الأربعاء، 25 يونيو 2014

بيان ضعف حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي؟» .. الحديث.

بيان ضعف حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي» قال: قلنا: بلى، قال: «الشرك الخفي: أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل».

روى الإمام أحمد في «مسنده (11252) واللفظ له- وابن ماجه (4204) وابن عدي في «الكامل» (4/111) والطحاوي في «شرح المشكل» (1781) والحاكم (7936) والبيهقي في «الشعب» (6413) وغيرهم من طرق عن كثير بن زيد، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن جده، قال: كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنبيت عنده تكون له الحاجة، أو يطرقه أمر من الليل، فيبعثنا فيكثر المحتسبون، وأهل النوب، فكنا نتحدث فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال: «ما هذه النجوى؟ ألم أنهكم عن النجوى» قال: قلنا نتوب إلى الله يا نبي الله، إنما كنا في ذكر المسيح فرقاً منه، فقال: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي» قال: قلنا: بلى، قال: «الشرك الخفي: أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل».

وهذا الإسناد ضعيف؛ ففيه ربيح بن عبد الرحمن:
قال أبو زرعة: شيخ.
وقال أحمد: ليس بمعروف.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به.

وقول البخاري منكر الحديث من أشد الجرح؛ كيف لا وهو القائل: (كل من قلتُ فيه منكر الحديث، فلا تحل الرواية عنه).

فعلى ذلك ما جاء به (ربيح) لا يقبل في الشواهد فضلاً عن أن يحتج به.

وقد أورد حديثه هذا ابن عدي في «الكامل» إشارة منه لضعفه؛ فمن عادته إيراد ما ضُعِّف الراوي من أجله أو ما استنكر عليه من أحاديث، حيث قال في خطبة كتابه «الكامل في الضعفاء» (1/79) : .. وذاكر لكل رجل منهم مما رواه ما يضعف من أجله، أو يلحقه بروايته وله اسم الضعف ..

وقد استنكر الإمام أحمد والبخاري رحمهما الله- على ربيح بن عبد الرحمن حديث التسمية في الوضوء.

انظر «العلل الكبير» للترمذي (18) و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (3/519) و«الكامل» لابن عدي (4/110) و«تهذيب المزي» (1852).

بيان علة حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً: «من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه يوم القيامة، وحقره وصغره».

بيان علة حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً: «من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه يوم القيامة، وحقره وصغره».

قال الطبراني رحمه الله- في «المعجم الأوسط» :
4984 - حدثنا القاسم بن زكريا قال: أعطاني عبد الرحيم بن محمد السكري، كتابا فكتبت منه: حدثنا عباد بن العوام قال: نا أبان بن تغلب، عن عمرو بن مرة عن خيثمة، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه يوم القيامة، وحقره وصغره».

ورواه أبو نعيم في «الحلية» (4/123) و(5/99) من طريق القاسم بن زكريا به، وقال:
«غريب من حديث أبان بن تغلب عن عمرو عن خيثمة لم يروه إلا عبد الرحيم».

وأبان بن تغلب ومن دونه وإن كانوا ثقات؛ فقد خالفهم ثلاثة من الحفاظ الأثبات:

- فرواه الأعمش عن عمرو بن مرة، قال: كنا جلوسا عند أبي عبيدة، فذكروا الرياء، فقال رجل يكنى بأبي يزيد: سمعت عبد الله بن عمرو به.
وروايته عند أحمد في «المسند» (6986) و(7085) وابن أبي شيبة في «المصنف» (35300) وهناد بن السري في «الزهد» (2/441) وغيرهم.

- ورواه شعبة عن عمرو بن مرة، قال: سمعت رجلاً، في بيت أبي عبيدة، أنه سمع عبد الله بن عمرو، يحدث ابن عمر به. وفي آخره: قال: فذرفت عينا عبد الله بن عمر.
وروايته عند أحمد في «المسند» (6509) و(6839) وابن المبارك في «الزهد» (141) وابن الجعد في «مسنده» (135).

- ورواه مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عن رجل قال: سمعت عبد الله بن عمرو يحدث عبد الله بن عمر به وفي آخره قال: فبكى ابن عمر.
وروايته عند وكيع في «الزهد» (308) ومن طريقه أحمد في «الزهد» (238).

فهؤلاء الثلاثة (الأعمش وشعبة ومسعر) رووا الحديث عن عمرو بن مرة عن رجل مجهول، وكني أبا يزيد في رواية الأعمش كما سبق.

وقد عد بعضهم ما روى أبان بن تغلب مفسراً ومبيناً؛ فقالوا هذا فيه تعيين المبهم في الروايات الأخرى، بل وزاد بعضهم فقال: خيثمة لم يذكر المترجمون له كنية فتستفاد من هنا، فكنوه أبا يزيد!

وهذا عند التأمل لا يستقيم، إذ لا يعقل أن يغيب اسم الراوي عن هؤلاء الثلاثة الجبال ولا يهتدون لتعيينه، والذين خرج حديثهم هذا أصحاب الكتب المشهورة المعروفة؛ ويهتدي إليه رجل مثل أبان بن تغلب أو من دونه في السند- وهو دون آحادهم فكيف بهم مجتمعين! ولم يرو حديثه هذا إلا الطبراني وأبو نعيم!.

فالذي يظهر أن ذكر تعيين المبهم لا يعدو كونه وهم إما من أبان بن تغلب أو ممن دونه والله أعلم.

وفيما يأتي بعض الأمثلة من صنيع أئمة العلل النقّاد لعله يبين هذه المسألة ويوضحها إن شاء الله:

قال ابن أبي حاتم رحمه الله- في «العلل» :
642 - وسألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه عبد الرزاق عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تحل الصدقة إلا لخمسة: رجل اشتراها بماله ، أو رجل عامل عليها، أو غارم، أو غاز في سبيل الله تعالى، أو رجل له جار فيتصدق عليه فيهدي له ؟
فقالا: هذا خطأ؛ رواه الثوري ، عن زيد بن أسلم؛ قال: حدثني الثبت؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وهو أشبه .
وقال أبي: فإن قال قائل: الثبت من هو؟ أليس هو عطاء بن يسار؟ قيل له: لو كان عطاء ابن يسار، لم يكنِّ عنه.
قلت لأبي زرعة: أليس الثبت هو عطاء؟
قال: لا! لو كان عطاء، ما كان يكني عنه.
وقد رواه ابن عيينة ، عن زيد، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل.
قال أبي: والثوري أحفظ.

فانظر إلى هذا الملحظ الجميل الذي ذكره أبو حاتم رحمه الله- وكأنه يرد على من يسلك مسلك الجمع وحمل الروايات بعضها على بعض دون نظر إلى القرائن؛ حيث قال: فإن قال قائل: الثبت من هو؟ أليس هو عطاء بن يسار؟ قيل له: لو كان عطاء بن يسار، لم يكنِّ عنه.

يعني لو كان ذكر تسمية الراوي محفوظاً في السند لصرح بذلك الحفاظ الثقات من الرواة في ذلك السند ولسموه ولم يكتفوا بإبهامه.

ومثله قول أبي زرعة رحمه الله- لما سأله ابن أبي حاتم: أليس الثبت هو عطاء؟ يعني كأنه يقول لماذا لا نحمل الرواية التي فيها المبهم على الرواية التي سمي فيها الرواي؟ فكان الجواب: قال: لا! لو كان عطاء، ما كان يكني عنه.

مثال آخر:
وقال في «العلل» :
1979 - وسألت أبا زرعة عن حديث رواه جماعة عن
الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم : من نفس عن مؤمن كربة ... ؟
قال أبو زرعة: منهم من يقول: الأعمش عن رجل عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والصحيح: عن رجل، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فلم يقل أبو زرعة أن هؤلاء الجماعة سموا هذا المبهم فيتعين تسميته بذلك، ولا تضر رواية من سماه وعرفه رواية من أبهمه. بل رجح الرواية التي فيها المبهم على الأخرى.

وانظر «جامع الترمذي» عقب الحديث رقم (1425). و«علل أحاديث في كتاب الصحيح» (35) لابن عمار الشهيد. و«جامع العلوم والحكم» (632 حديث رقم 36) لابن رجب.

مثال آخر:
وقال في «العلل» :
2079 وسألت أبي عن حديث رواه أبو ضمرة  عن أبي
مودود عن محمد بن كعب عن أبان بن عثمان، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ... وذكر الحديث؟
قال أبي: ذكر هذا الحديث لابن مهدي  فقال: أملى علي أبو مودود: حدثني رجل، عن رجل؛ أنه سمع أبان بن عثمان، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وأنكر أن يكون عن محمد بن كعب القرظي.
أخبرنا أبو محمد قال : حدثني أبي؛ قال: حدثنا حماد بن زاذان؛ قال: حدثنا ابن مهدي من كتابه أملاه علينا؛ وذلك أن علي ابن المديني قال: حدثني اثنان بالمدينة، عن أبي مودود، عن محمد بن كعب، فقال ابن مهدي: هو باطل، ثم أخرج ابن مهدي كتابه فأملاه علينا.
أخبرنا أبو محمد قال: حدثنا أحمد بن عصام عن أبي عامر العقدي كما رواه ابن مهدي؛ قال: حدثنا أبو عامر- يعني: العقدي - قال: حدثنا أبو مودود؛ قال: حدثني رجل؛ قال: حدثني من سمع أبان بن عثمان؛ قال: سمعت عثمان، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
فأما ما قال علي بن المديني: فقد أخبرنا يونس بن عبد الأعلى؛ قال: أخبرنا أنس بن عياض، عن أبي مودود، عن رجل لا أعلمه إلا محمد بن كعب، عن أبان بن عثمان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ... ، ولم يذكر «عثمان» في الإسناد.

وكرر هذه المسألة في «العلل» فقال:
2105 - وسئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو ضمرة عن أبي مودود عن محمد بن كعب عن أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم ثلاث مرات؛ من قالها حين يصبح لم تفجأه فاجئة بلاء؟
قال أبو زرعة: هذا خطأ، والصحيح: ما حدثنا القعنبي ؛ قال: حدثنا أبو مودود، عن رجل؛ قال: حدثنا من سمع أبان بن عثمان بن عفان يقول: سمعت عثمان بن عفان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ... ، وذكر الحديث.

أبو ضمرة ثقة وقد روى الحديث عن محمد بن كعب ومع ذلك لم يلتفت الأئمة إلى ذلك وعدوا ذلك وهماً، وأن المحفوظ ذكر المبهم في السند.

مثال آخر:
قال الدارقطني رحمه الله- في «العلل» :
717- وسئل عن حديث زر، عن ابن مسعود، جاء رجل، فقال: يا رسول الله، إن ابنة عمي تعجبني وهي عاقر، قال: لامرأة سوداء ولود ودود أحب إلي منها، إني مكاثر يوم القيامة، ويقال للسقط: ادخل الجنة فيظل محبنطئا، ... الحديث.
فقال: يرويه عاصم واختلف عنه؛
فرواه أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن رجل لم يسمه، عن عبد الله.
ورواه حسان بن سياه، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله.
والصحيح قول أبي بكر بن عياش.

حسان بن سياه ضعيف فسلك الجادة المعروفة في هذا السند فوقع في الوهم، ورجح الدارقطني رواية الثقة على الوجه الذي فيه المبهم ولم يحمل إحدى الروايتين على الأخرى.

وانظر كذلك «العلل» الدارقطني (9/259) و (10/337).

مثال آخر:
قال الحاكم في «معرفة علوم الحديث» ص117 :
حدثنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه قال: أخبرنا أبو بكر يعقوب بن يوسف المطوعي قال: ثنا أبو داود سليمان بن محمد المباركي قال: ثنا أبو شهاب عن سفيان الثوري، عن الحجاج بن فرافصة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم».
قال أبو عبد الله: وهكذا رواه عيسى بن يونس، ويحيى بن الضريس، عن الثوري، فنظرت، فإذا له علة:
أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، قال: ثنا أحمد بن سيار، قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: ثنا سفيان الثوري، عن الحجاج بن الفرافصة عن رجل، عن أبي سلمة، قال سفيان: أراه ذكر أبا هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم».

وهذا المثال الأخير إنما ذكرته تبعاً لموافقته لأصل المسألة، وإنما ذكرته للتمثيل على وجه الإعلال المذكور بغضّ النظر عن الوجه الراجح في الحديث.
وكذلك فالحاكم ليس من الأئمة النقاد كما ذكر أهل العلم، وقد نقض كلامه هنا في هذا الحديث في المستدرك (129) وصحح الحديث بشواهد ذكرها!

وقد روى الطبراني حديث عبد الله بن عمرو من وجه آخر:
قال في «المعجم الأوسط» : 5748 - حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: نا إسحاق بن زيد الخطابي قال: ثنا محمد بن سليمان بن أبي داود قال: نا أبي، عن عبد الكريم بن مالك، عن سعيد بن المسيب قال: سمعت عبد الله بن عمرو، يقول يوما في ملإ من المسلمين فيهم ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من يسمع الناس بعمله يسمع الله به يوم القيامة خلقه، وصغره، وحقره» فرأيت عيني ابن عمر تذرفان».
لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن المسيب إلا عبد الكريم بن مالك، تفرد به سليمان بن أبي داود.

محمد بن سليمان بن أبي داود:
وثقه النسائي وغيره، لكن قال أبو حاتم منكر الحديث، وقال الدارقطني ضعيف.
انظر «تهذيب المزي» (5259) و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (7/267) و«العلل» له (449) و«سؤالات البرقاني» (191).

وأما أبوه:
قال أبو حاتم ضعيف الحديث جداً.
وقال أبو زرعة: لين الحديث.
وقال أحمد: ليس بشيء.
وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون.
وانظر «لسان الميزان» (4/150) و«الجرح والتعديل» (4/115-116).

فالحديث من هذا الوجه منكر لا يصح بحال والله أعلم.

الأحد، 22 يونيو 2014

بيان علة حديث أبي الدرداء مرفوعاً: «من أتى فراشه، وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل.. الحديث».

بيان علة حديث أبي الدرداء مرفوعاً: «من أتى فراشه، وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل، فغلبته عينه حتى يصبح، كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه».

روى ابن ماجه في «السنن» (1344) والسياق له- والنسائي في «الكبرى» (1463) والمروزي كما في «مختصر قيام الليل» (ص187) وابن خزيمة في «صحيحه» (1172) والآجري في «فضل قيام الليل» (23) والحاكم في «المستدرك» (1170) ومن طريقه البيهقي في «الكبرى» (4724) من طرق عن الحسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن سليمان الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبدة بن أبي لبابة، عن سويد بن غفلة، عن أبي الدرداء، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى فراشه، وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل، فغلبته عينه حتى يصبح، كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه».

قال ابن خزيمة: «هذا خبر لا أعلم أحداً أسنده غير حسين بن علي عن زائدة».

وقد خولف الحسين بن علي عن زائدة في رفعه:

- فرواه معاوية بن عمرو عن زائدة فوقفه على أبي الدرداء.
وروايته عند الحاكم (1171) ومن طريقه البيهقي في «الكبرى» (4725).

- ورواه جرير عن الأعمش فوقفه.
وروايته عند المروزي كما في «مختصر قيام الليل» (ص187)  وابن خزيمة (1173)، إلا أن عبدة قال فيه عن زر بن حبيش بدلاً من سويد.

- ورواه سفيان الثوري عن عبدة فوقفه، إلا أنه قال: عن أبي الدرداء، أو أبي ذر.
وروايته عند عبد الرزاق في «المصنف» (4224) وعبد الله بن المبارك في «الزهد» (1239) والنسائي في «الكبرى» (1464) وابن خزيمة في «صحيحه» (1174) و(1175).
وعند ابن خزيمة قال عبدة فيه: عن زر بن حبيش أو عن سويد بن غفلة.

- وتابع الثوري سفيان بن عيينة، إلا أنه قال: عن أبي الدرداء وأبي ذر.
وروايته عند النسائي في «الكبرى» (1464).

فيكون حسين الجعفي قد خولف في رفعه في أكثر من طبقة من طبقات السند؛ فقد خولف عن زائدة وعن الأعمش وعن عبدة.
 فلا ريب أن الصواب فيه الوقف وأن الرفع وهم، والله أعلم.

وقد رواه ابن حبان مرفوعاً:
قال: 2588 - أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران، حدثنا أبو إسحاق محمد بن سعيد الأنصاري، حدثنا مسكين بن بكير، حدثنا شعبة، عن عبدة بن أبي لبابة، عن سويد بن غفلة، أنه عاد زر بن حبيش في مرضه، فقال: قال أبو ذر، أو أبو الدرداء - شك شعبة - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «ما من عبد يحدث نفسه بقيام ساعة من الليل، فينام عنها، إلا كان نومه صدقة تصدق الله بها عليه، وكتب له أجر ما نوى».

وهذه الرواية لا يفرح بها، فمسكين بن بكير صاحب أغلاط وعن شعبة خاصة، قال الإمام أحمد: حدث عن شعبة بأحاديث لم يروها أحد.
انظر ترجمته في «تهذيب المزي» (5915).

وقد خالفه غندر وهو من أثبت الناس في شعبة؛ فرواه عنه موقوفاً وكذلك رواه غيره عن شعبة موقوفاً كما سيأتي.

وقد رجح الدارقطني رحمه الله- الموقوف:

ففي «العلل» (1074) سئل عن حديث سويد بن غفلة، عن أبي الدرداء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أتى فراشه، وهو ينوي أن يصلي من الليل، فغلبته عيناه حتى يصبح كتب له ما نوى.
فقال: يرويه عبدة بن أبي لبابة، واختلف عنه؛
فرواه حبيب بن أبي ثابت، وشعبة، وابن عيينة، عن عبدة بن أبي لبابة، واختلفوا فيه فقال زائدة، عن الأعمش، عن حبيب، عن عبدة، عن سويد بن غفلة، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو عوانة: عن الأعمش، عن حبيب، عن عبدة، عن زر بن حبيش، عن أبي الدرداء موقوفا.
وخالفه في موضعين، وقال الثوري: عن حبيب، عن عبدة، عن زر، عن أبي ذر، وقال الثوري: فلقيت عبدة، فحدثني عن سويد بن غفلة، عن أبي الدرداء، عن أبي ذر.
وقال شعبة: عن عبدة، عن سويد بن غفلة؛ أنه عاد زرا في مرضه، فقال: قال أبو ذر، أو أبو الدرداء، شك شعبة.
ورفعه مسكين بن بكير، عن شعبة، ووقفه غندر، وغيره، ووقفه ابن عيينة، عن عبدة، ولم يرفعه، والمحفوظ الموقوف.

بيان علة حديث أبي هريرة مرفوعاً, وحديث جابر مرفوعاً: «يبعث الناس على نياتهم».

بيان علة حديث أبي هريرة مرفوعاً، وحديث جابر مرفوعاً: «يبعث الناس على نياتهم».

روى أحمد في «المسند» (9090) والسياق له- وابن ماجه في «السنن» (4229) والبزار في «المسند» (9351) وأبو يعلى في «المسند» (6247) وتمام في «الفوائد» (237) والقضاعي في «مسند الشهاب» (578) من طرق عن شريك عن ليث عن طاوس عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يبعث الناس - وربما قال شريك: يحشر الناس - على نياتهم».

شريك المذكور في الإسناد هو ابن عبد الله القاضي فيه ضعف من قبل سوء حفظه، وكذلك شيخه ليث وهو ابن أبي سليم ضعيف.

قال البزار عقب الحديث:
«وهذا الحديث لا نعلم رواه فأسنده إلا شريك عن ليث، وغير شريك يرويه عن طاوس مرسلاً».

كذا قال البزار -رحمه الله-.

وروي الحديث موقوفاً من قول أبي هريرة-رضي الله عنه-.

قال المخلّص كما في «الجزء الثامن من المخلصيات» (2/354):
1733- (157) حدثنا ابن منيع قال: حدثنا داود قال: حدثنا حفص عن ليث عن طاوس عن أبي هريرة قال: «يبعث الناس على نياتهم».

وحفص وهو ابن غياث أثبت من شريك فروايته ترجح على رواية شريك، وقد رجح الموقوف أبو حاتم الرازي كما في العلل لابنه.

قال ابن أبي حاتم:
2144- وسألت أبي عن حديث رواه آدم عن شريك عن ليث عن طاوس عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يبعث الناس يوم القيامة على نياتهم؟
قال أبي: لم يرو هذا الحديث [غير] شريك عن ليث مرفوع ، وروى غير شريك موقوف.

ثم أخرج ابن ماجه (4230) -عقب حديث أبي هريرة المتقدم- من طريق شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحشر الناس على نياتهم».

وقد روى هذا الحديث جماعة عن الأعمش بلفظ: «يبعث كل عبد على ما مات عليه».
وهم:
- جرير بن عبد الحميد وسفيان الثوري وروايتهما عند مسلم (2878) وغيره.
- حفص بن غياث وشيبان وروايتهما عند أبي عوانة في «البعث» كما في «إتحاف المهرة» (3/168).
- أبو معاوية عن بعض أصحابه عن الأعمش وروايته عند أحمد (14373) وروي عن أبي معاوية عن الأعمش بلا واسطة.
- محاضر بن مورع وروايته عند الحاكم مقروناً بجرير (1259).

وينظر «تحفة الأشراف» للمزي (2/196/2306).

فشريك تفرد بهذا اللفظ عن الأعمش ولم يتابع عليه، والمحفوظ ما رواه ثقات أصحابه عنه كما تقدم والله أعلم.

وفي الباب عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض، يخسف بأولهم وآخرهم» قالت: قلت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم، ومن ليس منهم؟ قال: «يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم».
رواه البخاري في «الصحيح» (2118).

وعن عبيد الله ابن القبطية، قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما، على أم سلمة أم المؤمنين، فسألاها عن الجيش الذي يخسف به، وكان ذلك في أيام ابن الزبير، فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يعوذ عائذ بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم» فقلت: يا رسول الله فكيف بمن كان كارها؟ قال: «يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته».
أخرجه مسلم (2882).

وللفائدة: ينظر «العلل» لابن أبي حاتم (2785) و«العلل» للدارقطني (3976) و(3966).

بيان علة حديث أبي الدرداء مرفوعاً: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله».

بيان علة حديث أبي الدرداء مرفوعاً: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله».

روى الطبراني في «مسند الشاميين» (612) وابن أبي عاصم في «الزهد» (127) عن موسى بن أيوب النصيبي، قال: أخبرنا خداش بن مهاجر، عن ابن جابر، عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله».

خداش بن مهاجر:
قال أبو حاتم: شيخ مجهول أرى حديثه مستقيماً.
وذكره أبو الفتح الأزدي في الضعفاء.
«الجرح والتعديل» (3/391) و«لسان الميزان» (3/354).

والمعروف أن هذا من قول أبي الدرداء رضي الله عنه موقوف عليه، رواه عنه موقوفاً ثلاثة رواة ولم يرفعوه:

1-جبير بن نفير:
أخرجه أبو داود في «الزهد» (213) بسند صحيح.
ولفظه: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما كان من ذكر الله، أو آوى إلى ذكر الله».

2-سعد بن تميم:
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (34592) وابن أبي الدنيا في «الزهد» (334) ومن طريقه البيهقي في «الشعب» (10178) وسنده صحيح.
ولفظه: أن أبا الدرداء ذكر الدنيا, فقال: «إنها ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما كان لله، أو ما ابتغي به وجهه».

3- خالد بن معدان:
أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (543) عن ثور بن يزيد عنه، ومن طريقه ابن أبي الدنيا في «الزهد» (243) وابن عبد البر في «الجامع» (134) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (47/145).
وكذلك أخرجه من طريق عبد الرزاق عن ثور عنه: عبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» (732) وأبو العباس الأصم كما في «مجموعه» (200) والبيهقي في «المدخل» (383) وأبو سعيد بن الأعرابي في «الزهد» (68) ومن طريقه البيهقي في «الشعب» (10033).
ولفظه: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما أدى إليه، والعالم، والمتعلم في الخير شريكان، وسائر الناس همج لا خير فيهم».

وقد نص الإمام أحمد أن خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء، انظر «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص52).
ومع ذلك فروايته هذه موافقة في أصلها وإلا ففيها زيادة لم يتابع عليها- لرواية جبير بن نفير وسعد بن تميم فهي صحيحة المخرج ولا ريب.

فالذي يظهر أن الصواب في الحديث أنه موقوف على أبي الدرداء رضي الله عنه- ولا يصح مرفوعاً.

السبت، 21 يونيو 2014

بيان علة حديث الضحاك بن قيس مرفوعاً: «إن الله تبارك وتعالى يقول: أنا خير شريك، فمن أشرك معي شريكاً فهو لشريكي .. الحديث».

بيان علة حديث الضحاك بن قيس مرفوعاً: «إن الله تبارك وتعالى يقول: أنا خير شريك، فمن أشرك معي شريكاً فهو لشريكي .. الحديث».

عن الضحاك بن قيس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله تبارك وتعالى يقول: أنا خير شريك، فمن أشرك معي شريكاً فهو لشريكي، يأيها الناس أخلصوا أعمالكم لله، فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له، ولا تقولوا: هذا لله وللرحم، فإنها للرحم، وليس لله منها شيء، ولا تقولوا ولوجوهكم، فإنها لوجوهكم، وليس لله فيه شيء».

رواه البزار كما في «كشف الأستار» (3567) –واللفظ له- والدارقطني في «السنن» (133) ومن طريقه البيهقي في «الشعب» (6418) ورواه البغوي في «معجم  الصحابة» (1325) ومن طريقه الخطيب في «المتفق والمفترق» (2/1228) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (24/281) والديلمي كما في «الغرائب الملتقطة» (ق230) -وللخطيب فيه سند آخر- ورواه ابن قانع في «معجم الصحابة» (2/32) ورواه إسماعيل التيمي في «الترغيب والترهيب» (97) ومن طريقه المقدسي في «المختارة» (8/90) من طرق عن عبيدة بن حميد، قال: ثنا عبد العزيز بن رفيع، عن تميم بن طرفة، عن الضحاك بن قيس به مرفوعاً.

وقد خولف عبيدة بن حميد في رفعه:

قال ابن أبي شيبة في «المصنف» :
34792 – حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن عبد العزيز بن رفيع، عن تميم بن طرفة، قال: سمعت الضحاك بن قيس يقول: «يا أيها الناس، اعملوا أعمالكم لله، فإن الله لا يقبل إلا عملاً خالصاً، لا يعفو أحد منكم عن مظلمة فيقول: هذا لله ولوجوهكم، فليس لله وإنما هي لوجوههم، ولا يصل أحد منكم رحمه فيقول: هذا لله وللرحم، إنما هو للرحم، ومن عمل عملاً فيجعله لله ولا يشرك فيه شيئا فإن الله يقول يوم القيامة: من أشرك بي شيئاً في عمل عمله فهو لشريكه ليس لي منه شيء».

وتابعه أبو الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع على وقفه كما في «الزهد» لهناد بن السري (2/434).

وكذلك تابعه الفضيل بن عياض عن عبد العزيز بن رفيع –إن صح السند إليه؛ ففيه من لم أعرفه-.
رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (24/282).

فالذي يظهر أن الأرجح في هذا الحديث أنه موقوف؛ لأن جريراً وأبا الأحوص والفضيل إن صح- اتفقوا على روايته موقوفاً، بينما تفرد عبيدة بن حميد برفعه.

قال الدارقطني كما في «أطراف الغرائب والأفراد» (2297) :
تفرد به عبيدة بن حميد عن عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عنه مرفوعاً، وقال ابن صاعد رفع هذا الحديث عبيدة ووقفه جرير بن عبد الحميد.

وفي الختام أذكر تنبيهات:
الأول:
وقع عند ابن قانع«تميم بن سلمة» بدلاً من«تميم بن طرفة» وهو وهم مخالف لما ذكره سائر من روى الحديث.

الثاني:
وقع في رواية سريج بن يونس عن عبيدة بن حميد قوله: عن عبد العزيز بن رفيع وغيره، فقوله: «وغيره» لم يذكره الرواة عن عبيدة ولا عن عبد العزيز.
ورواية سريج بن يونس عند البغوي (1325) ومن رواه من طريقه كما تقدم.

الثالث:
أبو الأحوص لم يذكر«تميم بن طرفة» في روايته، فقد رواه عن عبد العزيز بن رفيع عن الضحاك بن قيس به موقوفاً.

الرابع:
ذكر المزي وغيره أن الضحاك بن قيس مختلف في صحبته، وينظر ترجمته في «تهذيب الكمال» (2926) و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (4/457) و«المراسيل» له (ص94) و«التاريخ الكبير» (4/332) وغيرها مما تقدم الإحالة عليه.

الثلاثاء، 17 يونيو 2014

بيان علة حديث عائشة قالت: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب».

بيان علة حديث عائشة قالت: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب».

قال أبو داود في «سننه» :
 455 - حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب».

وقال ابن خزيمة في «صحيحه» :
 1294 - نا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، نا مالك بن سعير بن الخمس، أخبرنا هشام، عن أبيه، عن عائشة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المسجد في الدور».

وقال الترمذي في «الجامع» :
594 - حدثنا محمد بن حاتم المؤدب البغدادي قال: حدثنا عامر بن صالح الزبيري قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف، وتطيب».

وفي «نصب الراية» (1/123) :
أخرجه البزار في مسنده عن يونس بن بكير عن هشام به مسنداً، وعن عامر بن صالح عن هشام به، وعن زائدة عن هشام به كذلك، ثم قال: ولا يعلم أسنده غير هؤلاء، وغيرهم يرويه عن هشام عن أبيه مرسلا، انتهى.

فهؤلاء الأربعة (زائدة ومالك بن سعير وعامر بن صالح ويونس بن بكير ) رووه عن هشام موصولاً, وقد خولفوا في روايتهم؛ فروى غيرهم الحديث عن عروة مرسلاً بدون ذكر عائشة.

فالذين رووه موصولاً كما تقدم هم:
-زائدة بن قدامة: وهو حافظ إمام.
-مالك بن سعير: صدوق وضعفه أبو داود. «تهذيب المزي مع الحاشية» ترجمة (5742 ).
-عامر بن صالح: متروك متهم بالكذب لم يستبن أمره للإمام أحمد. «تهذيب المزي» ترجمة (3046 ).
-يونس بن بكير: صدوق فيه لين. «تهذيب المزي» ترجمة (7171 ).

(فصل)
وقال الترمذي: 595 - حدثنا هناد قال: حدثنا عبدة، ووكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر، فذكر نحوه،: «وهذا أصح من الحديث الأول».

596 - حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر، فذكر نحوه، وقال سفيان: «قوله ببناء المساجد في الدور يعني القبائل».

ورواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (7444) عن وكيع وحده.

فالذين رووه مرسلاً هم:
-وكيع.
-عبدة بن سليمان.
-سفيان بن عيينة.

وثلاثتهم حفاظ أثبات تقدم روايتهم على من هم دونهم في العدد وكذلك الضبط؛ بالإضافة إلى غيرهم ممن أرسله كما سيأتي.

فروايتهم أرجح من رواية من وصلوه بلا ريب ولو كان فيهم زائدة؛ لما سبق من كلام الترمذي ولما سيأتي من تنصيص الأئمة النقاد على ذلك أيضاً.

قال ابن أبي حاتم في «العلل» :
481 - وسألت أبي عن حديث رواه عبد الرحمن بن بشر بن الحكم عن مالك بن سعير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر ببناء المساجد في الدور؟
قال أبي: إنما يروى عن عروة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مرسل.

وسئل الدارقطني في «العلل» (3493) عن حديث عروة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد في الدور، وأن تطيب وتنظف.
فقال: يرويه هشام بن عروة، واختلف عنه؛
فرواه الثوري، وزائدة بن قدامة، وعبد الله بن المبارك، وابن عيينة، ومالك بن سعير، وعامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير، ويونس، وحبان بن علي العنزي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
والصحيح عن جميع من ذكرنا وعن غيرهم، عن هشام، عن أبيه، مرسلاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل عن: قران بن تمام، عن هشام، عن أبيه، عن الفرافصة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح.

كذلك أنكر الإمام أحمد وصله.
نقله ابن رجب في الفتح (3/173).

فالخلاصة أن الصواب في 
الحديث الإرسال كما نص على ذلك الإمام أحمد وأبو حاتم والترمذي والدراقطني رحمهم الله ورحم من قفا أثرهم واتبع طريقتهم.