الثلاثاء، 14 يناير 2014

[من استأجر أجيراً، فليعلمه أجره]

[من استأجر أجيراً، فليعلمه أجره]

قال ابن أبي شيبة رحمه الله في المصنف (ت.الحوت) 4/366:
من كره أن يستعمل الأجير حتى يبين له أجره
21109 - حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة وأبي سعيد، قالا: «من استأجر أجيراً، فليعلمه أجره».اهـ

قد روي هذا الأثر مرفوعاً ولكن قال أبو زرعة رحمه الله: الموقوف أصح.
وقد رواه عبد الرزاق في المصنف عن معمر والثوري ووقع عنده: (عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أو أحدهما), ثم رواه عن الثوري وحده ولم يذكر أبا هريرة رضي الله عنه.
وكذلك رواه عن حماد كل من: (شعبة وحماد بن سلمة) ولم يذكر أحد منهم أبا هريرة.
ولعل الشك من حماد بن أبي سليمان والله أعلم, فقد تردد في رفعه ووقفه:
قال عبد الرزاق: قلت للثوري: أسمعت حمادا يحدث، عن إبراهيم، عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استأجر أجيرا فليسم له إجارته»؟ قال: نعم، وحدث به مرة أخرى، فلم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا أن حماد بن سلمة رحمه الله لا تبعة عليه في رفعه.

وبأي حال هو منقطع بين إبراهيم النخعي رحمه الله وأبي سعيد رضي الله عنه فهو لم يسمع منه, ولم يسمع –فيما يظهر- كذلك من أبي هريرة (على فرض كون ذكره في السند محفوظاً).

[ وينظر مسند أحمد 18/193 و18/213, المراسيل لأبي داود برقم181, الكبرى للنسائي 4/420, المصنف لعبد الرزاق 8/235, الكبرى للبيهقي 6/198, تحفة الأشراف 3/326, العلل لابن أبي حاتم 3/600 و6/653, الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء 2/518].

وروي كذلك من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ولا يصح. [أطراف الأفراد والغرائب 3952 و3723].

وقد جاء عن عثمان رضي الله عنه الإرشاد إلى هذا الأمر:

قال ابن أبي شيبة:
21110 - حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سهل السراج عن الحسن قال: قال عثمان: «من استأجر أجيراً، فليبين له أجره».اهـ

سهل السراج فيه كلام يسير, وقال أحمد وغيره لا بأس به. [ينظر تهذيب المزي ترجمة2617]

وقد نص بعض الحفاظ أن رواية الحسن البصري عن عثمان مرسلة, ولكن ثبت سماعه منه أشياء.

[ينظر المراسيل لابن أبي حاتم ص31 وجامع التحصيل ص162 وعلل ابن المديني ص51 وتاريخ أبي زرعة الدمشقي ص682 وزوائد عبد الله على المسند برقم521 وغريب الحديث للخطابي 2\141]. 

ثم وقفت على إنكار الإمام أحمد لهذا الخبر في مسائل أبي داود 1914.


وكذلك نحوه عن غير واحد من التابعين رحمهم الله:

قال ابن أبي شيبة:
21111 - حدثنا حفص عن أشعث عن الحكم وحماد عن إبراهيم وابن سيرين أنهما «كرها أن يستعمل الأجير حتى يبين له أجره».
21112 - حدثنا محمد بن فضيل عن أشعث عن محمد أنه «كره أن يستعمل الأجير ما لا يدري ما هو، إلا أن يكون شيئا معلوما».اهـ

أشعث بن سوار فيه ضعف. [ينظر تهذيب المزي ترجمة524]

وقال:
21113 - حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زمعة عن ابن طاوس عن أبيه قال: «لا يستأجر الأجير إلا بأفراق معلومة».اهـ

زمعة بن صالح فيه ضعف. [ينظر تهذيب المزي ترجمة2003]


وقال النسائي رحمه الله في الكبرى 4657 - أخبرنا محمد بن حاتم أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن حماد بن سلمة عن يونس عن الحسن أنه «كره أن يستأجر الرجل، حتى يعلمه أجره».اهـ


ورواه عن حماد أيضاً: عفان بن مسلم رحمه الله (كما في جزء أحاديثه ص61).

وسنده صحيح.

وقال ابن بطة رحمه الله في الشرح والإبانة ص227:
ونهى ... أن يستعمل الأجير حتى يُعلم كم أجرته.اهـ


وقال البيهقي في الكبرى 6/198:
باب لا تجوز الإجارة حتى تكون معلومة، وتكون الأجرة معلومة
استدلالا بما روينا في كتاب البيوع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر، والإجارات صنف من البيوع، والجهالة فيها غرر.اهـ

ثم ساق حديث أبي سعيد المتقدم وغيره.

ومن المعلوم أن جهالة الأجرة قد تؤدي إلى التشاجر والخصومة.

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.