السبت، 30 مايو 2015

[باب ما جاء في صوم يوم الجمعة]

[باب ما جاء في صوم يوم الجمعة]

قال البخاري في «صحيحه» :
باب صوم يوم الجمعة فإذا أصبح صائما يوم الجمعة فعليه أن يفطر، يعني: إذا لم يصم قبله، ولا يريد أن يصوم بعده:

1984 - حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة، عن محمد بن عباد، قال: سألت جابرا رضي الله عنه: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة؟ قال: «نعم».
زاد غير أبي عاصم، يعني: أن ينفرد بصوم.

1985 - حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا أبو صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا يصومن أحدكم يوم الجمعة، إلا يوما قبله أو بعده».

1986 - حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن شعبة، ح وحدثني محمد، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: «أصمت أمس؟»، قالت: لا، قال: «تريدين أن تصومي غدا؟» قالت: لا، قال: «فأفطري».
وقال حماد بن الجعد: سمع قتادة، حدثني أبو أيوب، أن جويرية، حدثته: فأمرها فأفطرت.

وقال مسلم في «صحيحه» :
148 - (1144) وحَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ يَعْنِي الْجُعْفِيَّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ».

وهذا الحديث أعله بالإرسال أبو زرعة الرازي كما في «العلل» لابن أبي حاتم (2/532/س567).
وأعله الدارقطني في «العلل» (10/43/س1843) وفي «الإلزامات والتتبع» ص146.
قال الدارقطني: والصواب عن ابن سيرين، عن أبي الدرداء وسلمان. وهو مرسل عنهما لأن ابن سيرين لم يسمع من واحد منهما.

وما رجحه الدارقطني هو ما رواه عبد الرزاق في «المصنف» :
7803 - عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: كان أبو الدرداء يحيي ليلة الجمعة، ويصوم يومها، وأتاه سلمان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينهما، فنام عنده، فأراد أبو الدرداء أن يقوم ليلته، فقام إليه سلمان، فلم يدعه حتى نام وأفطر قال: فجاء أبو الدرداء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عويمر سلمان أعلم منك لا تخص ليلة الجمعة بصلاة، ولا يومها بصيام».
      
وقال الترمذي في «الجامع» :
باب ما جاء في صوم يوم الجمعة
742 - حدثنا القاسم بن دينار قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، وطلق بن غنام، عن شيبان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام، وقلما كان يفطر يوم الجمعة».
وفي الباب عن ابن عمر، وأبي هريرة. حديث عبد الله حديث حسن غريب.
وقد استحب قوم من أهل العلم صيام يوم الجمعة، وإنما يكره أن يصوم يوم الجمعة لا يصوم قبله ولا بعده.
وروى شعبة، عن عاصم هذا الحديث ولم يرفعه.

قال الدارقطني في العلل (704) في حديث زر عن عبد الله بن مسعود: رفعه صحيح.

ثم قال الترمذي:
باب ما جاء في كراهية صوم يوم الجمعة وحده؛ وساق تحته حديث أبي صالح عن أبي هريرة المتقدم في الصحيح ثم قال:
في الباب عن علي، وجابر، وجنادة الأزدي، وجويرية، وأنس، وعبد الله بن عمرو.
حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم: يكرهون للرجل أن يختص يوم الجمعة بصيام، لا يصوم قبله ولا بعده، وبه يقول أحمد، وإسحاق.

وقال عبد الرزاق:
7811 - عن إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيع، عن قيس بن السكن قال: خرجنا حجاجًا، فنزلنا بأبي ذر فصنع لنا طعاما، وكان يوم الجمعة، وفينا رجل صائم، ثم قال أبو ذر: أقسمت عليك إلا طعمت إلا أن تكون استأنفت الشهر، وأقسمت عليه مرة أخرى، أو مرتين قال: «إن يوم الجمعة يوم عيد فتكون مفطرًا خير لك».

7813 - عن ابن عيينة، عن عمران بن ظبيان الحنفي، عن حكيم بن سعد الحنفي، قال: سمعت عليا يقول: «من كان منكم متطوعا من الشهر أياما يصومها، فليكن من صومه يوم الخميس، ولا يتعمد يوم الجمعة، فإنه يوم عيد وطعام وشراب، فيجتمع له يومان صالحان، يوم صيامه، ويوم نسكه مع المسلمين».

وقال ابن أبي شيبة في «المصنف» :
9246 - حدثنا غندر، عن شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي هريرة، قال: «لا تصم يوم الجمعة، إلا أن تصوم يوما قبله أو بعده».

9247 - حدثنا وكيع، عن زكريا، عن الشعبي، «أنه كره أن يصوم يوم الجمعة يتعمده وحده».

9248 - حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، «أنهم كرهوا صوم يوم الجمعة، ليتقووا به على الصلاة».

9254 - حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن ابن سيرين، قال: «لا تخصوا يوم الجمعة بصوم بين الأيام، ولا ليلة الجمعة بقيام بين الليالي».

هذا لعله من أوجه الاختلاف على ابن سيرين في حديثه عن أبي هريرة المتقدم.

9258 - حدثنا عبيد الله بن موسى، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد، قال: «لا تصوموا شهرا كله تضاهون به شهر رمضان، ولا تصوموا يوما واحدا من الجمعة، فتتخذونه عيدا إلا أن تصوموا قبله أو بعده يوما».
      
9259 - حدثنا حفص، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: «ما رأيته مفطرًا يوم جمعة قط».

ورواه المخلّص (866) ولفظه: قال ليثٌ: وحدثني طاوسٌ قالَ: ما رأيتُ ابنَ عباسٍ مفطراً في يومِ جمعةٍ قطُّ.
وقد رفعه بعض الرواة ولا يصح رفعه. انظر «كشف الأستار» (1070). و«اللسان» (8/238/8067).

وهذا عن ابن عباس ليس فيه أنه كان يخص ولا يفرد يوم الجمعة بالصوم.

9260 - حدثنا حفص، عن ليث، عن عمير بن أبي عمير، عن ابن عمر، قال: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مفطرا يوم جمعة قط».

هذا لا يصح ؛ عمير بن أبي عمير قال ابن معين لا أعرفه. وليث ضعيف.
وروي عن ابن عمر من وجه آخر ولا يصح. انظر «كشف الأستار» (1071). و«تهذيب المزي» (1211).

وقال أبو يعلى في «المسند» :
1043 - حدثنا أحمد بن عيسى، حدثنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الوليد بن قيس، أن أبا سعيد أخبره، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من وافق صيامه يوم الجمعة، وعاد مريضا، وشهد جنازة، وتصدق، وأعتق، وجبت له الجنة».

1044 - حدثنا أحمد بن عيسى، حدثنا عبد الله بن وهب، وأخبرني حيوة بن شريح، عن بشير الخولاني، أن الوليد بن قيس حدثه، أن أبا سعيد الخدري حدثه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «خمس من عملهن في يوم كتبه الله من أهل الجنة: من صام يوم الجمعة، وراح إلى الجمعة، وشهد جنازة، وأعتق رقبة».

وهنا سقطت خصلة عيادة المريض.

ورواه ابن حبان (2771) من طريق ابن وهب عن حيوة.

والوليد بن قيس التجيبي ذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن يونس المصري وسكتوا عنه. وهذا الخبر لو صح فليس فيه التخصيص أو الإفراد.

وفي فضل صوم يوم الجمعة أخبار لا تصح عن جابر وأبي هريرة وأبي أمامة وأبي سعيد رضوان الله عليهم ساقها في «اللآلىء المصنوعة» (2/26).

قال أبو داود في «المسائل» ص137: قلت لأحمد: إذا كان الرجل يصوم يومًا ويفطر يومًا فيوافق يوم الجمعة؟
قال: لا بأس، إنما كره صوم يوم الجمعة أن يتعمده الرجل.
قلت لأحمد: فيوافق يوم الشك؟ قال: إذا كان لا ينوي به الشك أرجو.

وقال ابن هانئ: 656 - سألته عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن الصوم يوم الجمعة، الذي يخصه، أو ما ترى؟
قال: لا يختص يوم الجمعة بصيام، يصوم قبله يومًا أو بعده يومًا.

وقال: 663 - سألته عن صوم الجمعة وهو يوم عرفه ولا يتقدمه يوم ولا يومين؟
قال: لا يبالي، إنما أراد، يصوم يوم عرفة، فلا بأس به، وإنما نهى عن صوم يوم عرفة بعرفات.

وقال الكوسج: 705- قلت: صيام يوم الجمعة مفرداً؟
قال: أكرهه، إي لعمري.
قال إسحاق: كما قال، لما خص النبي صلى الله عليه وسلم النهي فيه.

وقال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: صيام يوم الجمعة؟
فذكر حديث النهي أن يفرد، ثم قال: إلا أن يكون في صيام كان يصومه، وأما أن يفرد فلا.
قال: قلت: رجل كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، فوقع فطره يوم الخميس، وصومه يوم الجمعة، وفطره يوم السبت، فصام الجمعة مفردا؟
فقال: هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة، إنما كره أن يتعمد الجمعة.
نقله في «المغني» (3/170).

وقال مالك في «الموطأ» (1/310) : لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه ومن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه.

وقد خفيت أخبار النهي في الباب عنه رحمه الله فيما يظهر. قال أبو جعفر الداودي المالكي: وإنما أجاز إفراده بالصوم لأنه لم يبلغه الحديث.


على أن ابن هبيرة ذكر عنه رواية -خلاف المشهور عنه- في كراهية إفراده بالصوم؛ قال:وقال مالك: يكره إفراد يوم الجمعة خاصة.

وروى المزني عن الشافعي أنه قال: ولا يبين لي أن أنهي عن صيام يوم الجمعة إلا على الاختيار لمن كان إذا صامه منعه عن الصلاة التي لو كان مفطرًا لفعلها.


«اختلاف الأئمة العلماء» (1/257) لابن هبيرة. وانظر «معرفة السنن» (6/375) في بيان سبب ميل الشافعي لقوله هذا.