الثلاثاء، 31 يناير 2017

[ فائدة في النهي عن شم الطعام ]

قال المعافى بن عمران الموصلي في كتاب "الزهد" :
267 - حدثنا سفيان، عن فرات، عن أبي حازم، عن ابن عمر، قال: «لا تشموا الطعام كما تشمه السباع».

هذا موقوف صحيح الإسناد فسفيان هو الثوري وفرات هو بن أبى عبد الرحمن القزاز وأبو حازم هو سلمان الأشجعى الكوفى ، مولى عزة الأشجعية وهما ثقتان روى لهما الجماعة ووثقهما جمع من الأئمة.

وقد روي مرفوعاً ولا يصح .. ويراجع كتاب "العلل" للدارقطني (13/244 - س3142) .

[ إن الله ليعجب ممن ذكره في الأسواق ]

قال أبو أحمد العسال في كتاب «المعرفة» :
حدثنا موسى بن إسحاق، ثنا منجاب بن الحارث، أنبا ابن مسهر، عن محمد بن راشد، قال: سمعت عبد الله بن أبي الهذيل وسأله رجل فقال: يا أبا المغيرة، أسمعت عبد الله يقول: «إن الله ليضحك ممن ذكره في الأسواق»؟ قال: لا، ولكني سمعت عبد الله بن مسعود يقول: «إن الله ليعجب ممن ذكره في الأسواق».
«الصفات» لابن المحب (263/ب).

ورواه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (2650) من طريق محمد بن راشد وفيه اختلاف في متنه، ولفظه:
عن عبد الله بن أبي الهذيل العنزي، قال: قلت لعبد الله بن مسعود: أبلغك أن الله عز وجل يعجب ممن يذكره؟ فقال: «لا، بل يضحك».

وذكره معلقًا (2677) : وعن ابن [أبي] الهذيل، قال: إن الله تعالى ليعجب ممن يذكره في الأسواق.

ورواه كذلك ابن فضيل في «الدعاء» (112) والبيهقي في «الشعب» (565) وأبو نعيم في «الحلية» (4/359) من كلام ابن أبي الهذيل وهذا لفظ البيهقي:
قال: إن الله عز وجل يحب أن يذكر في الأسواق، وذلك لكثرة لغطهم ولغفلتهم وإني لآتي السوق وما لي فيه حاجة إلا أن أذكر الله تعالى.

وهنا فائدة ذات صلة:

قال أبو داود في «المراسيل» :
75 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن نصر، قال: سألت سفيان بن عيينة قلت: يا أبا محمد أريد أسألك، قال: لا تسأل، قلت: إذا لم أسألك فمن أسأل؟ قال: سل. قلت: ما تقول في هذه الأحاديث التي رويت نحو: «القلوب بين أصبعين»، و«أن الله يضحك أو يعجب ممن يذكره في الأسواق»؟ فقال: أمروها كما جاءت بلا كيف.

وعند الذهبي في «السير» (8/466) قال أحمد بن إبراهيم الدورقي: حدثني أحمد بن نصر قال: سألت ابن عيينة وجعلت ألح عليه، فقال: دعني أتنفس! فقلت: كيف حديث عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحمل السماوات على إصبع »، وحديث: «إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن »، وحديث: «إن الله يعجب أو يضحك ممن يذكره في الاسواق »؟
فقال سفيان: هي كما جاءت نقر بها ونحدث بها بلا كيف.

الأحد، 22 يناير 2017

[ ما جاء فيمن اشتغل بعيوب الناس عن عيوبه ]

[ ما جاء فيمن اشتغل بعيوب الناس عن عيوبه ]

قال الإمام أحمد في "المسند":
19776 - حدثنا أسود بن عامر شاذان، حدثنا أبو بكر يعني ابن عياش، عن الأعمش، عن سعيد بن عبد الله بن جريج، عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته».

وفي سند هذا الحديث بحث. انظر «التاريخ الكبير» للبخاري (3/ 487) و«العلل» للدارقطني (1160).

وقال البخاري في كتاب "الأدب المفرد":
592 - حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون قال: حدثنا مسكين بن بكير الحذاء الحراني، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذل، أو الجذع، في عين نفسه.
قال أبو عبيد: الجذل: الخشبة العالية الكبيرة.

وقال الإمام أحمد في كتاب "الزهد":
1046 - حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوب نفسك.

وقال ابن أبي الدنيا في كتاب "ذم الغيبة":
61 - حدثني عبد الله بن أبي بدر، أخبرنا يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن عون بن عبد الله، قال: ما أحسب أحدا تفرغ لعيوب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه.

وقال في كتاب "الصمت":
197 - حدثنا نصر بن طرخان، حدثنا عمران بن خالد الخزاعي قال: كان الحسن رضي الله عنه يقول: ابن آدم، إنك لن تصيب حقيقة الإيمان حتى لا تعيب الناس بعيب هو فيك، وحتى تبدأ بصلاح ذلك العيب فتصلحه من نفسك، فإذا فعلت ذلك كان شغلك في خاصة نفسك، وأحب العباد إلى الله من كان هكذا.

وقال في كتاب "مداراة الناس":
144 - حدثنا محمد بن بشير، حدثنا جميع بن عبد الله الهجيمي، عن عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني، عن أبيه، قال: إذا رأيتم الرجل موكلًا بذنوب الناس، ناسٍ لذنوبه، فاعلموا أنه قد مُكر به.

وقال ابن جرير في "تفسيره" (24/63) :
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} إذا شئت والله رأيته بصيرًا بعيوب الناس وذنوبهم، غافلاً عن ذنوبه؛ قال: وكان يقال: إن في الإنجيل مكتوبًا: يا ابن آدم تبصر القذاة في عين أخيك، ولا تبصر الجذع المعترض في عينك.

وقال الحميدي في كتاب "التذكرة":
10 - أخبرنا أبوالقاسم الشيباني: حدثنا أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ: حدثنا إسحاق الفروي، سمعت مالك بن أنس يقول: أدركت بهذه البلدة - يعني المدينة - أقواما لم يكن لهم عيوب، فعابوا الناس فصارت لهم عيوب، وأدركت بهذه البلدة أقواما كانت لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فنُسِيَتْ عيوبهم.

وقال حمزة السهمي في "تاريخ جرجان" (ص252) :
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن العاصمي، حدثني أبو حاتم الرازي، أحمد بن الحسن بن هارون، بأصبهان: وأدركت بهذه البلدة أقواما كانت لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فنسيت عيوبهم.

وقال البيهقي في "شعب الإيمان":
9216 - أنشدنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنشدني أبو الحسن بن سفيان الكوفي، أنشدني أبو العباس الرهبي:
لا تهتكن من مساوي الناس ما سُترا ** فيهتك الله سترًا عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكروا ** ولا تَعِب أحدًا منهم بما فيكا

ومما يذكر في هذا الباب ما ينسب للشافعي رحمه الله، وهو في ديوانه ص108:
إذا رمتَ أن تحيا سليمًا منَ الرَّدى ** وَدِيُنكَ مَوفُورٌ وَعِرْضُكَ صَيِّنُ
فَلاَ يَنْطقنْ مِنْكَ اللسَانُ بِسوأةٍ ** فَكلُّكَ سَوءاتٌ وَلِلنَّاسِ أعْينُ
وَعَاشِرْ بمَعْرُوفٍ وَسَامِحْ مَنِ اعتَدَى ** ودافع ولكن بالتي هي أحسنُ

أسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا وأن يعيننا على إصلاحها.

الجمعة، 20 يناير 2017

[ ليس على أهل مكة رمل ]

[ ليس على أهل مكة رمل ]

قال ابن أبي شيبة في «المصنف» :

370- من قال ليس على أهل مكة رمل.

15293- حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن الحسن ، وعطاء ، قالا : ليس على أهل مكة رمل ، ولا على من أهل منها ، إلا أن يجيء أحد من أهل مكة من خارج.

15294- حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن نافع ، قال : كان ابن عمر لا يرمل إذا أهل من مكة.

15295- حدثنا ابن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، قال : أهللنا أنا وبكر من مكة ، فطفنا بالبيت ورملنا.

15296- حدثنا الثقفي ، عن حبيب ، قال : سئل عطاء عن المجاور إذا أهل من مكة ، هل يسعى الأشواط الثلاثة ؟ قال : إنهم يسعون ، فأما ابن عباس ، فإنه قال : إنما ذلك على أهل الآفاق.

15297- حدثنا زيد بن حباب ، عن حرب بن سريج ، أو شريح ، عن أبي جعفر ، قال : ليس على أهل مكة رمل.

وقال ابن قدامة في «المغني» (3/342) :
مسألة: قال: (وليس على أهل مكة رمل) وهذا قول ابن عباس، وابن عمر، رحمة الله عليهما. وكان ابن عمر إذا أحرم من مكة لم يرمل. وهذا لأن الرمل إنما شرع في الأصل لإظهار الجلد والقوة لأهل البلد، وهذا المعنى معدوم في أهل البلد، والحكم في من أحرم من مكة حكم أهل مكة؛ لما ذكرنا عن ابن عمر، ولأنه أحرم من مكة، أشبه أهل البلد. والمتمتع إذا أحرم بالحج من مكة، ثم عاد، وقلنا: يشرع في حقه طواف القدوم. لم يرمل فيه. قال أحمد: ليس على أهل مكة رمل عند البيت، ولا بين الصفا والمروة.

وقول الإمام أحمد في «مسائل» ولده صالح (1204) و«مسائل» أبي داود (ص181) وغيرهما. وانظر «الإشراف» لابن المنذر (1596).

[ باب ما جاء أن المؤمن يموت بعرق الجبين ]

[ باب ما جاء أن المؤمن يموت بعرق الجبين ]

قال الإمام أحمد في «المسند» :
23022 - حدثنا بهز، حدثنا مثنى بن سعيد، عن قتادة، عن ابن بريدة، عن أبيه، أنه كان بخراسان، فعاد أخًا له وهو مريض فوجده بالموت، وإذا هو يعرق جبينه فقال: الله أكبر. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «موت المؤمن بعرق الجبين».

ورواه الترمذي (982) وقال: عقبه: قال بعض أهل الحديث: لا نعرف لقتادة سماعًا من عبد الله بن بريدة. واجتباه النسائي (1829) من غير طريق قتادة، قال: أخبرنا محمد بن معمر، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: حدثنا كهمس، عن ابن بريدة، به.

وقال ابن أبي شيبة في «المصنف» :

177- في الميت يرشح جبينه عند موته.

12136- حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن عمارة ، قال : كانوا عند رجل من أصحاب عبد الله وهو مريض , فعرق جبينه , فذهب رجل يمسح عن جبينه العرق , فضرب يده ، قال سفيان : إنهم كانوا يستحبون العرق للميت.

12137- حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، أنه دخل على صديق له من النخع يعوده , فمسح جبينه فوجده يرشح فضحك ، فقال له بعض القوم : ما يضحكك يا أبا شبل ؟ قال : ضحكت من قول عبد الله : إن نفس المؤمن تخرج رشحًا , وإنه يكون قد عمل السيئة فيشدد عليه عند الموت ليكون بها , وإن نفس الكافر أو الفاجر لتخرج من شدقه كما يخرج نفس الحمار , وإنه يكون قد عمل الحسنة فيهون عليه عند الموت ليكون بها.

وقال الطبراني في «معجمه الكبير» (8866) :
حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا عارم أبو النعمان، ثنا حماد بن زيد، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: إن المؤمن يخرج نفسه رشحًا، وإن الكافر يخرج نفسه في شدقه كما يخرج نفس الحمار.

عبد الله في الأثرين السابقين هو ابن مسعود رضي الله عنه.

وفي «شرح السنة» للحسين بن محمد البغوي (5/298) :
قال ابن سيرين: علم بين من المؤمن عند موته؛ عرق الجبين.

قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل-التقدمة» (1/345) :
باب ما ظهر لأبي زرعة من سيد عمله عند وفاته
سمعت أبي يقول: مات أبو زرعة مطعونًا مبطونًا يعرق جبينه في النزع، فقلت لمحمد بن مسلم: ما تحفظ في تلقين الموتى لا إله إلا الله؟ فقال محمد بن مسلم: يروى عن معاذ بن جبل، فمن قبل أن يستتم رفع أبو زرعة رأسه وهو في النزع فقال: روى عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة، عن معاذ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة».
فصار البيت ضجة ببكاء من حضر.

وقال أبو نعيم في «الحلية» (10/371) : أخبرني جعفر بن محمد في كتابه وحدثني عنه محمد بن إبراهيم، قال: حضرت وفاة الشبلي فأمسك لسانه، وعرق جبينه، فأشار إلى وضوء الصلاة، فوضأته ونسيت التخليل، تخليل لحيته، فقبض على يدي وأدخل أصابعي في لحيته يخللها، فبكيت وقلت: أي شيء يتهيأ أن يقال لرجل: لم يذهب عليه تخليل لحيته في الوضوء عند نزوع روحه، وإمساك لسانه، وعرق جبينه؟

الشبلي أبو بكر البغدادي الزاهد. انظر ترجمته في «السير» (15/367).

وقال ابن الجوزي في «المنتظم» (17/318) : في ترجمة شيخه: محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب، أبو بكر العامري المعروف بابن الجنازة:
.. فلما احتضر قال له أصحابه: أوصنا، فقال: أوصيكم بثلاث: بتقوى الله، ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيت الدنيا. ثم قال لبعض أصحابه:
انظر هل ترى جبيني يعرق؟ قال: نعم، فقال: الحمد للَّه هذه علامة المؤمن. يريد بذلك قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المؤمن يموت بعرق الجبين».

وفي «زاد المسافر» (٢/٢٧٩) :
قال الإمام أحمد: إذا رأيت الميت يعرق جبينه عند الموت فإنه علامة خير، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن يموت بعرق الجبين».
ثم قال : طوبى لمن كان له عند الله خير. 

الجمعة، 13 يناير 2017

[ الرجل يموت في البحر ما يصنع به ]

[ الرجل يموت في البحر ما يصنع به ]

قال ابن أبي شيبة في «المصنف» :

151- في الرجل يموت في البحر ما يصنع به.

11972- حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن واصل ، عن الحسن ، قال : إذا مات الرجل في البحر جعل في زبيل ، ثم قذف به.

11973- حدثنا حفص ، عن حجاج ، عن عطاء ؛ في الذي يموت في البحر ، قال يغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه ، ثم يربط في رجليه شيء ، ثم يرمى به في البحر.

وقال البيهقي في «السنن الكبرى» :

باب الإنسان يموت في البحر

 6774 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا عفان، حدثني حماد بن سلمة، ثنا علي بن زيد، وثابت، عن أنس بن مالك، أن أبا طلحة، فذكر الحديث، قال فيه:  فركب البحر فمات، فلم يجدوا له جزيرة إلا بعد سبعة أيام، فدفنوه فيها ولم يتغير.
وروينا عن الحسن البصري أنه قال: يغسل ويكفن ويصلى عليه ويطرح في البحر، وفي رواية أخرى: جعل في زنبيل، ثم قذف به في البحر. انتهى

وخبر أبي طلحة رضي الله عنه مروي من طريق حماد بن سلمة في «الزهد» لأحمد و«الناسخ والمنسوخ» لأبي عبيد وغيرهما من المصادر.

وقال صالح بن أحمد بن حنبل في «مسائله» لأبيه:
1085 - حدثني أبي، قال: حدثنا علي بن مجاهد، عن حجاج قال: سألت عطاء عن الميت يموت في البحر؟ قال: فقالوا: يكفنون ويحنطون ويغسلون ويصلون عليه ويستقبلون به القبلة ويضعون على بطنه حجرًا حتى يرسب.

وقال ابن المنذر في «الأوسط» (5/465) :

ذكر ما يصنع بالذي يموت في البحر

واختلفوا فيما يفعل بالذي يموت في البحر، فكان الحسن يقول: إذا مات في البحر جعل في زنبيل ثم قذف به، وقال عطاء: يغسل، ويكفن، ويحنط، ويصلى عليه، ويربط في رجليه شيء، ثم يرمى به في البحر، وكذلك قال أحمد.
وقال الشافعي: إن قدروا على دفنه، وإلا أحببت أن يجعلوه بين لوحين، ويربطوا بهما ليحملاه إلى أن ينبذه البحر بالساحل، فلعل المسلمين أن يجدوه فيواروه، فإن لم يفعلوا وألقوه في البحر رجوت أن يسعهم .
قال أبو بكر (ابن المنذر) : إن كان البحر الذي مات فيه الميت الأغلب منه أن يخرج أمواجه إلى سواحل المسلمين؛ يُفعل به ما قاله الشافعي، فإن لم يكن كذلك؛ فعل ما قاله أحمد، والله أعلم.

وقال ابن قدامة في «المغني» (2/373) :

فصل: إذا مات في سفينة في البحر

فقال أحمد - رحمه الله -: ينتظر به إن كانوا يرجون أن يجدوا له موضعًا يدفنونه فيه، حبسوه يوما أو يومين، ما لم يخافوا عليه الفساد، فإن لم يجدوا غسل، وكفن، وحنط، ويصلى عليه ويثقل بشيء، ويلقى في الماء.
وهذا قول عطاء، والحسن. قال الحسن: يترك في زنبيل، ويلقى في البحر. وقال الشافعي: يربط بين لوحين؛ ليحمله البحر إلى الساحل فربما وقع إلى قوم يدفنونه، وإن ألقوه في البحر لم يأثموا. والأول أولى؛ لأنه يحصل به الستر المقصود من دفنه، وإلقاؤه بين لوحين تعريض له للتغير والهتك، وربما بقي على الساحل مهتوكًا عريانًا، وربما وقع إلى قوم من المشركين، فكان ما ذكرناه أولى.