السبت، 23 يناير 2016

[تزويج الصغيرة]

[تزويج الصغيرة]

قال البخاري في صحيحه:

5065 - حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، قال: حدثني إبراهيم، عن علقمة، قال: كنت مع عبد الله، فلقيه عثمان بمنى، فقال: يا أبا عبد الرحمن إن لي إليك حاجة فخلوا، فقال عثمان: هل لك يا أبا عبد الرحمن في أن نزوجك بكرًا، تذكرك ما كنت تعهد؟ فلما رأى عبد الله أن ليس له حاجة إلى هذا أشار إلي، فقال: يا علقمة، فانتهيت إليه وهو يقول: أما لئن قلت ذلك، لقد قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».

ورواه مسلم في صحيحه (1400) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: كنت أمشي مع عبد الله بمنى، فلقيه عثمان، فقام معه يحدثه، فقال له عثمان: يا أبا عبد الرحمن، ألا نزوجك جارية شابة، لعلها تذكرك بعض ما مضى من زمانك، قال: فقال عبد الله: لئن قلت ذاك، لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكر الحديث.

عبدالله هو ابن مسعود رضي الله عنه. وهذه الحادثة كانت في خلافة عثمان رضي الله عنه كما عند الطيالسي في مسنده (270) , وخلافة عثمان كانت بين سنة 23 و 35 للهجرة , وابن مسعود رضي الله عنه مات في خلافة عثمان عام 33 وله 63 سنة. فيكون عمره في أول خلافة عثمان 53 سنة تقريبًا.

وقال سعيد بن منصور في سننه:

520 - حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عمر خطب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنته أم كلثوم، فقال علي: إنما حبست بناتي على بني جعفر. فقال: أنكحنيها، فوالله ما على الأرض رجل أرصد من حسن عشرتها ما أرصدت. فقال علي رضي الله عنه: قد أنكحتكها. فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين بين القبر والمنبر، وكان المهاجرون يجلسون ثم، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وعثمان، وطلحة، وسعد، فإذا كان العشي يأتي عمر الأمر من الآفاق ويقضي فيه، جاءهم وأخبرهم ذلك، واستشارهم كلهم، فقال: رفئوني. قالوا: بم يا أمير المؤمنين؟ قال: بابنة علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ثم أنشأ يحدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة، إلا نسبي وسببي» . كنت قد صحبته فأحببت أن يكون لي أيضا.

وقال عبد الرزاق في المصنف:

10351 - عن معمر، عن أيوب، وغيره، عن عكرمة: «أن علي بن أبي طالب أنكح ابنته جارية تلعب مع الجواري عمر بن الخطاب».

وقال سعيد بن منصور:

باب تزويج الجارية الصغيرة

636 - حدثنا هشيم، قال: نا سيار، عن الشعبي، أن رجلا كان في سفر فقال لأصحابه: أيكم يذبح لنا شاة وأزوجه أول بنت تولد لي، ففعل ذلك رجل من القوم، فذبح لهم شاة، فولد للرجل ابنة، فأتاه فقال: امرأتي فأتوا ابن مسعود رحمه الله، فقال ابن مسعود: «وجب النكاح بالشاة، ولها صداق مثلها، لا وكس ولا شطط».

637 - حدثنا هشيم، قال: أنا مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد الله، بنحو من ذلك.

638 - حدثنا خالد، عن مغيرة، عن إبراهيم، أن قوما كانوا في سفر فقال رجل من القوم: من يذبح الشاة للقوم؟ وله ابنتي، أو قال: ابنة تولد لي، فذبح رجل منهم، فلما ولد له ذكر ذلك لعبد الله رحمه الله فقال: «قد ملكت المرأة وليس هذا بصداق».

639 - حدثنا أبو معاوية، نا هشام بن عروة، عن أبيه، قال: دخل الزبير بن العوام على قدامة بن مظعون يعوده فبشر زبير بجارية، وهو عنده، فقال له قدامة: " زوجنيها، فقال له الزبير بن العوام: ما تصنع بجارية صغيرة وأنت على هذه الحال؟ قال: بلى إن عشت فابنة الزبير، وإن مت فأحب من ورثني قال: فزوجها إياه.

640 - حدثنا سفيان، عن أيوب بن موسى، عن ابن قسيط، قال بشر رجل بجارية فقال رجل: هبها لي، فقال: هي لك فسئل سعيد بن المسيب عن ذلك، فقال: «لا تحل الهبة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أصدقها سوطًا حلت له».

وقال الشافعي رحمه الله: وزوج الزبير رضي الله عنه ابنته صبية، وزوج غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ابنته صغيرة. السنن الكبرى (7/185).

وقال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء (5/19) :

باب نكاح الأب بنته الصغيرة البكر

ثبت أن أبا بكر زوج عائشة من رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وهي إذ ذاك بنت سبع سنين.
وأجمع أهل العلم على أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز، إذ زوجها من كفؤ، هذا قول مالك، والثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وحجتهم في ذلك حديث عائشة. وبه نقول.

وأما ما رواه النسائي في المجتبى:
3221 - أخبرنا الحسين بن حريث، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: خطب أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما فاطمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها صغيرة» فخطبها علي، فزوجها منه.

ففي سنده الحسين بن واقد وثقه بعضهم لكن تُكلم فيه:

كان ابن المبارك يثني عليه.
وقال ابن مَعِين: ثقة .
وَقَال أبو زُرْعَة والنَّسَائي: ليس بِهِ بأس.
وقال أحمد في رواية الأثرم: لا بأس به وأثنى عليه خيرًا.

وضعفه في مواضع:
قال أحمد: ليس بذاك. وقال: له أشياء مناكير.
وقال: وأحاديث حسين ما أرى أي شيء هي، ونفض يده.

وقد تكلم الإمام أحمد في رواية الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة خاصة:
قال: ما أنكر حديث حسين بن واقد، وأبي المنيب، عن ابن بريدة.
وقال: عبد الله بن بريدة، الذي روى عنه حسين بن واقد، ما أنكرها، وأبو المنيب أيضًا يقولون، كأنها من قبل هؤلاء.

انظر التهذيب وحواشيه ترجمة (1346). وموسوعة أقوال أحمد في الرجال ترجمة (566). وكذلك انظر ترجمة عبد الله بن بريدة في التهذيب (3179).

وخالفه ابن معين: قال ابن الجنيد: (451) قلت ليحيى بن معين: الأحاديث التي رواها الحسين ابن واقد، عن ابن بريدة، عن أبيه، هي صحاح؟ قال: «ليس به بأس ثقة» ، يعني: الحسين بن واقد.

قال ابن سعد في الطبقات (8/19) :
أخبرنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا المنذر بن ثعلبة عن علباء بن أحمر اليشكري، أن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أبا بكر انتظر بها القضاء» فذكر ذلك أبو بكر لعمر فقال له عمر ردك يا أبا بكر ثم إن أبا بكر قال لعمر: اخطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخطبها فقال له مثل ما قال لأبي بكر: «انتظر بها القضاء» فجاء عمر إلى أبي بكر فأخبره فقال له: ردك يا عمر ثم إن أهل علي قالوا لعلي: اخطب فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بعد أبي بكر وعمر ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ فذكروا له قرابته من النبي صلى الله عليه وسلم فخطبها فزوجه النبي صلى الله عليه وسلم فباع علي بعيرا له وبعض متاعه فبلغ أربعمائة وثمانين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اجعل ثلثين في الطيب وثلثا في المتاع».

وهذا خبر مرسل جيد رجاله ثقات وعلباء تابعي ثقة حدث عن أبي زيد عمرو بن أخطب رضي الله عنه. وليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رد تزويج فاطمة لأنها صغيرة بل لأنه ينتظر بها القضاء.

وعلى فرض صحة حديث بريدة فقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: «إنها صغيرة» , لا يخدم قول من يقول بأنه: (لا ينبغي أن يزوج الرجل ابنته الصغيرة ولو كانت بالغة من رجل يكبرها في السن كثيرًا، بل ينبغي أن يلاحظ تقاربهما في السن). فلم يقل في الحديث : إنها تصغركما أو إنكما تكبرانها والخبر يحتمل غير ما ذكر فيه. وعامة من روى الخبر –إلا النسائي- أورده في مناقب علي رضي الله عنه ولم ينتزع منه هذا الحكم. والله أعلم. والنسائي رحمه الله مسبوق بفعل الصحابة كعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب وابن مسعود والزبير وقدامة رضوان الله عليهم جميعًا كما تقدم.

ولا يفهم مما سبق التشجيع على الزواج من الصغيرة وترك الزواج من الكبيرة فقد يعرض للمفضول ما يجعله فاضلًا فالكبيرة قد تكون فاضلة لتدينها أو لعقلها أو لغير ذلك وفي هذا المعنى ما جاء في الصحيح لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم جابرًا قال: تزوجت؟ قال: نعم، قال: بكرًا أم ثيبًا؟ قال: بل ثيبًا، قال: أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟ قال: إن لي أخوات، فأحببت أن أتزوج امرأة تجمعهن، وتمشطهن، وتقوم عليهن.


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.