الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

[فائدة في ذم الحزبية والتحزب]

[فائدة في ذم الحزبية والتحزب]

قال الخلال في السنة 1359- حدثنا أبو عبد الله قال ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن سلمة قال: «اجتمع الضحاك المشرقي، وبكير الطائي، وميسرة، وأبو البختري، فأجمعوا على أن الشهادة بدعة، والبراءة بدعة، والولاية بدعة، والإرجاء بدعة».
وهذا الإسناد متصل بالإسناد الذي سبق برقم 1325-وحدثنا أبو بكر ..
وسلمة المذكور هو ابن كهيل.
ويروى نحو هذا الأثر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه انظر الأثر 1370.

وقال أبو عبد الله ابن بطة في الإبانة الصغرى ص271:
« ومن البدع المحدثة التي ليس لها أصل في كتاب ولا سنة -تشبهوا فيها بأفعال الجاهلية- اجتماعهم والتحالف بينهم على التعاضد والتناصر وهذا مبتدع مكروه وكانت الجاهلية تفعله فأذهبه الله - عز وجل - بالإسلام ونهى عنه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية فما زاده الإسلام إلا تأكيدا.
والشهادة بدعة والبراءة بدعة والولاية بدعة.
والشهادة أن يشهد لأحد ممن لم يأت فيه خبر أنه من أهل الجنة أو النار.
والولاية أن يتولى قوما ويتبرأ من آخرين.
والبراءة أن يبرأ من قوم هم على دين الإسلام والسنة».

وقال حرب الكرماني كما في مسائله 3/985:
«والولاية بدعة: والبراءة بدعة، وهم يقولون: نتولى فلان ونتبرأ من فلان. وهذا القول بدعة فاحذروه».

وقال الأوزاعي في كتابه إلى صالح بن بكر:
«فإن الولاية في الإسلام دون الجماعة فرقة».
رواه ابن بطة في الإبانة الكبرى 4/254.

وقال أبو نعيم في الحلية 2/204:
حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي قال: ثنا الحسن بن المثنى قال: ثنا عفان قال: ثنا همام قال: سمعت قتادة، قال: ثنا مطرف قال:
كنا نأتي زيد بن صوحان وكان يقول: يا عباد الله أكرموا وأجملوا فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين الخوف والطمع.
فأتيته ذات يوم وقد كتبوا كتابا فنسقوا كلاما من هذا النحو:
إن الله ربنا ومحمدا نبينا والقرآن إمامنا ومن كان معنا كنا وكنا له ومن خالفنا كانت يدنا عليه وكنا وكنا.
قال: فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلا رجلا فيقولون: أقررت يا فلان؟
حتى انتهوا إلي فقالوا: أقررت يا غلام؟
قلت: لا قال: لا تعجلوا على الغلام، ما تقول يا غلام؟
قال: قلت: إن الله قد أخذ علي عهدا في كتابه فلن أحدث عهدا سوى العهد الذي أخذه الله عز وجل علي.
قال: فرجع القوم عند آخرهم ما أقر به أحد منهم.
قال: قلت لمطرف: كم كنتم؟
قال: زهاء ثلاثين رجلا.

[مستفاد من حاشية المحقق على كتاب الشرح والإبانة لابن بطة]

[كان إبليس من الملائكة وكان اسمه عزازيل, ومعه فائدة في حجية تفسير الصحابي]

[كان إبليس من الملائكة وكان اسمه عزازيل, ومعه فائدة في حجية تفسير الصحابي]

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد :

 قال ابن أبي حاتم في تفسيره قال :
362- حدثني أبي، حدثني سعيد بن سليمان، ثنا عباد يعني ابن العوام، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: «كان إبليس اسمه عزازيل، وكان من أشرف الملائكة من ذوي الأربعة الأجنحة ثم أبلس بعد».

ومن طريق سعيد بن سليمان رواه البيهقي في شعب الإيمان ح/146 ورواه ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان ح/72.

وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير سفيان بن حسين روى له البخاري تعليقاً فهو من رجال مسلم وحده وأبو حاتم الرازي حافظ معروف لم يرو عنه الشيخان وروى عنه أصحاب السنن.

وكذلك روي عنه نحو هذا من أوجه فيها ضعف, وليس لابن عباس رضي الله عنهما -فيما أعلم- مخالف من الصحابة رضوان الله عنهم فلا يعدل عن قوله إلا بحجة.

قال الإمام أحمد رحمه الله في كتابه لأبي عبد الرحيم الجوزجاني [كما في السنة لأبي بكر الخلال 4/22] :
وأن تأويل من تأول القرآن بلا سنة تدل على معناها أو معنى ما أراد الله عز وجل أو أثر عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعرف ذلك بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه، فهم شاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم، وشهدوا تنزيله، وما قصه له القرآن، وما عني به، وما أراد به، وخاص هو أو عام، فأما من تأوله على ظاهر بلا دلالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، فهذا تأويل أهل البدع، لأن الآية قد تكون خاصة ويكون حكمها حكما عاما، ويكون ظاهرها على العموم، فإنما قصدت لشيء بعينه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم المعبر عن كتاب الله عز وجل، وما أراد وأصحابه رضي الله عنهم أعلم بذلك منا لمشاهدتهم الأمر وما أريد بذلك.اهـ المراد

وقال ابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان 1/240:
قال الحاكم أبو عبد الله فى التفسير، من كتاب المستدرك: "ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابى الذى شهد الوحى والتنزيل عند الشيخين: حديث مسند.
وقال فى موضع آخر من كتابه: "هو عندنا فى حكم المرفوع".
وهذا، وإن كان فيه نظر، فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل من كتابه، فعليهم نزل، وهم أول من خوطب به من الأمة. وقد شاهدوا تفسيره من الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم علماً وعملاً، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل.

وقال في إعلام الموقعين 4/119:
فإن قيل: فإذا كان هذا حكم أقوالهم في أحكام الحوادث، فما تقولون في أقوالهم في تفسير القرآن؟ هل هي حجة يجب المصير إليها؟
قيل: لا ريب أن أقوالهم في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن تفسيرهم في حكم المرفوع، قال أبو عبد الله الحاكم في مستدركه: وتفسير الصحابي عندنا في حكم المرفوع، ومراده أنه في حكمه في الاستدلال به والاحتجاج، لا أنه إذا قال الصحابي في الآية قولا فلنا أن نقول هذا القول قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وله وجه آخر.
وهو أن يكون في حكم المرفوع بمعنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين لهم معاني القرآن وفسره لهم كما وصفه تعالى بقوله: {لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل: 44] فبين لهم القرآن بيانا شافيا كافيا، وكان إذا أشكل على أحد منهم معنى سأله عنه فأوضحه له .. اهـ المراد ويراجع بقية كلامه.

وعبارات أهل العلم في هذا الباب كثيرة.

وقد قال القرطبي عن كون إبليس كان من الملائكة 1/294:
«قول جمهور العلماء ابن عباس وابن مسعود وابن جريج وابن المسيب وقتادة وغيرهم، ورجحه الطبري، وهو ظاهر الآية».

وقال البغوي 1/81: «قول أكثر المفسرين».

وينظر تفسير ابن جرير الطبري 1/508.

ولا ينبغي أن يرد تفسير الصحابي بحجة كونه من الإسرائيليات. قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى 13/345:
وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منه أقوى؛ ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين ومع جزم الصاحب فيما يقوله فكيف يقال إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم؟.اهـ

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

[كراهية التطوع في مقدم المسجد في وقت السحر]

[كراهية التطوع في مقدم المسجد في وقت السحر]

قال أبو الفرج ابن رجب رحمه الله في الفتح 4/65:
«وقد كره بعض المتقدمين التطوع في مقدم المسجد من السحر :
فخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عامر الالهاني ، قال : دخل المسجد حابس بن سعد الطائي من السحر - وقد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فرأى الناس يصلون في مقدم المسجد ، فقال : مراءون ورب الكعبة ، أرعبوهم ، فمن أرعبهم فقد أطاع الله ورسوله ، فأتاهم الناس فأخرجوهم ، فقال : أن الملائكة تصلي من السحر في مقدم المسجد .
وإنما خرجه في ((المسند)) لقول حابس : (( من أرعبهم فقد أطاع الله ورسوله )) ، وهذا في حكم المرفوع .
وحابس بن سعد معدود من الصحابة .
وقد روي - أيضا - النهي عن ذلك عن عمر بن الخطاب ، وأنه ضرب من رآه في مقدم المسجد يصلي ، وقال : ألم أنهكم أن تقدموا في مقدم المسجد بالسحر ؛ إن له عوامر .
خرجه جعفر الفريابي في (( كتاب الصلاة )).
قال القاضي أبو يعلى من أصحابنا : هذا يدل على كراهة التقدم في الصف الأول في صدر المسجد قبل السحر .
ويكره - أيضا - استناد الظهر إلى القبلة بين أذان الفجر والإقامة .
وكرهه ابن مسعود ، وقال : لا تحولوا بين الملائكة وبين صلاتهم».


[وانظر شرح العمدة لابن تيمية 2/614 والآداب الشرعية لابن مفلح 3/415 والمصنف لابن أبي شيبة 2/58 ولعبد الرزاق 3/61]


[وهذه الفائدة من طريق أبي جعفر الخليفي وفقه الله]

الاثنين، 25 نوفمبر 2013

[فائدة في حكم الشطرنج]

[فائدة في حكم الشطرنج]

 عن عبيد الله بن عمر قال: سئل ابن عمر عن الشطرنج فقال: «هي شر من النرد» .

رواه الآجري في كتابه تحريم النرد والشطرنج والملاهي برقم27 وابن أبي الدنيا في كتب ذم الملاهي برقم97.


وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم10 - (2260) أنه قال: «من لعب بالنردشير، فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه».

قال ابن تيمية رحمه الله كما في "المجموع" 32/240:
«والبيهقي أعلم أصحاب الشافعي بالحديث وأنصرهم للشافعي ذكر إجماع الصحابة على المنع منه (أي الشطرنج) : عن علي بن أبي طالب وأبي سعيد وابن عمر وابن عباس وأبي موسى وعائشة - رضي الله عنهم - ولم يحك عن الصحابة في ذلك نزاعا ومن نقل عن أحد من الصحابة أنه رخص فيه فهو غالط».

وقال ابن القيم في كتاب "الفروسية" ص311:
«ولا يُعلم أحدٌ من الصحابةِ أحلها (أي الشطرنج) ، ولا لعب بها ، وقد أعاذهم الله من ذلك ، وكل ما نُسب إلي أحد منهم أنه لعب بها كأبي هريرة فافتراءٌ وبهت على الصحابة ، ينكره كل عالم بأحوال الصحابة ، وكل عارف بالآثار».ا.هـ.

وقال ص313 :
«وقد صح النهي عن عبد الله بن عباس ، وعن عبد الله بن عمر ، ولا يعلم لهما في الصحابة مخالف في ذلك البتة».اهـ

وقال في المنار المنيف ص130:
«وإنما يثبت فيه المنع عن الصحابة».

 وروى ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ص٨٠ عن الإمام مالك أنه قال: «الشطرنج من النرد بلغنا عن ابن عباس أنه ولي مال يتيم فأحرقها».

وقال حرب كما في مسائله 2/928:
قيل لإسحاق: أترى بلعب الشطرنج بأسا؟ قال: «البأس كله». قيل فإن أهل الثغور يلعبون بها للحرب، قال: «هو فجور».

والنقول كثيرة عن أهل العلم في تحريمها ويكفي المسترشد إجماع الصحابة عليه والله الموفق.

[مستفاد من حاشية المحقق على كتاب الشرح والإبانة لابن بطة]


الأحد، 24 نوفمبر 2013

[ثبوت المعاصرة وإمكان اللقي, بل ثبوت الرؤية, لا يلزم منه ثبوت السماع والحكم بالاتصال]

[ثبوت المعاصرة وإمكان اللقي, بل ثبوت الرؤية, لا يلزم منه ثبوت السماع والحكم بالاتصال]

قال أبو حاتم كما في [المراسيل 703] لابنه:
«الزهريُّ لَمْ يسمع مِن أبان بن عثمان شيئاً، لا لأنه لَمْ يُدركه! قد أدركه وأدرك مَن هو أكبر منه، ولكن لا يثبت له السماع مِنه.
كما أنَّ حبيب بن أبي ثابت لا يثبت له السماع مِن عروة بن الزبير، وهو قد سمع مِمَّن هو أكبر منه.
غير أنَّ أهل الحديث قد اتفقوا على ذلك، واتفاق أهل الحديث على شيءٍ يكون حُجَّة». اهـ

وقال كما في [المراسيل 526] لابنه:
«لَمْ يسمع أبو إسحاق مِن ابن عمر، إنما رآه رؤية». اهـ

وقال أيضا في [المراسيل 706]:
«الزهريُّ لَمْ يصح سماعه مِن ابن عمر، رآه ولم يسمع منه. ورأى عبد الله بن جعفر، ولم يسمع منه». اهـ

وقال أيضاً في [المراسيل 909]:
«جماعة بالبصرة قد رأوا أنس بن مالك ولَم يسمعوا مِنه، مِنهم يحيى بن أبي كثير». اهـ

قال أبو الفرج ابن رجب بعد أن ذَكَرَ كلامَ أبي حاتم وغيرِه في رواية يحيى بن أبي كثير عن أنس في [شرح علل الترمذي 2/590]:
«ولَمْ يَجعلوا روايته عنه متصلةً بمجرد الرؤية، والرؤيةُ أَبْلَغُ مِن إمكان اللقي». اهـ

وقال أيضاً في [شرح علل الترمذي 2/595]:
«وكلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم في هذا المعنى كثير جداً، يطول الكتاب بذكره، وكله يدور على أن مجرد ثبوت الرواية لا يكفي في ثبوت السماع، وأن السماع لا يثبت بدون التصريح به، وأن رواية من روى عمن عاصره، تارة بواسطة، وتارة بغير واسطة، يدل على أنه لم يسمع منه، إلا أن يثبت له السماع من وجه».اهـ 

[علة حديث: لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ..]

[علة حديث: لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ..]

حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم».

رواه مسلم في صحيحه 148- (1144) لكن أعله بالإرسال:
أبو زرعة الرازي في العلل لابن ابي حاتم 2/532/س567.
والدراقطني في العلل 10/43/س1843 وقال: أخرجه مسلم في صحيحه، ولا يصح.
وكذلك ضعفه في الإلزامات والتتبع ص146.

[بحث في حديث: «كان أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضرة»]

[بحث في حديث: «كان أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضرة»]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
قال الطبراني في الأوسط 8027 - حدثنا موسى بن هارون، ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، نا معن بن عيسى، ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس قال: «كان أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضرة».
لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد بن بشير، ولا عن سعيد إلا معن: تفرد به: إبراهيم بن المنذر ".اهـ

سعيد بن بشير مختلف فيه وقد ضعفه جمع من الحفاظ وقد ذُكرأنه يحدث عن قتادة بالمنكرات:
قال محمد بن عبد الله بن نمير: منكر الحديث ليس بشىء ليس بقوى الحديث يروي عن قتادة المنكرات.
وقال الساجى : حدث عن قتادة بمناكير.
وقال ابن حبان : كان رديء الحفظ فاحش الخطأ يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه.

ويراجع تهذيب الكمال 10/348 ترجمة 2243 وتهذيب التهذيب 4/10.

وقد استنكر ابن عدي عليه هذا الخبر بعينه في الكامل 4/420.

وقد روي هذا الحديث عن قتادة من وجه ثان:
قال البزار: 7234- حدثنا الحسن بن يحيى، حدثنا إسحاق بن إدريس، حدثنا سويد، عن قتادة، عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الخضرة، أو قال - كان أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضرة.

إسحاق بن إدريس الأسواري البصري أبو يعقوب كذاب يضع الحديث ويراجع اللسان 2/41 ترجمة 998.

وشيخه الراوي عن قتادة هو سويد بن إبراهيم الجحدري أبو حاتم ضعيف وأُنكر عليه حديثه عن قتادة , قال ابن عدي : حديثه عن قتادة ليس بذاك ، و سويد فيه ضعف ، و إنما يخلط عن قتادة ، و يأتي عنه بأحاديث لا يأتي بها عنه أحد غيره ، و هو إلى الضعف أقرب.
ويراجع تهذيب الكمال 12/242 ترجمة 2640.


وروي عن سويد من طريق آخر:
قال ابن عدي في الكامل 4/486:
حدثنا عمر بن عبد الرحمن السلمي، حدثنا سليمان بن داود الشاذكوني، حدثنا سهل بن حسام بن مصك، حدثنا سويد أبو حاتم، عن قتادة، عن أنس، قال: كان أعجب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضرة.

ورواه أبو نعيم كذلك في الطب 1/312 من طريق عمر بن عبد الرحمن ووقع عنده سقط لم يتبين من شيخه.

وهذا الإسناد فيه الشاذكوني وقد كذبه ابن معين وتركه الحفاظ والأئمة وسهل بن حسام لم أر من وثقه.

وقد روي عن قتادة من وجه ثالث:
قال ابن عدي في الكامل 4/346:
حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا يوسف، حدثنا حجاج، عن ابن جريج أخبرني أبو بكر الهذلي، عن قتادة خرجنا مع أنس بن مالك إلى أرض له يقال لها الزاوية فقال حنظلة السدوسي ما أحسن هذه الخضرة فقال أنس كنا نتحدث أن أحب الألوان إلى الله الخضرة.

هذا الوجه كما هو ظاهر فيه مخالفة للمتن السابق فلفظه "أحب الألوان إلى الله" , والحديث رواه البيهقي في شعب الإيمان من طريق ابن عدي ح/5916 وجاء عنده : "أحب الألوان إلى النبي صلى الله عليه وسلم".

وهذا الإسناد فيه أبو بكر الهذلي وقيل اسمه سلمى بن عبد الله , متروك الحديث كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة والحفاظ وكذبه غندر , ويراجع تهذيب الكمال 33/159 ترجمة 7268.

فالخلاصة أن الحديث منكر فعامة الطرق واهية لا تقوم بها حجة ولم يرو هذا الحديث من وجه صحيح -فيما وقفت عليه- والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الاثنين، 18 نوفمبر 2013

[بحث في حديث: «لا خير فيمن لا يضيف»]

[بحث في حديث: «لا خير فيمن لا يضيف»]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:

قال أحمد في مسنده 17419 - حدثنا حجاج، وحسن بن موسى، قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا خير فيمن لا يضيف».

ورواه ابن وهب عن ابن لهيعة كما في مسند الروياني 1/156 ح/176 ولذلك حسنه بناء على أن رواية ابن لهيعة مقبولة إن روى عنه ابن وهب.

ولو قدر صحة هذا القول يبقى أن ابن لهيعة خولف في متنه والذي خالفه هو الإمام الليث بن سعد كما عند البيهقي في شعب الإيمان وأعل البيهقي حديث ابن لهيعة بحديث الليث وإليك كلامه من شعب الإيمان 12/120 :
9142 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أنا محمد بن عبد الله بن محمد بن قريش، أنا الحسن بن سفيان، نا محمد بن رمح، نا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، أن أبا الخير أخبره، أنه سمع عقبة بن عامر، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا خير فيمن لا يضيف ".
9143 - وبإسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بئس القوم قوم لا ينزلون الضيف "، كذا رواه، عن ابن لهيعة والصحيح بهذا الإسناد ما:
9144 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو الفضل بن إبراهيم، نا أحمد بن سلمة، نا قتيبة بن سعيد، نا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، قال: قلنا: يا رسول الله، إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقروننا فما ترى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيافة الذي ينبغي لهم "، رواه البخاري، ومسلم في الصحيح، عن قتيبة.

هو عند البخاري برقم 2461 و6137 وعند مسلم برقم 4537.

وقد رواه ابن لهيعة على الصواب كرواية الليث كما عند الترمذي في الجامع ح/1589 .

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.


[بحث في حديث: «ارحلوا لصاحبيكم، اعملوا لصاحبيكم»]

[بحث في حديث: «ارحلوا لصاحبيكم، اعملوا لصاحبيكم»]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:

قال أحمد في المسند :
8436 - حدثنا عمر بن سعد وهو أبو داود الحفري، قال: أخبرنا سفيان، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطعام بمر الظهران، فقال لأبي بكر وعمر: «ادنوا، فكلا» ، قالا: إنا صائمان، قال : «ارحلوا لصاحبيكم، اعملوا لصاحبيكم».


قال محمد بن عبد الهادي السندي في حاشيته على سنن النسائي 4/177:
(ارحلوا لصاحبيكم) أي قال لسائر الصحابة المفطرين ارحلوا لصاحبيكم أي لأبي بكر وعمر لكونهما صائمين أي شدوا الرحل لهما على البعير اعملوا من العمل أي عاونوهما فيما يحتاجان إليه والمقصود أنه قررهما على الصوم فهو جائز أو أنه أشار إلى أن صاحب الصوم كَلٌ على غيره فهو مكروه والله تعالى أعلم.

هذا الحديث تفرد بوصله أبو داود الحفري عن سفيان عن الأوزاعي ورواه أصحاب الأوزاعي عنه مرسلاً ليس فيه أبو هريرة وهُم:
1- محمد بن شعيب بن شابور كما عند النسائي ح/2585 وهو ثبت في الأوزاعي كما قال أبو داود.
2- الوليد بن مسلم كما عند النسائي ح/2586.
3- عقبة بن علقمة المعافري كما في جزء أبي العباس الأصم ص/57 ح/30.
4- يحيى بن حمزة بن واقد كما عند الدارقطني في العلل مسألة/1762.
5- يحيى بن عبد الله البابلتي كما في المصدر السابق.

وتابع الأوزاعي على روايته مرسلاً علي بن المبارك كما عند النسائي ح/2587.

قال النسائي بعد أن رواه موصولاً : هذا خطأ، لا نعلم أحدا تابع أبا داود على هذه الرواية، والصواب مرسل.

وكذلك رجح الدارقطني الإرسال فيه كما في العلل مسألة/1762 وأورده الذهبي في السير 2/113 وقال مرسل.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين
.

الأحد، 17 نوفمبر 2013

[الأقوال في مسألة التحسين والتقبيح]

[الأقوال في مسألة التحسين والتقبيح]

قال شيخ الإسلام رحمه الله:
ولهذا كان للناس في الشرك والظلم والكذب والفواحش ونحو ذلك ثلاثة أقوال: 
قيل: إن قبحهما معلوم بالعقل وأنهم يستحقون العذاب على ذلك في الآخرة وإن لم يأتهم الرسول كما يقوله المعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وحكوه عن أبي حنيفة نفسه وهو قول أبي الخطاب وغيره.
وقيل: لا قبح ولا حسن ولا شر فيهما قبل الخطاب وإنما القبيح ما قيل فيه لا تفعل؛ والحسن ما قيل فيه افعل أو ما أذن في فعله. كما تقوله الأشعرية ومن وافقهم من الطوائف الثلاثة.
وقيل إن ذلك سيء وشر وقبيح قبل مجيء الرسول؛ لكن العقوبة إنما تستحق بمجيء الرسول. وعلى هذا عامة السلف وأكثر المسلمين وعليه يدل الكتاب والسنة.
[مجموع الفتاوى 11/677]

[لا اجتهاد في مسائل الاعتقاد]

[لا اجتهاد في مسائل الاعتقاد]

- عن الحسن رحمه الله قال: مر بي أنس بن مالك رضي الله عنه وقد بعثه زياد إلى أبي بكرة رضي الله عنه يعاتبه فانطلقت معه فدخلنا على الشيخ وهو مريض فأبلغه عنه.
فقال: إنه يقول ألم أستعمل عبيد الله على فارس؟! ألم أستعمل رواداً على دار الرزق؟! ألم أستعمل عبد الرحمن على الديوان وبيت المال؟!
فقال أبو بكرة رضي الله عنه يعاتبه فهل زاد على أن أدخلهم النار؟!
قال فقال أنس رضي الله عنه: إني لا أعلمه إلا مجتهداً.
فقال أبو بكرة رضي الله عنه: أقعدوني. فقال قلتَ إني لا أعلمه إلا مجتهداً! وأهل حروراء قد اجتهدوا أفأصابوا أم أخطأوا؟!
قال الحسن رحمه الله: فرجعنا مخصومين.
[مسائل صالح بن أحمد (874) وتهذيب الكمال 30/7]

- قال الشافعي (204هـ) رحمه الله:
والله لأن يفتي العالم فيقال: أخطأ العالم، خير له
من أن يتكلم فيقال: زنديق، وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله.
قال الذهبي عقبه: هذا دال على أن مذهب أبي عبد الله أن الخطأ في الأصول، ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع.
[السير 10/19]

- قال عثمان بن سعيد الدارمي (280هـ) رحمه الله:
وأما ما ذكرت من اجتهاد الرأي في تكييف صفات الرب، فإنا لا نجيز اجتهاد الرأي في كثير من الفرائض والأحكام، التي نراها بأعيننا، وتسمع في آذاننا.
فكيف في صفات الله التي لم ترها العيون، وقصرت عنها الظنون؟
[النقض على المريسي ص54]

- قال ابن منده (395هـ) رحمه الله:
ذكر الدليل على أن المجتهد المخطئ في معرفة الله , عز وجل ووحدانيته كالمعاند قال الله تعالى مخبرا عن ضلالتهم ومعاندتهم: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} [الكهف: 104].
وقال علي بن أبي طالب , رضي الله عنه لما سئل عن الأخسرين أعمالا فقال: كفرة أهل الكتاب كان أوائلهم على حق، فأشركوا بربهم عز وجل وابتدعوا في دينهم، وأحدثوا على أنفسهم , فهم يجتمعون في الضلالة , ويحسبون أنهم على هدى، ويجتهدون في الباطل ويحسبون أنهم على حق، ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وقال علي رضي الله عنه منهم أهل حروراء.
[كتاب التوحيد له 1/314]

- قال ابن أبي زيد القيرواني (386هـ) رحمه الله:
ومن قول أهل السنة إنه لا يعذر من وداه اجتهاده إلى بدعة لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل فلم يعذروا إذا خرجوا بتأويلهم عن الصحابة فسماهم عليه السلام مارقين من الدين وجعل المجتهد في الأحكام مأجوراً وإن أخطأ.
[الجامع له ص164]

- قال عبيد الله بن سعيد السجزي (444هـ) رحمه الله:
وقال عمر وسهل بن حنيف: "اتهموا الرأي على الدين" ولا مخالف لهما في الصحابة، وقد كانا يجتهدان في الفروع، فعلم أنهما أرادا بذلك المنع من الرجوع إلى العقل في المعتقدات.
[رسالته في الحرف والصوت ص92]

- قال يوسف بن عبد الهادي الشهير بابن المبرد (909هـ) رحمه الله:
فإن باب الصفات موقوف على النقل والتقليد لا على الاجتهاد وكل العلم يسوغ فيه الاجتهاد إلا هذا.
[جمع الجيوش والدساكر]

- قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ (1293هـ) رحمه الله:
والمسائل التي يسقط الذم عن المخطئ فيها إذا اجتهد واتقى الله ما استطاع هي المسائل الاجتهادية، أي التي يسوغ الاجتهاد فيها أو ما يخفى دليله في نفسهن, ولا يعرفه إلاّ الآحاد؛ بخلاف ما علم بالضرورة من دين الإسلام، كمعرفة الله بصفاته وأسمائه وأفعاله وربوبيته ومعرفة ألوهيته وكتوحيده بأفعال العبد وعباداته؛ فأي اجتهاد يسوغ هنا وأي خفاء ولبس فيه؟
وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
وجميع الكفار، إلا من عاند منهم، قد أخطأوا في هذا الباب واشتبه عليهم، أفيقال بعذرهم وعدم تأثيمهم أو أجرهم؟ سبحان الله! ما أقبح الجهل وما أبشعه.
[منهاج التأسيس والتقديس ص18]

- قال سليمان بن سحمان (1349هـ) رحمه الله:
فالشخص المعين إذا صدر منه ما يوجب كفره من الأمور التي هي معلومة بالضرورة مثل عبادة غير الله سبحانه ومثل جحد علو الله على خلقه ونفي صفات كماله ونعوت جلاله الذاتية والفعلية ومسألة علمه بالحوادث والكائنات قبل كونها .
فإن المنع من التكفير والتأثيم بالخطأ والجهل في هذا كله  رد على من كفر معطلة الذات ومعطلة الربوبية ومعطلة الأسماء والصفات ومعطلة إفراده تعالى بالإلهية والقائلين بأن الله لا يعلم الكائنات قبل كونها كغلاة القدرية ومن قال بإسناد الحوادث إلى الكواكب العلوية ومن قال بالأصلين النور والظلمة فإن من التزم هذا كله فهو أكفر وأضل من اليهود والنصارى .
وهل أوقع الاتحادية والحلولية فيما هم عليه من الكفر البواح والشرك العظيم والتعطيل لحقيقة وجود رب العالمين إلا خطأهم في هذا الباب الذي اجتهدوا فيه فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل .
وهل قتل الحلاج باتفاق أهل الفتوى على قتله إلا ضلال اجتهاده ، وهل كفر القرامطة وانتحلوا ما انتحلوه من الفضائح الشنيعة وخلع ربقة الشريعة إلا باجتهادهم فيما زعموا .
وهل قالت الرافضة ما قالت واستباحت ما استباحت من الكفر والشرك وعبادة الأئمة الاثني عشر وغيرهم ومسبة أصحاب رسول الله وأم المؤمنين إلا باجتهادهم فيما زعموا.
فليس كل اجتهاد وخطأ وجهل مغفور لا يكفر ولا يؤثم فاعله وهذا على سبيل التنبيه وإلا فالمقام يحتمل بسطا أكثر من هذا.
[اجماع أهل السنة النبوية على تكفير المعطلة والجهمية ص148- 158]


[من كتاب التنبيهات الجلية على الأخطاء العقدية في شروح كتب السنة النبوية ص49]

السبت، 16 نوفمبر 2013

[التنبيه على كلام منسوب للخطيب البغدادي في ترك الاحتجاج بآثار الصحابة الموقوفة في إثبات صفات الله سبحانه]

[التنبيه على كلام منسوب للخطيب البغدادي في ترك الاحتجاج بآثار الصحابة الموقوفة في إثبات صفات الله سبحانه]

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الموصوف بصفات الجلال المنعوت بنعوت الكمال المنزه عما يضاد كماله من سلب حقائق أسمائه وصفاته المستلزم لوصفه بالنقائص وشبه المخلوقين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه وحجته على عباده فهو رحمته المهداة إلى العالمين ونعمته التي أتمها على أتباعه من المؤمنين.[باختصار من مقدمة الصواعق لابن القيم]

أما بعد: فقد تناقل بعض المنحرفين من جهلة المتكلمين في مواقعهم على الشبكة (ومنهم صالح الأسمري المتمشعر الضال) نقلاً نسبوه لأحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي وجعلوا الإحالة فيه على كتابه الفقيه والمتفقه وجعلوه قاعدة في إثبات صفات رب العزة والجلال عند أهل الحديث! –بزعمهم-.

والنص هو: [قال في الفقيه والمتفقه" (ص/132) : "لا تَثْبت الصفة لله بقول صحابي أو تابعي إلا بما صَحَّ من الأحاديث النبوية المرفوعة المتفق على توثيق رواتها، فلا يُحْتج بالضعيف ولا بالمختلف في توثيق رواته حتى لو ورد إسنادٌ فيه مُخْتَلَف فيه وجاء حديث آخر يَعْضده فلا يُحْتَج به" اهـ.]

وقد أفادني أحد الإخوة الفضلاء -بعد أن نقلت له الكلام السابق- أنه لم يقف على هذا النقل بعد البحث عنه لا في كتاب الفقيه والمتفقه للخطيب ولا غيره من المظان مما دفعني كذلك للبحث عنه بواسطة البرامج الحاسوبية فلم أجد له أثراً.

ويغلب على الظن –والعلم عند الله- أن نسبة هذا الكلام للخطيب كذب وتزوير قام به هؤلاء الضلال لتمشية انحرافهم وزيفهم المعروف ومذهبهم الباطل في تعطيل صفات الله سبحانه وتعالى.

على أنه لو صح هذا عن الخطيب لم يكن فيه حجة لهم إذ أن الخطيب كلامه لا يجري على أصول أئمة السلف ومن تبعهم بإحسان على المذهب الحق والمسلك الصدق من أئمة أهل السنة في إثبات صفات الله عز وجل التي جاءت من طريق آثار الصحابة الموقوفة.

قال أبو بكر الآجري (ت360 هـ) في الشريعة 2/1051 : اعلموا وفقنا الله وإياكم للرشاد من القول والعمل أن أهل الحق يصفون الله عز وجل بما وصف به نفسه عز وجل ، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم وبما وصفه به الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع.اهـ

فتأمل أخي القارئ كيف جعل الآجري إثبات الصفات لله سبحانه التي وصفه بها الصحابة مذهباً للعلماء ممن اتبع ولم يبتدع فهذا مذهب علماء أهل السنة.


وقال ابن منده في كتاب التوحيد 3/309:


وكذلك نقول في ما تقدم من هذه الأخبار في الصفات في كتابنا هذا نرويها من غير تمثيل ولا تشبيه ولا تكييف ولا قياس ولا تأويل على ما نقلها السلف الصادق عن الصحابة الطاهرة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم ونجهل من تكلم فيها إلا ببيان عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو خبر صحابي حضر التنزيل والبيان ..

وقال اللالكائي في السنة (1/2) :" وكان من أعظم مقول ، وأوضح حجة ومعقول ، كتاب الله الحق المبين ، ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار المتقين ، ثم ما أجمع عليه السلف الصالحون"

فانظر إلى قوله بعد ذكر آثار الصحابة ( ثم ما أجمع عليه السلف الصالحون ) مما يدل على أن الصحابة لهم خصوصية ، وأن آثارهم تقبل بغير شرط الإجماع.

وقال الإمام أحمد في رسالته إلى المتوكل التي رواها ابنه عبد الله في السنة (80) : ولست بصاحب كلام ولا أرى الكلام في شيء من هذا إلا ما كان في كتاب الله عز وجل أو في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه أو عن التابعين.اهـ

قال قوام السنة الأصبهاني في الحجة (2/ 286) :" وَالْإِيمَان بِأَن الله تَعَالَى عَلَى عَرْشه اسْتَوَى كَمَا شَاءَ، وَعلمه بِكُل مَكَان لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء، وَمن صفة أهل السّنة الْأَخْذ بِكِتَاب الله عز وَجل، وبأحاديث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وبأحاديث أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَترك الرَّأْي والابتداع"

وقوله ( بأحاديث أصحاب رسول الله ) يريد بها آثار الصحابة بدليل عطفه لها على ( أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

وقال البربهاري في شرح السنة 99:واعلم أن الدين إنما هُوَ التقليد والتقليد لأصحاب رسول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم.

قال السجزي في رسالته لأهل زبيد ص143: فأهل السنة: هم الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصالح رحمهم الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه رضي الله عنهم فيما لم يثبت فيه نص في الكتاب ولا عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم رضي الله عنهم أئمة، وقد أمرنا باقتداء آثارهم، واتباع سنّتهم وهذا أظهر من أن يحتاج فيه إلى إقامة برهان.

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في أصول السنة ص14: أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم.اهـ

وقال الإمام أحمد في كتابه لأبي عبد الرحيم الجوزجاني [كما في السنة لأبي بكر الخلال 4/22]: واعلم رحمك الله أن الخصومة في الدين ليست من طريق أهل السنة، وأن تأويل من تأول القرآن بلا سنة تدل على معناها أو معنى ما أراد الله عز وجل أو أثر عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعرف ذلك بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه، فهم شاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم، وشهدوا تنزيله، وما قصه له القرآن، وما عني به، وما أراد به، وخاص هو أو عام، فأما من تأوله على ظاهر بلا دلالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، فهذا تأويل أهل البدع .. اهـ المراد نقله.

تأمل أخي القارئ الكريم قول الإمام : ويعرف ذلك بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه ..
فعطف وغاير بين ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام وبين ما جاء عن أصحابه وهذا ظاهر في أنه يحتج بالموقوف احتجاجه بالمرفوع ثم علل ذلك بقوله: فهم شاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم، وشهدوا تنزيله .. إلى آخر كلامه رحمه الله.

وقال الشافعي - رحمه الله – [كما في إعلام الموقعين 1/63] في رسالته البغدادية التي رواها عنه الحسن بن محمد الزعفراني، وهذا لفظه: وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القرآن والتوراة والإنجيل، وسبق لهم على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الفضل ما ليس لأحد بعدهم، فرحمهم الله وهنأهم بما آتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين، أدوا إلينا سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاما وخاصا وعزما وإرشادا، وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا، وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به، وآراؤهم لنا أحمد، وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا، ومن أدركنا ممن يرضى أو حكي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا، أو قول بعضهم إن تفرقوا، وهكذا نقول، ولم نخرج عن أقاويلهم، وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله.اهـ

وقال الدارمي في النقض 1/215:
وأما دعواك: أن تفسير "القيوم" الذي لا يزول من مكانه ولا يتحرك، فلا يقبل منك هذا التفسير إلا بأثر صحيح، مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن بعض أصحابه أو التابعين.

وقد نقل السجزي رحمه الله الاتفاق على أن إثبات الصفات لا يكون إلا بتوقيف حيث قال في رسالته إلى أهل زبيد ص178: وقد اتفقت الأئمة على أنّ الصفات لا تؤخذ إلا توقيفاً.اهـ

فإذا أثبت الصحابي صفة لله سبحانه وتعالى فهذا يكون له حكم الرفع إذ أنه لا مجال للاجتهاد فيه ولا يقال من قبيل الرأي و ولا يجوز أن يظن بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يروون في شرعنا ما هو باطل منسوخ، ويجب أن يحسن الظن فيهم.


وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى 13/345:
وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منه أقوى؛ ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين ومع جزم الصاحب فيما يقوله فكيف يقال إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم؟.اهـ

وقال كما في "مجموع الفتاوى" ( 10/362-363 ) :
" فالعلم المشروع والنسك المشروع مأخوذ عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما جاء عمن بعدهم فلا ينبغي أن يجعل أصلا ، وإن كان صاحبه معذورا، بل مأجورا لاجتهاد أو تقليد .
فمن بنى الكلام في العلم : الأصول والفروع على الكتاب والسنة
 والآثار المأثورة عن السابقين فقد أصاب طريق النبوة، وكذلك من بنى الإرادة والعبادة والعمل والسماع المتعلق بأصول الأعمال وفروعها من الأحوال القلبية والأعمال البدنية على الإيمان والسنة والهدى الذي كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقد أصاب طريق النبوة، وهذه طريق أئمة الهدى .
تجد " الإمام أحمد " إذا ذكر أصول السنة قال : هي التمسك بما كان عليه
 أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" .

وقال الذهبي في العرش 2/159 :
ذكر ما حفظ عن الصحابة رضي الله عنهم من أقوالهم بأن الله في السماء على العرش، وذلك في حكم الأحاديث المرفوعة، لأنهم رضي الله عنهم لم يقولوا شيئًا من ذلك إلا وقد أخذوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم لا مساغ لهم في الاجتهاد في ذلك، ولا أن يقولوه بآرائهم، وإنما تلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.اهـ

فمن ذلك:
ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه في إثبات صفة القدمين (بلفظ التثنية) لله عز وجل رواه عنه الأئمة مقرين له وتلقوه بالقبول في مصنفاتهم كالسنة لعبد الله بن أحمد والرد على الجهمية لابن مندة وابن أبي شيبة في العرش والصفات للدراقطني والإبانة الكبرى لابن بطة والتوحيد لابن خزيمة وغيرها.

قال ابن معين: " شهدت زكريا بن عدي سأل وكيعا، فقال: يا أبا سفيان هذه الأحاديث، يعني مثل: حديث الكرسي، موضع القدمين، ونحوها فقال وكيع: «أدركنا إسماعيل بن أبي خالد، وسفيان، ومسعرا يحدثون بهذه الأحاديث، ولا يفسرون بشيء» .[الكنى للدولابي 2/619]

ومن ذلك ايضاً ما روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: خلق الله الملائكة من نور الذراعين والصدر وهو في كتاب السنة لعبد الله بن أحمد وكتاب الرد على الجهمية لابن مندة وغيرها.


وهذان الأثران وغيرهما قد رواها السلف والأئمة في مصنفاتهم وقبلوها ولم ينكروها ولم يطعنوا فيها.

ومن ذلك ما ذكره الدارمي في النقض 2/728 قال: كتب إلي علي بن خشرم أن وكيعا سئل عن حديث عبد الله ابن عمرو الجنة مطوية معلقة بقرون الشمس فقال وكيع هذا حديث مشهور قد روي فهو يروى فإن سألوا عن تفسيره لم نفسر لهم ونتهم من ينكره وينازع فيه والجهمية تنكره.اهـ

فتأمل كيف أن وكيعاً يثبت هذا بأثر موقوف ويرد على من ينكره ويتهمه.

وفي هذه المناسبة يحسن التنبيه إلى أمر مهم ألا وهو أن ما يرويه الأئمة في مصنفاتهم التي صنفوها في تقرير العقيدة والسنة والرد على المخالفين ولم يؤثر عن أحد منهم إنكارها وردها أو الغمز في إسنادها سواءً كانت هذه الآثار مرفوعة أو موقوفة على الصحابة أو حتى على التابعين فينبغي على من جاء بعدهم لزوم غرزهم والتسليم لهذه الآثار وإمرارها كما جاءت وترك التعرض لها بالتضعيف والإنكار ونحو ذلك فإنه يسعنا ما وسع سلفنا ومن ضعفها ممن جاء بعدهم قوله مردود غير مقبول.

من ذلك ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة قال: 587 - حدثني أبي، نا وكيع، بحديث إسرائيل عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر رضي الله عنه قال: «إذا جلس الرب عز وجل على الكرسي» فاقشعر رجل سماه أبي عند وكيع فغضب وكيع وقال: أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث لا ينكرونها.

قال الذهبي في كتاب العرش 2/155 بعد أن أورد هذا الأثر:
قلت: وهذا الحديث صحيح عند جماعة من المحدثين، أخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في صحيحه، وهو من شرط ابن حبان فلا أدري أخرجه أم لا؟، فإن عنده أن العدل الحافظ إذا حدث عن رجل لم يعرف بجرح، فإن ذلك إسناد صحيح.
فإذا كان هؤلاء الأئمة: أبو إسحاق السبيعي، والثوري، والأعمش، وإسرائيل، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو أحمد الزبيري، ووكيع، وأحمد بن حنبل، وغيرهم ممن يطول ذكرهم وعددهم الذين هم سُرُج الهدى ومصابيح الدجى قد تلقوا هذا الحديث بالقبول وحدثوا به، ولم ينكروه، ولم يطعنوا في إسناده، فمن نحن حتى ننكره ونتحذلق عليهم؟، بل نؤمن به ونكل علمه إلى الله عز وجل.
قال الإمام أحمد: "لا نزيل عن ربنا صفة من صفاته لشناعة شنِّعت وإن نَبَت عن الأسماع".اهـ

ومن ذلك ما روي عن ابن عباس في قوله: {تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن} قال: "ممن فوقهن من الثقل. [رواه ابن أبي شيبة في العرش ص338 وغيره]

قال ابن القيم رحمه الله في نونيته ص105 :
وبسورة الشورى وفي مزمل ... سر عظيم شأنه ذو شان
في ذكر تفطير السماء فمن يرد ... علما به فهو القريب الداني
لم يسمح المتأخرون بنقله ... جبنا وضعفا عنه في الإيمان
بل قاله المتقدمون فوارس الإ ... سلام هم أمراء هذا الشان
ومحمد بن جرير الطبري في ... تفسيره حكيت به القولان . اهـ

ومن ذلك ما روى الدارمي في الرد على الجهمية, قال : 88 - حدثنا عبد الله بن صالح المصري، قال: حدثني الليث وهو ابن سعد قال: حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، أن زيد بن أسلم، حدثه عن عطاء بن يسار، قال: أتى رجل كعبا وهو في نفر، فقال: يا أبا إسحاق حدثني عن الجبار. فأعظم القوم قوله، فقال كعب: دعوا الرجل، فإن كان جاهلا تعلم، وإن كان عالما ازداد علما، ثم قال كعب: «أخبرك أن الله خلق سبع سموات، ومن الأرض مثلهن، ثم جعل ما بين كل سماءين كما بين السماء الدنيا والأرض، وكثفهن مثل ذلك، ثم رفع العرش فاستوى عليه، فما في السموات سماء إلا لها أطيط كأطيط الرحل العلافي أول ما يرتحل من ثقل الجبار فوقهن».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية 1/573 : وهذا الأثر وإن كان هو رواية كعب فيحتمل أن يكون من علوم أهل الكتاب ويحتمل أن يكون مما تلقاه عن الصحابة ورواية أهل الكتاب التي ليس عندنا شاهد هو لا يدافعها ولا يصدقها ولا يكذبها فهؤلاء الأئمة المذكورة في إسناده هم من أجل الأئمة وقد حدثوا به هم وغيرهم ولم ينكروا ما فيه من قوله من ثقل الجبار فوقهن فلو كان هذا القول منكرا في دين الإسلام عندهم لم يحدثوا به على هذا الوجه ..اهـ

ومن ذلك ما روي عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده مرفوعاً في أطيط العرش:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية 1/569 :وهذا الحديث قد يطعن فيه بعض المشتغلين بالحديث انتصارا للجهمية وإن كان لا يفقه حقيقة قولهم وما فيه من التعطيل أو استبشاعا لما فيه من ذكر الأطيط كما فعل أبو القاسم المؤرخ ويحتجون بأنه تفرد به محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن جبير ثم يقول بعضهم ولم يقل ابن إسحاق حدثني فيتحمل أن يكون منقطعا وبعضهم يتعلل بكلام بعضهم في ابن إسحاق مع إن هذا الحديث وأمثاله وفيما يشبهه في اللفظ والمعنى لم يزل متداولا بين أهل العلم خالفا عن سالف ولم يزل سلف الأمة وأئمتها يروون ذلك رواية مصدق به راد به على من خالفه من الجهمية متلقين لذلك بالقبول .. اهـ

ومن ذلك ما روي عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) قال : « يقعده معه على العرش ».

 وفي إبطال التأويلات 1/480:
وقال ابن عمير: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن حديث مجاهد يقعد محمدا على العرش فقال: قد تلقته العلماء بالقبول، نسلم الخبر كما جاء ..
إلى أن قال 1/485:
وذكر أبو عبد الله بن بطة في كتاب الإبانة، قال أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد: لو أن حالفا حلف بالطلاق ثلاثا أن الله تعالى: يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم معه على العرش واستفتاني في يمينه لقلت له: صدقت في قولك وبررت في يمينك، وامرأتك على حالها، فهذا مذهبنا وديننا واعتقادنا، وعليه نشأنا، ونحن عليه إلى أن نموت إن شاء الله فلزمنا الإنكار على من رد هذه الفضيلة التي قالتها العلماء وتلقوها بالقبول، فمن ردها فهو من الفرق الهالكة.اهـ

وفي هذا القدر كفاية لمن وفقه الله تعالى للإنصاف والبعد عن التعصب المذموم.

وأسأل الله أن يكتب الأجر والثواب للإخوة الفضلاء ممن نقلت عنه ولم أعز فجزاهم الله خيراً فليس لي في هذا المقال إلا الجمع.

وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.