الثلاثاء، 28 يناير 2014

[بحث في حديث «إن الله يصلح بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده وأهل دويرته وأهل الدويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم»]

[بحث في حديث «إن الله يصلح بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده وأهل دويرته وأهل الدويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم»]

قال أبو الشيخ في الطبقات له (4/78) : حدثنا محمد بن نصير قال: ثنا إسماعيل قال: ثنا الوقاصي عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يصلح بصلاح الرجل الصالح ولده، وولد ولده، وأهل دويرته، وأهل الدويرات حوله، فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم».

-محمد بن نصير وثقه أبو نعيم في تاريخه (2/211) .
-أما شيخه فهو إسماعيل بن عمرو البجلي: ضعيف في حديثه مناكير.
الجرح والتعديل (2/190) والضعفاء للعقيلي (1/86) والكامل (1/525) والضعفاء للدارقطني (87) والثقات لابن حبان (8/100) .
-وأما الوقاصي فهو عثمان بن عبد الرحمن متروك الحديث وكذبه ابن معين وأبو حاتم.
تهذيب المزي (14/425) والجرح والتعديل (6/157).

ورواه ابن جرير في تفسيره (5/347) عن أبي حميد الحمصي عن يحيى بن سعيد العطار عن الوقاصي به.
وقد ضعفه ابن كثير (1/669) بيحيى العطار وغابت عنه حال الوقاصي.

وقد خولف في رفع هذا الحديث, فقد  رواه محمد بن سوقة عن ابن المنكدر قوله, ورواه عن ابن سوقة كل من:
-ابن المبارك في الزهد (330) ومن طريقه النسائي في السنن الكبرى (11866).
-سفيان بن عيينة في مسند الحميدي (377) ومن طريقه ابن عساكر (56/65).
-الحسين بن علي الجعفي في المصنف لابن أبي شيبة (35415) ومن طريقه ابن عساكر (56/65).
-أبو خالد الأحمر في الحلية (3/148) والقصاص والمذكرين لابن الجوزي (ص236).

وخالفهم أسباط بن محمد, فرواه عن ابن المنكدر مرسلاً كما في العيال لابن أبي الدنيا (359).

وأسباط بن محمد صدوق في حديثه بعض الوهم ينظر تهذيب المزي (2/354).

وقد خالف جماعة من الأثبات وهم ابن المبارك وابن عيينة والجعفي ورواية الواحد من هؤلاء منفرداً ترجح على رواية مثل أسباط, فكيف بهم مجتمعين!

فخلاصة القول أن الراجح في الحديث أنه من قول محمد بن المنكدر ولا يصح مرفوعاً ولا حتى مرسلاً والله أعلم.

وقد روي نحوه موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنهما, أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره كما نقل السيوطي في الدر المنثور (5/422) بلا إسناد كعادته فالله أعلم بصحته.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

السبت، 25 يناير 2014

[كتاب] أخبار الشيوخ وأخلاقهم لأبي بكر المرّوذي

عنوان الكتاب :أخبار الشيوخ وأخلاقهم
المؤلف: أحمد بن محمد بن الحجاج ، أبو بكر المرّوذي (المتوفى: 275هـ) من خواص تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
المحقق: عامر حسن صبري
الناشر: دار البشائر الإسلامية ، بيروت
سنة النشر: 1426 هـ - 2005 م
عدد المجلدات: 1
رقم الطبعة: الأولى
التحميل المباشر:  اضغط هنا

(ملاحظة:نقل المحقق كلام بعض المنحرفين الضُّلال في مقدمته وبعض حواشيه فلينتبه وليحذر, وعموماً فالحواشي ليس فيها كبير شيء والله المستعان)

الثلاثاء، 14 يناير 2014

[من استأجر أجيراً، فليعلمه أجره]

[من استأجر أجيراً، فليعلمه أجره]

قال ابن أبي شيبة رحمه الله في المصنف (ت.الحوت) 4/366:
من كره أن يستعمل الأجير حتى يبين له أجره
21109 - حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة وأبي سعيد، قالا: «من استأجر أجيراً، فليعلمه أجره».اهـ

قد روي هذا الأثر مرفوعاً ولكن قال أبو زرعة رحمه الله: الموقوف أصح.
وقد رواه عبد الرزاق في المصنف عن معمر والثوري ووقع عنده: (عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أو أحدهما), ثم رواه عن الثوري وحده ولم يذكر أبا هريرة رضي الله عنه.
وكذلك رواه عن حماد كل من: (شعبة وحماد بن سلمة) ولم يذكر أحد منهم أبا هريرة.
ولعل الشك من حماد بن أبي سليمان والله أعلم, فقد تردد في رفعه ووقفه:
قال عبد الرزاق: قلت للثوري: أسمعت حمادا يحدث، عن إبراهيم، عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استأجر أجيرا فليسم له إجارته»؟ قال: نعم، وحدث به مرة أخرى، فلم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا أن حماد بن سلمة رحمه الله لا تبعة عليه في رفعه.

وبأي حال هو منقطع بين إبراهيم النخعي رحمه الله وأبي سعيد رضي الله عنه فهو لم يسمع منه, ولم يسمع –فيما يظهر- كذلك من أبي هريرة (على فرض كون ذكره في السند محفوظاً).

[ وينظر مسند أحمد 18/193 و18/213, المراسيل لأبي داود برقم181, الكبرى للنسائي 4/420, المصنف لعبد الرزاق 8/235, الكبرى للبيهقي 6/198, تحفة الأشراف 3/326, العلل لابن أبي حاتم 3/600 و6/653, الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء 2/518].

وروي كذلك من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ولا يصح. [أطراف الأفراد والغرائب 3952 و3723].

وقد جاء عن عثمان رضي الله عنه الإرشاد إلى هذا الأمر:

قال ابن أبي شيبة:
21110 - حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سهل السراج عن الحسن قال: قال عثمان: «من استأجر أجيراً، فليبين له أجره».اهـ

سهل السراج فيه كلام يسير, وقال أحمد وغيره لا بأس به. [ينظر تهذيب المزي ترجمة2617]

وقد نص بعض الحفاظ أن رواية الحسن البصري عن عثمان مرسلة, ولكن ثبت سماعه منه أشياء.

[ينظر المراسيل لابن أبي حاتم ص31 وجامع التحصيل ص162 وعلل ابن المديني ص51 وتاريخ أبي زرعة الدمشقي ص682 وزوائد عبد الله على المسند برقم521 وغريب الحديث للخطابي 2\141]. 

ثم وقفت على إنكار الإمام أحمد لهذا الخبر في مسائل أبي داود 1914.


وكذلك نحوه عن غير واحد من التابعين رحمهم الله:

قال ابن أبي شيبة:
21111 - حدثنا حفص عن أشعث عن الحكم وحماد عن إبراهيم وابن سيرين أنهما «كرها أن يستعمل الأجير حتى يبين له أجره».
21112 - حدثنا محمد بن فضيل عن أشعث عن محمد أنه «كره أن يستعمل الأجير ما لا يدري ما هو، إلا أن يكون شيئا معلوما».اهـ

أشعث بن سوار فيه ضعف. [ينظر تهذيب المزي ترجمة524]

وقال:
21113 - حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زمعة عن ابن طاوس عن أبيه قال: «لا يستأجر الأجير إلا بأفراق معلومة».اهـ

زمعة بن صالح فيه ضعف. [ينظر تهذيب المزي ترجمة2003]


وقال النسائي رحمه الله في الكبرى 4657 - أخبرنا محمد بن حاتم أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن حماد بن سلمة عن يونس عن الحسن أنه «كره أن يستأجر الرجل، حتى يعلمه أجره».اهـ


ورواه عن حماد أيضاً: عفان بن مسلم رحمه الله (كما في جزء أحاديثه ص61).

وسنده صحيح.

وقال ابن بطة رحمه الله في الشرح والإبانة ص227:
ونهى ... أن يستعمل الأجير حتى يُعلم كم أجرته.اهـ


وقال البيهقي في الكبرى 6/198:
باب لا تجوز الإجارة حتى تكون معلومة، وتكون الأجرة معلومة
استدلالا بما روينا في كتاب البيوع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر، والإجارات صنف من البيوع، والجهالة فيها غرر.اهـ

ثم ساق حديث أبي سعيد المتقدم وغيره.

ومن المعلوم أن جهالة الأجرة قد تؤدي إلى التشاجر والخصومة.

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الأحد، 5 يناير 2014

[ملحق بمقال:] بعض مخالفات الذهبي في كتابه السير وغيره من كتبه

[ملحق بمقال:] بعض مخالفات الذهبي في كتابه السير وغيره من كتبه

فيما يلي ملحقٌ بما سبق ذكره من المخالفات التي وقع فيها الذهبي في كتابه السير وغيره من كتبه (وتجده هنا) ولم يذكرها مؤلف "الاحتجاج" مع التعليق على بعضها وبيان وجه الغلط فيها:

1- تصحيحه إسلام تارك عمل الجوارح والذي انعقد إجماع السلف على كفره:
جاء في مختصره لكتاب الإيمان الكبير لابن تيمية ص١٧٥:
فيمتنع أن يكون الرجل لا يفعل شيئا مما أمر به من الصلاة والصوم والحج ويفعل كل محرم أمكنه وهو مع ذلك مؤمن في الباطن، بل لا يرتكب ذلك كله إلا لعدم الإيمان. انتهى كلام ابن تيمية رحمه الله.

قال الذهبي في الحاشية معلقاً: «قد يكون غاليا في الإرجاء فآل به إلى فعل ذلك وهو مسلم!».

وهذا الكلام صريح في تصحيح إسلام تارك عمل الجوارح والذي انعقد إجماع السلف على كفره.

(أما الإجماع ، فهو ما نقله الشافعي رحمه الله ، عن الصحابة والتابعين:
قال: "وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون : الإيمان قول وعمل ونية لا بجزيء واحد من الثلاث إلا بالآخر".
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي 5/956 ، مجموع الفتاوى 7/209]

ولا يتم الاستدلال بهذا الإجماع على المطلوب إلا ببيان المراد بالعمل في قول الشافعي : قول وعمل ونية ، وقبل ذلك أشير الى ثبوت هذا الاجماع عنه رحمه الله .

أولا : ثبوت هذا الإجماع :
قال اللالكائي في شرح أصول اعتقاد اهل السنة والجماعة 5/956:
"قال الشافعي رحمه الله في كتاب الأم في باب النية في الصلاة: نحتج بأن لا تجزيء صلاة إلا بنية لحديث عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات) ثم قال :
وكان الإجماع من الصحابة والتابعين .... " الخ .

وهكذا نقله شيخ الاسلام أيضا عن كتاب الأم .
فهذا نقل عن كتاب ، لا يحتاج إلى بحث في الإسناد .
وكون هذا النص ليس موجودا الآن في كتاب الأم كما قال محقق كتاب اللالكائي ، لا يعني عدم وجوده فيه في عصر اللالكائي ، وعصر شيخ الإسلام ، بل لو كان مفقودا في زمن شيخ الإسلام لأحال في نقله على الللاكائي ، كما يفعل ذلك كثيرا في كتبه رحمه الله.
بل هذا الإجماع الذي يحكيه الشافعي ذكره الرازي عنه واستشكله :
قال شيخ الإسلام ( 7/511) :
"وكان كل من الطائفتين بعد السلف والجماعة وأهل الحديث متناقضين ، حيث قالوا : الإيمان قول وعمل ، وقالوا مع ذلك : لا يزول بزوال بعض الأعمال!
حتى ان ابن الخطيب وأمثاله جعلوا الشافعي متناقضا في ذلك ، فإن الشافعي كان من أئمة السنة ، وله في الرد على المرجئة كلام مشهور ، وقد ذكر في كتاب الطهارة من " الأم " إجماع الصحابة والتابعين وتابعيهم على قول أهل السنة ، فلما صنف ابن الخطيب تصنيفا فيه ، وهو يقول في الإيمان بقول جهم والصالحي استشكل قول الشافعي ورآه متناقضا" اهـ

فثبوت هذا الإجماع عن الشافعي رحمه الله لا شك فيه ، وهو ثابت عن غيره أيضا ، وهو قولهم : الإيمان قول وعمل ، لكن ما نقله الشافعي يبين منزلة عمل الجوارح ، وأن الأجزاء الأخرى لا تنفع بدونه.

وقد أشار الى هذا الإجماع ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم (1/104 ت : شعيب الارناؤوط).

ثانيا : ما المقصود بالعمل في هذا الاجماع ؟
والجواب : المقصود بذلك عمل الجوارح جزما ، وبيان ذلك بأمرين :
الأول :
أن قوله "ونية" إشارة الى عمل القلب ، فتعين حمل قوله "وعمل" على عمل الجوارح . كما أن قوله "قول" شامل لقول اللسان وقول القلب .
والنية هي الإخلاص وهو عمل القلب ، وتمثيل الأئمة لعمل القلب بالنية أو الإخلاص أمر شائع مشهور ، وتأمل هذا النقل عن الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام (224هـ) في كتابه الإيمان ص 9،10 لترى استعماله لنفس عبارة الشافعي ، مع التعبير عن النية بالإخلاص ، وعن العمل بعمل الجوارح ، في حكاية قول أهل السنة:
قال: "اعلم رحمك الله أن أهل العلم والعناية بالدين افترقوا في هذا الأمر فرقتين :
فقالت إحداهما : الإيمان بالإخلاص لله بالقلوب
وشهادة الالسنة
وعمل الجوارح .
وقالت الفرقة الأخرى : بل الإيمان بالقلوب والألسنة فأما الأعمال فإنما هي تقوى وبر وليست من الإيمان . وإنا نظرنا في اختلاف الطائفتين ، فوجدنا الكتاب والسنة يصدقان الطائفة التي جعلت الإيمان :
بالنية
والقول
والعمل ،جميعا ، وينفيان ما قالت الأخرى " انتهى .

وهنا عبر الإمام أبو عبيد عن حقيقة مذهب أهل السنة بتعبيرين:
الأخير منهما هو تعبير الشافعي رحمه الله ،
فدل على أن العمل : هو عمل الجوارح
وأن النية : هي الإخلاص ، وهو من عمل القلب .

وانظر في التمثيل لعمل القلب بالنية :
الصلاة وحكم تاركها لابن القيم ص46 حيث قال: "عمل القلب : نيته وإخلاصه"
و معارج القبول 2/589 .

الأمر الثاني :
الذي يدل على أن العمل هنا هو عمل الجوارح :
أن من العلماء من حكى الاجماع بلفظ قريب من لفظ الشافعي وصرح بأن العمل هو عمل الجوارح :
قال الإمام الآجري في الشريعة ص 125(ط.دار الكتب العلمية ، ت: محمد بن الحسن إسماعيل) بعد ذكر المرجئة وسوء مذاهبهم عند العلماء :
وهو في الطبعة المحققة للدكتور الدميجي 2/686:
"بل نقول – والحمد لله – قولا يوافق الكتاب والسنة وعلماء المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم وقد تقدم ذكرنا لهم : ان الإيمان معرفة بالقلب تصديقا يقينا ، وقول باللسان ، وعمل بالجوارح ، لا يكون مؤمنا إلا بهذه الثلاثة ، لا يجزي بعضها عن بعض ، والحمد لله على ذلك " انتهى .

ولتمام الفائدة أنقل إجماعا آخر حكاه الآجري أيضا:

قال ص 102 ( 2/611 ت: الدميجي ) :
"قال محمد بن الحسين : اعلموا رحمنا الله تعالى وإياكم : أن الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق ، وهو تصديق بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالجوارح .
ثم اعلموا أنه لا تجزيء المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا ،
ولا تجزيء معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح ،
فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمنا .
دل على ذلك الكتاب والسنة وقول علماء المسلمين " .

ودفعا لما قد يتوهمه البعض ، ومنعا لتطويل النقاش بغير فائدة أقول : وقفت على من حاول تأويل قول الشافعي – ومثله قول الآجري هنا - : " لا يجزي "
وأقول : تأمل جيدا قوله (لا تجزيء المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا).

يظهر لك جليا أن الإجزاء هنا بمعنى الصحة والقبول ، إذ لا يصح الايمان مع ترك قول اللسان بإجماع اهل السنة!

وقوله بعد ذلك : "لا تنفعه" صريح في اثبات المطلوب .

وقال الآجري في إيضاح الإجماع الذي حكاه : ص 103 ( 2/614 ت: الدميجي ) :
"فالأعمال – رحمكم الله تعالى – بالجوارح تصديق للإيمان بالقلب واللسان .
فمن لم يصدق الايمان بجوارحه : مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه ،
ورضي من نفسه بالمعرفة والقول : لم يكن مؤمنا ، ولم تنفعـــــــــه المعرفة والقول ، وكان تركه العمل تكذيبا منه لإيمانه ، وكان العمل بما ذكرنا تصديقا منه لإيمانه ، وبالله تعالى التوفيق " انتهى كلام الآجري.

وقال أيضا في كتابه الاربعين حديثا ، المطبوع مع الشريعة ص 422:
"اعلموا رحمنا الله واياكم ان الذي عليه علماء المسلمين واجب على جميع الخلق : وهو تصديق القلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالجوارح . ثم إنه لا تجزيء معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون معه عمل بالجوارح . فإذا اكتملت فيه هذه الخصال الثلاثة كان مؤمنا ، دل على ذلك الكتاب والسنة وقول علماء المسلمين ... ولا ينفع القول اذا لم يكن القلب مصدقا بما ينطق به اللسان مع القلب ...
وإنما الإيمان بما فرض الله على الجوارح تصديقا لما أمر الله به القلب ، ونطق به اللسان ، لقوله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) وقال عز وجل ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ,
وفي غير موضع من القرآن ، ومثله فرض الحج وفرض الجهاد على البدن بجميع الجوارح . والاعمال بالجوارح تصديق عن الايمان بالقلب واللسان .
فمن لم يصدق بجوارحه مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه هذه ، ومن رضي لنفسه بالمعرفة دون القول والعمل لم يكن مؤمنا .
ومن لم يعتقد المعرفة والقول كان تركه للعمل تكذيبا منه لإيمانه [كذا ]
وكان العمل بما ذكرنا تصديقا منه لايمانه ، فاعلم ذلك .
هذا مذهب علماء المسلمين قديما وحديثا ،
فمن قال غير هذا فهو مرجيء خبيث ، فاحذره على دينك ، والدليل عليه قوله عز وجل {وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} "   انتهى كلام الآجري رحمه الله).

[الكلام من قوله: أما الإجماع  .. إلى آخره منقول من مقال بعنوان (تحرير المقال في مسألة ترك عمل الجوارح)].

وقال أبو عبد الله ابن بطة في الإبانة 2/760:
(باب بيان الإيمان وفرضه وأنه : تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح والحركات لا يكون العبد مؤمنا إلا بهذه الثلاث .
قال الشيخ : اعلموا رحمكم الله أن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه فرض على القلب المعرفة به والتصديق له ولرسله ولكتبه وبكل ما جاءت به السنة ،
وعلى الألسن النطق بذلك والإقرار به قولا
وعلى الأبدان والجوارح العمل بكل ما أمر به وفرضه من الأعمال
لا تجزيء واحدة من هذه إلا بصاحبتها .
ولا يكون العبد مؤمنا إلا بأن يجمعها كلها حتى يكون مؤمنا بقلبه ، مقرا بلسانه ، عاملا مجتهدا بجوارحه .
ثم لا يكون أيضا مع ذلك مؤمنا حتى يكون موافقا للسنة في كل ما يقوله ويعمله ، متبعا للكتاب والعلم في جميع أقواله وأعماله.
وبكل ما شرحته لكم نزل به القرآن ومضت به السنة ، وأجمع عليه علماء الأمة).

وقال أيضا 2/ 779:
(واعلموا رحمكم الله أن الله عز وجل لم يثن على المؤمنين ولم يصف ما أعد لهم من النعيم المقيم والنجاة من العذاب الأليم ولم يخبرهم برضاه عنهم إلا بالعمل الصالح والسعي الرابح .
وقرن القول بالعمل ، والنية بالإخلاص حتى صار اسم الإيمان مشتملا على المعاني الثلاثة لا ينفصل بعضها عن بعض ، ولا ينفع بعضها دون بعض ، حتى صار الإيمان قولا باللسان ، وعملا بالجوارح ، ومعرفة بالقلب ، خلافا لقول المرجئة الضالة الذين زاغت قلوبهم وتلاعبت الشياطين بعقولهم .
وذكر الله عز وجل ذلك كله في كتابه ، والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته).

وقال في 2/795:
(قال الشيخ : فقد تلوت عليكم من كتاب الله عز وجل ما يدل العقلاء من المؤمنين أن الإيمان قول وعمل ، وأن من صدق بالقول وترك العمل كان مكذبا وخارجا من الإيمان.
وأن الله لا يقبل قولا إلا بعمل ، ولا عملا إلا بقول).

وهذا الاستطراد في بيان هذه المسألة لأهميتها وكثرة من خبط فيها ونسب إلى السلف خلاف ما تكلموا به وأجمعوا عليه والله المستعان.

2- إطلاقه لعبارات سيئة في حق بعض الصحابة عليهم رضوان الله أجمعين:
أ- نقل قول النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأبي ذر رضي الله عنه: (يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم). وقال: "فهذا محمول على ضعف الرأي؛ فإنه لو ولي مال يتيم لأنفقه كله في سبيل الخير، ولترك اليتيم فقيراً".اهـ (السير 2/75).

ب- وقال في ترجمة مروان بن الحكم: "وكان أبوه قد طرده النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلى الطائف؛ ثم أقدمه عثمان إلى المدينة؛ لأنه عمه".اهـ (السير 3/477).

ج- وقال في ترجمة أبي سفيان حرب رضي الله عنه: "تداركه الله بالإسلام يوم الفتح؛ فأسلم شبه مكره خائف؛ ثم بعد أيام صلح إسلامه، وكان من دهاة العرب ومن أهل الرأي والشرف فيهم؛ فشهد حنيناً، وأعطاه صهره رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنائم مئة من الإبل، وأربعين أوقية من الدراهم يتألفه بذلك؛ ففرغ عن عبادة هبل، ومال إلى الإسلام".اهـ (السير 2/106).

د- وقال في حق عبدالله بن الزبير رضي الله عنه وعن أبيه: "كانت أم المؤمنين من أكرم أهل زمانها ولها في السخاء أخبار، وكان ابن الزبير بخلاف ذلك".اهـ (السير 2/198).

هـ- وقال في ترجمة طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه: "الذي كان منه في حق عثمان: تمغفل، وتأليب فعله باجتهاد؛ ثم تغير عندما شاهد مصرع عثمان".اهـ (السير 1/35).

قال الإمام أحمد رحمه الله: «من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينطوي إلا على بلية، وله خبيئة سوء، إذا قصد إلى خير الناس، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وقال:
«فالنبي عليه السلام قد نهى عن ذكر أصحابه وأن ينتقص أحد منهم، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون بعده من أصحابه. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبأ بذلك، فالاقتداء برسول الله والكف عن ذكر أصحابه فيما شجر بينهم والترحم عليهم , ونقدم من قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، نرضى بمن رضي به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد موته. قال الله تبارك وتعالى: {تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون} [البقرة: 134]».
[وينظر السنة للخلال 2/431 وما بعدها والشريعة للآجري 5/2485 وما بعدها]

3- تهوينه من شأن بدعة الجهمية المكفرة التي كفّر بها السلف جماعة من أهل البدع منهم المريسي:
قال في ترجمة بشر المريسي: "ومن كفر ببدعة - وإن جلت - ليس هو مثل الكافر الأصلي، ولا اليهودي، والمجوسي؛ أبى الله أن يجعل من آمن بالله ورسوله، واليوم الآخر، وصام، وصلى، وحج، وزكى - وإن ارتكب العظائم، وضل، وابتدع - كمن عاند الرسول، وعبد الوثن، ونبذ الشرائع، وكفر، ولكن نبرأ إلى الله من البدع وأهلها".اهـ (10/202).

قال المحقق في الحاشية: هذا كلام صادر عن إنصاف وتعقل وعلم، فرحم الله المؤلف رحمة واسعة، فإنه يتوخى دائما جانب الإنصاف في التراجم، وقلما تجد من يقاربه في ذلك.اهـ

ولا غرو أن يغتبط المحقق بهذا الكلام إذ هو موافق لهواه في التلطف مع أسلافه من الجهمية والدفاع عنهم والاعتذار لهم.

أما قوله: عن بدعة المريسي (وهي التجهم) ليست مثل كفر اليهود فصواب, بل هي أشد كفراً وقوله أفحش وأقبح من قولهم!

قال عبد الله بن المبارك رحمه الله: «إنا نستجيز أن نحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستجيز أن نحكي كلام الجهمية».
[رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة 1/111 والدارمي في الرد على الجهمية ص29 وغيرهما]
قال الدارمي رحمه الله عقبه: وصدق ابن المبارك، إن من كلامهم في تعطيل صفات الله تعالى ما هو أوحش من كلام اليهود والنصارى.

وقال سعيد بن عامر رحمه الله: «الجهمية أشر قولا من اليهود والنصارى، قد اجتمعت اليهود والنصارى، وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى على العرش، وقالوا هم: ليس على العرش شيء ».
[خلق أفعال العباد للبخاري 2/17 والسنة لعبد الله (وليس في المطبوع منه) والرد على الجهمية لابن أبي حاتم كما في درء التعارض 6/261]

وقال علي بن عاصم رحمه الله: «إن الذين قالوا إن لله ولدا أكفر من الذين قالوا: إن الله لا يتكلم ... ».
[الإبانة لابن بطة 2/106 وخلق أفعال العباد 2/19 وغيرهما]

وقال البخاري رحمه الله : «نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس فما رأيت أضل في كفرهم منهم، وإني لأستجهل من لا يكفرهم إلا من لا يعرف كفرهم».
[خلق أفعال العباد 2/24]

وقال البخاري رحمه الله: «ما أبالي صليت خلف الجهمي الرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم، ولا يعادون، ولا يناكحون، ولا يشهدون، ولا تؤكل ذبائحهم».
[المصدر السابق 2/33]

وقال أبو عبيد رحمه الله: «ومن قال هذا (أي التأويل والتعطيل) فليس شيء من الكفر إلا وهو دونه، ومن قال هذا فقد قال على الله ما لم يقله اليهود والنصارى ومذهبه التعطيل للخالق».
[المصدر السابق 2/34]

وقال الدارمي رحمه الله في النقض 299: (فافهم أيها المريسي أنك تأولت في يدي الله، أفحش مما تأولت اليهود ..).
وقال ص724: (لقد سببتم الله بأقبح ما سبه اليهود).

وأما تكفير المريسي فقد أجمع عليه السلف.
انظر السنة لعبد الله بن أحمد (باب: ما حفظت في جهم وبشر المريسي) 1/167, والسنة للخلال (باب: ذكر بشر المريسي) 5/99, وأسماء من حكم عليه بذلك عند اللالكائي 3/425, وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 7/61/3516.

4- قوله بزيارة القبور والتبرك بها وأن الدعاء عندها مستجاب!
أ- قال في ترجمة أبي بكر أحمد بن لال: "والدعاء عند قبره مستجاب".اهـ (السير 17/76).

ب- وقال في ترجمة ابن زيرك: "وقبره يزار، ويتبرك به".اهـ (السير 18/434).

5- تعقبه لكبار أئمة السلف وأهل السنة فيما اتفقوا على القول به والإنكار على من خالفهم فيها ومن ذلك:
قال: "لا يعجبني قوله استقر؛ بل أقول كما قال مالك الإمام: الاستواء معلوم".اهـ (العلو ص262).

تفسير الاستواء بالاستقرار تفسير صحيح جاء عن غير واحد من أهل العلم من السلف والخلف وإليك ذكرهم:
1-ابن عباس رضي الله عنهما (84هـ) [الأسماء والصفات للبيهقي 873]
2-مجاهد (103هـ) [مختصر الصواعق 2/143]
3ـ-الكلبي [تفسير البغوي 2/165 ونقله في العلو ص261]
4- مقاتل [تفسير البغوي 2/165 ونقله في العلو ص261]
5ـ-عبد الله بن المبارك (181هـ) [مجموع الفتاوى 5/591 وقال: ومن تابعه من أهل العلم وهم كثير]
6-ابن قتيبة (276هـ) [تأويل مختلف الحديث ص171]
7-ابن عبد البر (463هـ) [التمهيد 7/129]
8ـ-أبو أحمد القصاب الكرجي في عقيدته التي كتبها للقادر بالله وجمع الناس عليها وذلك في صدر المائة الخامسة وأمر باستتابة من خرج عنها من معتزلي ورافضي وخارجي ومما قال فيها: .. خلق العرش لا لحاجة إليه فاستوى عليه استواء استقرار كيف شاء وأراد لا استقرار راحة كما يستريح الخلق.اهـ [العلو للذهبي 2/1303]
9-أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي (532هـ) قال في كتابه "الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول":
وإذا تقرر أن تأويل الصحابة مقبول فتأويل ابن عباس أولى بالاتباع والقبول فإنه البحر العباب وبالتأويل أعلم الأصحاب فإذا صح عنه تأويل الاستواء بالاستقرار وضعنا له الحد بالإيمان والتصديق وعرفنا من الاستقرار ما عرفناه من الاستواء وقلنا إنه ليس باستقرار يتعقب تعباً واضطراباً بل هو كيف شاء وكما يشاء والكيف فيه مجهول والإيمان به واجب كما نقول في الاستواء سواء.اهـ [بيان تلبيس الجهمية 7/403]
10- ابن تيمية (728هـ) [الفتاوى 5/519 وبيان تلبيس الجهمية 6/104 و8/304]
11- ابن القيم (751هـ) :
وقد جمع في النونية 2/361 هذه المعاني فقال:
فلهم عبارات عليها أربع ... قد حصلت للفارس الطعان
وهي استقر وقد علا وكذلك ار ... تقع الذي ما فيه من نكران
وكذاك قد صعد الذي هو أربع ... وأبو عبيدة صاحب الشيباني
يختار هذا القول في تفسيره ... أدرى من الجهمي بالقرآن
-وقال في مختصر الصواعق 1/380: أن استواء الشيء على غيره يتضمن استقراره وثباته وتمكنه عليه كما قال تعالى في السفينة: {واستوت على الجودي} [هود: 44] أي رست عليه واستقرت على ظهره.اهـ
12- عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (1285ه) حيث قال كما في الدرر السنية 3/215:
إن معنى استوى: استقر، وارتفع، وعلا، وكلها بمعنى واحد؛ لا ينكر هذا إلا جهمي زنديق، يحكم على الله وعلى أسمائه وصفاته بالتعطيل، قاتلهم الله أنى يؤفكون.اهـ

وصدق الشيخ رحمه الله فليس للذهبي سلف في إنكاره هذه اللفظة إلا المعطلة:
انظر شرح ابن بطال 10/447 والمفهم للقرطبي 1/436 والفتح لابن حجر 7/156 و13/416 وشرح العيني 25/111.

[وهذه النقول والإحالات جميعها مستفادة من مقدمة التحقيق لكتاب إثبات الحد للدشتي]

6- لينه مع أهل البدع في تراجمه لهم, ومن ذلك:
أ) نقل عن سبط ابن الجوزي في كتاب رياض الأفهام؛ سب الغزالي لعمر رضي الله عنه؛ في كتابه (سر العالمين وكشف ما في الدارين) حيث قال في حديث (من كنت مولاه، فعلي مولاه): إن عمر قال لعلي: بخ بخ؛ أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة. قال الغزالي: وهذا تسليم ورضى؛ ثم بعد هذا غلب عليه الهوى حباً للرياسة، وعقد البنود، وأمر الخلافة ونهيها؛ فحملهم على الخلاف، فنبذوه وراء ظهورهم، واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون. ثم قال – أي الذهبي -: "وما أدري ما عذره في هذا؟ والظاهر أنه رجع عنه، وتبع الحق؛ فإن الرجل من بحور العلم!".اهـ (السير 19/328).

ب) وقال في ترجمة يزيد البسطامي: "سلطان العارفين".اهـ (السير 12/86).
وقال: "وجاء عنه - يقصد البسطامي - أشياء مشكلة لا مساغ لها؛ الشأن في ثبوتها عنه، أو أنه قالها في حال الدهشة والسكر، والغيبة والمحو؛ فيطوى، ولا يحتج بها؛ إذ ظاهرها إلحاد؛ مثل: سبحاني. وما في الجبة إلا الله. ما النار؛ لأستندن إليها غداً، وأقول: اجعلني فداء لأهلها، وإلا بلعتها. ما الجنة؟ لعبة صبيان، ومراد أهل الدنيا. ما المحدثون؟ إن خاطبهم رجل عن رجل؛ فقد خاطبنا القلب عن الرب. وقال في اليهود: ما هؤلاء؟ هبهم لي؛ أي شيء هؤلاء حتى تعذبهم؟".اهـ (السير 13/88).

ج) ومن لينه مع أهل البدع من المعطلة بل ودفاعه عنهم واعتذاره لهم وتحامله على أهل السنة قوله في الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه: "وأسوأ شيء قاله: أنه ضلل العلماء الحاضرين، وأنه على الحق، فقال كلمة فيها شر وفساد وإثارة للبلاء؛ رحم الله الجميع وغفر لهم؛ فما قصدهم إلا تعظيم الباري عز وجل من الطرفين، ولكن الأكمل في التعظيم والتنزيه؛ الوقوف مع ألفاظ الكتاب والسنة، وهذا هو مذهب السلف؛ رضي الله عنهم".اهـ (السير 21/464).

7- تهوينه من شأن الإرجاء والمرجئة:
وقال: "وقد كان على الإرجاء عدد كثير من علماء الأمة، فهلا عد مذهباً! وهو قولهم: أنا مؤمن حقا عند الله الساعة، مع اعترافهم بأنهم لا يدرون بما يموت عليه المسلم من كفر أو إيمان، وهذه قولة خفيفة".اهـ (السير 9/436).

8- لبسه خرقة التصوف البدعية:
وقال ترجمة السهروردي: "وكان تام المروءة؛ كبير النفس؛ ليس للمال عنده قدر؛ لقد حصل له ألوف كثيرة فلم يدخر شيئاً، ومات ولم يخلف كفناً، وكان مليح الخلق والخلق؛ متواضعا؛ كامل الأوصاف الجميلة؛ قرأت عليه كثيراً وصحبته مدة،وكان صدوقاً، نبيلاً؛ صنف في التصوف كتاباً شرح فيه أحوال القوم، وحدث به مراراً .. ألبسني خرق التصوف؛ شيخنا المحدث الزاهد ضياء الدين عيسى بن يحيى الأنصاري بالقاهرة، وقال: ألبسنيها الشيخ شهاب الدين السهروردي بمكة عن عمه أبي النجيب".اهـ (السير 22/376-377).
وقال في تاريخ الإسلام 15/843 عن شيخه عيسى بن يحيى: وكان مليح القراءة للحديث، حسن المعرفة، كبير الحرمة، ألبسني الخرقة وذكر لي أنّه لبسها بمكة من الشَّيْخ شهاب الدِّين السُّهْرَوَرْديّ، وأنشدني فِي ذَلِكَ أبياتًا حسنة.

[وينظر في حكم لبسها وإلباسها مجموع الفتاوى 11/85 و11/510 ومجموعة الرسائل والمسائل 1/147 ومنهاج السنة 8/47]

وختاماً ينبغي أن أنوه أن كل ما في هذا المقال من نقول استفدتها من غير واحد من الإخوة فجزاهم الله خيراً وليس لي إلا أن جمعتها في موضع واحد رجاء أن ينتفع بها من يقرؤها.


والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.