بحث في حديث: «لتنتهكن الأصابع بالطهور، أو لتنتهكنها النار».
قال الطبراني –رحمه الله- في "الأوسط":
2674 - حدثنا إبراهيم
قال: نا شيبان بن فروخ قال: نا أبو عوانة، عن أبي مسكين، عن هزيل بن شرحبيل، عن
عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتنتهكن الأصابع
بالطهور، أو لتنتهكنها النار».
لم يرو هذا الحديث عن أبي
عوانة إلا شيبان.اهـ
شيخ الطبراني هو الوكيعي وثقه الدارقطني وسئل عنه عبد الله بن الإمام أحمد فأحسن القول فيه.
انظر تاريخ بغداد
(6/491).
شيبان بن فروخ وثقه أحمد, وقال: أبو زرعة صدوق.
انظر تهذيب المزي (2785).
أبو مسكين هو الحر بن مسكين الأودي؛ قال عَبَّاس الدُّورِي، عَنْ يحيى بْن مَعِين : ثقة.
وَقَال أَبُو حاتم الرازي
: لا بأس به .
الجرح والتعديل
(3/277-278).
وقد روي عن أبي مسكين موقوفاً:
رواه عنه:
-سفيان الثوري كما أبي
عبيد في "الطهور" (385) وكذلك عند عبد الرزاق (68) ومن طريقه
الطبراني في "الكبير" (9211).
-زائدة بن قدامة عند
الطبراني في "الكبير" (9212).
-أبو الأحوص عند ابن أبي
شيبة (86).
قال ابن أبي حاتم –رحمه الله- في "العلل":
186 - وسألت أبي عن حديث
رواه زيد بن أبي الزرقاء ، عن سفيان الثوري، عن أبي مسكين ، عن هزيل بن شرحبيل، عن
عبد الله بن مسعود؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لينهكن أحدكم أصابعه قبل
أن تنهكه النار ؟
فسمعت أبي يقول: رفعه منكر .
وقال الدارقطني–رحمه الله- في "العلل" (5/282) :
«يرويه أبو مسكين الأودي-
واسمه: الحر - عن هزيل، عن عبد الله، واختلف عنه؛ فرفعه زيد بن أبي الزرقاء، عن
الثوري إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وتابعه أبو عوانة من رواية شيبان ابن فروخ
عنه، فرفعه أيضا. ورواه أصحاب الثوري، وأصحاب أبي عوانة، عنهما موقوفا. وكذلك رواه زائدة وزهير
وأبو الأحوص، عن أبي مسكين موقوفا، وهو الصواب» .
وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/165) بعد أن ذكر كلام أبي حاتم السابق:
(وهو في جامع الثوري موقوف، وكذا في مصنف عبد الرزاق، وكذا أخرجه ابن أبي
شيبة عن أبي الأحوص، عن أبي مسكين موقوفا، وجاء ذلك عن علي وابن عمر موقوفا).
وقد تابع هزيل بن شرحبيل عن ابن مسعود رضي الله عنه على وقفه طلحة بن مصرف -رحمه الله- كما عند ابن أبي شيبة , قال :
91 - حدثنا وكيع، عن سفيان،
عن منصور، عن طلحة، عن عبد الله، قال: «خللوا بين أصابعكم
بالماء قبل أن تحشوها النار».
ورواه أبو عبيد في
"الطهور" (384) والطبراني في "الكبير" (9213).
وجاء عند أبي عبيد: عن طلحة بن مصرف، قال: حُدِّثتُ عن عبد الله بن مسعود.
وطلحة لم يدرك ابن مسعود.
فالصواب كما تقدم في هذا الحديث أنه موقوف على عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- ولا يصح مرفوعاً.
(فصل)
وقد روى الدارقطني –رحمه
الله- في سننه (1/166) من حديث عائشة وأبي هريرة -رضي الله عنهما- مرفوعاً بلفظ : «خللوا بين أصابعكم، لا
يخللها الله عز وجل يوم القيامة في النار».
أما حديث عائشة ففي سنده عمر بن قيس المعروف بسندل؛ متروك.
وأما حديث أبي هريرة ففي
سنده يحيى بن ميمون؛ متروك كسابقه.
انظر "تهذيب
المزي" (4297) و(6931).
(فصل)
وروي نحوه عن أبي بكر
الصديق -رضي الله عنه- من قوله, وعن حذيفة -رضي الله عنه- كذلك, ويبحث في صحتها.
وكذلك نحوه عن الحسن
-رحمه الله-.
انظر "المصنف" لابن أبي شيبة –رحمه الله- باب : في تخليل الأصابع في الوضوء (1/18-19).
وكذلك "المصنف"
لعبد الرزاق (1/22-23).
(فصل)
(فصل)
(فصل)
والنهك أن تبالغ في العمل, وفي الحديث أي: ليبالغ في غسل ما بين أصابعه مبالغة يُنعِم غسله.
انظر "غريب الحديث" للحربي (2/598) و"تهذيب
اللغة" للأزهري (6/16-17).
التخليل في الوضوء بعد
دخول الماء خلال الأصابع مستحب عند جمهور الفقهاء, وذهب الحنابلة إلى أنه في أصابع
الرجلين آكد، لأنه أبلغ في إزالة الوسخ من بين الأصابع.
وذهب المالكية في المشهور
عندهم إلى وجوبه في أصابع اليدين واستحبابه في أصابع الرجلين، وفي القول الآخر
عندهم: يجب في الرجلين كاليدين.
بتصرف واختصار من الموسوعة الفقهية الكويتية (12/49-50).
قال ابن القيم في الزاد (1/189):
(وكذلك تخليل الأصابع
لم يكن يحافظ عليه، وفي " السنن " عن المستورد بن شداد: «رأيت النبي
صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره» ، وهذا إن ثبت عنه فإنما كان يفعله أحيانا،
ولهذا لم يروه الذين اعتنوا بضبط وضوئه كعثمان وعلي وعبد الله بن زيد والربيع
وغيرهم، على أن في إسناده عبد الله بن لهيعة).
فلعل ما تقدم عن ابن مسعود وغيره من السلف يكون في معنى حديث: (ويل للأعقاب من النار).
فيحمل –والله أعلم- على
تأكيد وجوب إيصال الماء إلى ما بين الأصابع ليتفق ذلك مع ترك الصحابة الذين رووا
صفة وضوئه ذكر التخليل وهم في مقام التعليم كما أشار ابن القيم –رحمه الله-.