علي بن الحسين بن الجنيد: ضعيف الحديث.
وقال أبو حاتم: منكر الحديث.
وقال الأصبهاني: عن آبائه أحاديث منكرة لا شيء.
وانظر «التهذيب» وحواشيه (3580).

فمن هذه حاله لا يصلح في الشواهد.

على أن هذا الحديث نفسه روي بلفظ: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اختناث الأسقية». رواه الطبراني في «الكبير» (5708) وابن عدي في «الكامل» (7/46).

(فصل)

وفي باب النهي عن الشرب من ثلمة القدح:

قال معمر في «الجامع» :
[باب ثلمة القدح وعروته]
19592 - عن جعفر الجزري، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، «أنه كره أن يشرب الرجل من كسر القدح أو يتوضأ منه».

وهذا رواه الطبراني في «الأوسط» (6833) من طريق معمر به؛ إلا أن لفظه:
«نُهي أن نشرب من كسر القدح»,  والأصبهاني في «الحلية» (9/38) ولفظه: «نُهي عن الشرب من كسر القدح».
وما في كتاب معمر أن أبا هريرة كرهه -كما تقدم- وهو أصح.

وروى معمر:
19593 - عن رجل، سمع عكرمة يحدث، عن أبي هريرة، «أنه كره الشرب من كسر القدح».

19595 - عن ليث، عن مجاهد، قال: «يكره أن يشرب، من حدو عروة القدح، أو من كسره».

وقال ابن أبي شيبة في  «المصنف» :
[في الشرب من الثلمة تكون في القدح]
24160 - حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن إبراهيم بن مهاجر، عن ابن عمر، وابن عباس، قالا: «كان يكره أن يشرب من ثلمة القدح، أو من عند أذن القدح».

24161 - حدثنا محمد بن فضيل، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: «كانوا يكرهون أن يشرب من الثلمة تكون في الإناء، أو يشرب من قبل أذنه».

24162 - حدثنا أبو الأحوص، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد: «أنه كان يكره أن يشرب، مما يلي عروة القدح، أو الثلمة تكون فيه».

وقال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» :
6872 - حدثنا محمد بن خزيمة, قال: ثنا حجاج قال: ثنا حماد, عن ليث, عن مجاهد قال: «كان يكره الشرب من ثلمة القدح, وعروة الكوز, وقال: هما مقعدا الشيطان».

(فصل)

قال ابن القيم:
وهذا من الآداب التي تتم بها مصلحة الشارب، فإن الشرب من ثلمة القدح فيه عدة مفاسد:
أحدها: أن ما يكون على وجه الماء من قذى أو غيره يجتمع إلى الثلمة بخلاف الجانب الصحيح.
الثاني: أنه ربما شوش على الشارب، ولم يتمكن من حسن الشرب من الثلمة.
الثالث: أن الوسخ والزهومة تجتمع في الثلمة، ولا يصل إليها الغسل، كما يصل إلى الجانب الصحيح.
الرابع: أن الثلمة محل العيب في القدح، وهي أردأ مكان فيه، فينبغي تجنبه، وقصد الجانب الصحيح، فإن الرديء من كل شيء لا خير فيه، ورأى بعض السلف رجلا يشتري حاجة رديئة، فقال: لا تفعل أما علمت أن الله نزع البركة من كل رديء.
الخامس: أنه ربما كان في الثلمة شق أو تحديد يجرح فم الشارب، ولغير هذه من المفاسد.
«زاد المعاد» (4/215).


وفي باب النفخ في الطعام والشراب بوب الترمذي [باب ما جاء في كراهية النفخ في الشراب] (4/303) وذكر تحته عن أبي سعيد وابن عباس –رضي الله عنهما- وذكرهما ابن أبي شيبة في «المصنف» [من كره النفخ في الطعام والشراب] مع آثار أخرى. وكذلك بوب على الرخصة في ذلك فراجعه (5/107) وما بعدها.

الاثنين، 24 نوفمبر 2014

[باب لا يقطع الصلاة شيء بمكة]

[باب لا يقطع الصلاة شيء بمكة]

قال عبد الرزاق في «المصنف» باب لا يقطع الصلاة شيء بمكة:
2385 - عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: «لا يقطع الصلاة بمكة شيء، لا يضرك أن تمر المرأة بين يديك».

2390 - عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: «رأيت محمد بن الحنفية يصلي في مسجد منى، والناس يمرون بين يديه، فجاء فتى من أهله فجلس بين يديه».
قال عبد الرزاق: «ورأيت أنا ابن جريج يصلي في مسجد منى على يسار المنارة، وليس بين يديه سترة، فجاء غلام فجلس بين يديه».

وقال ابن المنذر في «الأوسط» :
(2475) حدثنا محمد بن علي، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا ابن جريج عن ابن أبي عمار قال: رأيت ابن الزبير طاف بالبيت، ثم جاء يصلي والطواف بينه وبين القبلة، قال: تمر بين يديه المرأة، فينتظرها حتى تمر، ثم يضع جبهته في موضع قدمها.

ورواه الطبري في «تهذيب الآثار-مفقود» (516).
والأثر في «مصنف» عبد الرزاق (2386) وابن أبي شيبة (15038) وقد شاب سنده تصحيف.

وقال الطبري في «التهذيب» :
526 - وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: أخبرنا خالد بن نزار، عن نافع بن عمر، قال: رأيت عطاء بن أبي رباح يصلي بمكة، والناس يمرون بين يديه - يعني بغير سترة - قال: نافع: ورأيت ابن أبي مليكة، يفعل ذلك.

535 - وحدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: سمعت يحيى، قال: رأيت أبا بكر بن محمد قائما يصلي إلى الكعبة، والناس يطوفون بين يديه.

536 - وحدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرني يحيى، قال: رأيت أبا بكر يصلي إلى الكعبة، والناس يطوفون بين يديه.

و أبو بكر بن محمد في هذين الأثرين هو: ابن عمرو بن حزم الأنصارى.

538 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن هشام، عن الحسن قال: لا بأس أن يصلي الرجل، والنساء يطفن أمامه.

وقال الأوزاعي: رأيت عطاء يصلي بفناء الكعبة، ليس بينه وبين الطائفين بالبيت من الرجال والنساء سترة، فقيل للأوزاعي: فالصلاة في غير المسجد الحرام بغير سترة؟ فقال: أخبرني يحيى بن أبي كثير: أن من الجفاء أن يصلى بغير سترة.
نقله ابن المنذر في «الأوسط» (5/92).

وقال الأثرم، قيل لأحمد: الرجل يصلي بمكة، ولا يستتر بشيء؟ فقال: قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى ثم ليس بينه وبين الطواف سترة.
قال أحمد: لأن مكة ليست كغيرها، كأن مكة مخصوصة.
«المغني» (2/160).

والإمام أحمد يشير إلى الحديث الذي خرجه في «مسنده» عن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي، عن المطلب، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا فرغ من سبعه، جاء حتى يحاذي بالركن، فصلى ركعتين في حاشية المطاف، وليس بينه وبين الطواف أحد.
انظر «المسند الجامع» (15/170/ح11437) وانظر «العلل» رواية عبد الله (3/456) و«العلل» للدارقطني (3408). 

وقال ابن رجب في «شرح البخاري» (4/44) :
وقد اختلف العلماء في حكم مكة في السترة: هل حكمها كحكم سائر
البلدان، أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أن حكمها في سترة الصلاة حكم سائر البلدان، وهو اختيار البخاري وقول [........] والشافعي، وحكي رواية عن أحمد.
وروي نحوه عن ابن عمر:
قال أبو نعيم الفضل بن دكين في «كتاب الصلاة» : ثنا جعفر بن برقان، عن يزيد الفقير، قال: كنت أصلي إلى جنب ابن عمر بمكة، فلم أر رجلا اكره أن يمر بين يديه منه.
ثنا عبد العزيز الماجشون، عن صالح بن كيسان، قال: رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة، فلا يدع أحدا يمر بين يديه، يبادره - قال: يرده.
وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن يحيى بن أبي كثير، قال: رأيت أنس بن مالك في المسجد الحرام قد نصب عصا يصلي إليها.

القول الثاني: أن مكة تجوز الصلاة فيها إلى غير سترة، والمرور بين يدي المصلي من غير كراهة في ذلك، وهو قول طاوس وعطاء وأحمد، نص عليه في رواية ابن الحكم وغيره.
وكان محمد بن الحنفية يصلي بمسجد منى، والناس يمرون بين يديه، فجاء فتى من أهله، فجلس بين يديه.
وروى ابن جريج، عن ابن أبي عمار، قال: رأيت ابن الزبير طاف بالبيت، ثم جاء فصلى، والطواف بينه وبين القبلة.
قال: تمر بين يديه المرأة فينتظرها حتى تمر، ثم يضع جبهته في موضع قدميها.
واستدل الإمام أحمد بحديث المطلب بن أبي وداعة .. الخ.