الأربعاء، 27 يناير 2016

[جزء في ذكر من كفَّر الحجَّاج بن يوسف أو ذكره بسوء، وذكر بعض كفرياته ومخازيه]

[جزء في ذكر من كفَّر الحجَّاج بن يوسف أو ذكره بسوء، وذكر بعض كفرياته ومخازيه]

قال ابن أبي شيبة في «المصنف» :

30990- حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن معمر ، عن ابن طاووس ، عن أبيه ، قال : عجبا لإخواننا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمنًا.

30991- حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأجلح ، عن الشعبي ، قال : أشهد أنه مؤمن بالطاغوت كافر بالله ، يعني الحجاج.

30994- حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، أنه كان إذا ذكر الحجاج ، قال : ألا لعنة الله على الظالمين.

30995- حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : كفى بمن شك في الحجاج لحاه الله.

وعند الخلال (4/59) : «كفى به عمى الذي يعمى عليه أمر الحجاج».

إبراهيم هو النخعي.

31260- حدثنا مالك بن إسماعيل , قال : أخبرنا جعفر بن زياد ، عن عطاء بن السائب ، قال : كنت جالسا مع أبي البختري الطائي والحجاج يخطب ، فقال : مثل عثمان عند الله كمثل عيسى ابن مريم ، قال : فرفع رأسه ثم تأوه ، ثم قال : {إني متوفيك ورافعك إلي} إلى قوله {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} قال : فقال أبو البختري : كفر ورب الكعبة.

أبو البختري هو سعيد بن فيروز تابعي كوفي جليل.

وقال الخلاَّل في «السُّنة» :
850 - أخبرني محمد بن عبد الصمد المقرئ، قال: ثنا مخلد بن قدامة، قال: ثنا جرير، عن منصور، قال: قلت لإبراهيم: ما ترى في لعن الحجاج وضربه من الناس؟ فقال: لا تسمع إلى قوله تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} .

853 - وأخبرني زكريا بن يحيى، أن أبا طالب حدثهم قال: قال أبو عبد الله (يعني أحمد بن حنبل) : «كان الحجاج بن يوسف رجل سوء».

855 - أخبرنا الدوري، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا الصلت بن دينار، قال: سمعت الحجاج، على منبر واسط يقول: «عبد الله بن مسعود رأس المنافقين، لو أدركته لسقيت الأرض من دمه».

وقال البيهقي في «الشعب» :
10607 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف، أنا أبو بكر أحمد بن سعيد بن فرضخ، ثنا موسى بن الحسن، ثنا سفيان بن زياد المخرمي ، ثنا إبراهيم بن عيينة، أخو سفيان بن عيينة، ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: «قيل لي في المنام: إياك والغيبة، إياك والنميمة، إياك وأكل أموال اليتامى، إياك والصلاة خلف الحجاج؛ فإني أقسمت لأقصمنه كما يقصم عبادي».

وقال أبو الفضل الزهري كما في «جزء حديثه» :
274 -  حدثنا أحمد، نا واصل بن عبد الأعلى، نا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، قال: اختلفوا في الحجاج، فقالوا: بمن ترضون؟
فقال بعضهم: بمجاهد، فأتوه فسألوا، فقال: تسألوني عن الشيخ الكافر؟!

275 - حدثنا أحمد، نا واصل، نا عمار بن أبي مالك، عن أبيه، عن الأجلح، قال: اختلفت أنا وعمر بن قيس الماصر، في الحجاج، فقلت أنا: الحجاج، كافر - وقال عمر: الحجاج مؤمن ضال - قال: فأتينا الشعبي، فقلت: يا أبا عمرو، إني قلت: إن الحجاج كافر، وإن هذا قال: الحجاج مؤمن ضال.
قال: فقال الشعبي: يا عمر، شمرت ثيابك, وحللت إزارك, وقلت: إن الحجاج مؤمن ضال!
وكيف يجتمع في رجل إيمان وضلال؟! الحجاج مؤمن بالجبت والطاغوت، كافر بالله العظيم.

وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/417) :
قال عارم: حدثنا معتمر، حدث أبي، عن عبد الرحمن، صاحب السقاية، قال: دعا الحجاج أنسًا، رضي الله عنه، فلم يكلفه ما يكلف الناس، غير أنه شتمه، فسمعت أنسًا يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم دعاني، فقلت: لم أنكث بيعتي، فما أعلم أحدًا من الناس نجا منه كما نجا عبد الرحمن، ودعا، وجيء بعمران بن عصام، وكان يذكر، قال: ربما سمعته يقول: اللهم اغفر لنا، حتى يبكي، فقتله.
قال أبي: وجيء بأبي السوار، فقال: ما تقول؟
قال: كافرٌ منافقٌ، والله ما عنى غيرَه.

أبو السوار هو: العدوي البصري من كبار التابعين. وكان الحجاج يقتل المرء إلا أن يشهد على نفسه بالكفر، فأبو السوار أوهم الحجاج أنه شهد على نفسه بالكفر وهو إنما عناه به.

وقال عبد الله بن أحمد في الزهد: حدثني الحسن بن عبد العزيز ثنا ضمرة عن ابن شوذب عن أشعث الحداني وكان يقرأ للحجاج في رمضان قال رأيته في منامي بحالة سيئة فقلت: يا أبا محمد ما صنعت؟ قال: ما قتلت أحدا بقتله إلا قتلت بها. قلت: ثم مه؟ قال: ثم أمر بي إلى النار. قلت: ثم مه؟ قال: أرجو ما يرجو أهل لا إله إلا الله. فبلغ ذلك ابن سيرين فقال: إني لأرجو له. فبلغ قول ابن سيرين الحسن فقال: أما والله ليخلفن الله رجاءه فيه.
تهذيب التهذيب (2/213).


وقال أبو داود في سننه:

4641 - حدثنا أبو ظفر عبد السلام، حدثنا جعفر، عن عوف، قال: سمعت الحجاج، يخطب وهو يقول: إن مثل عثمان عند الله كمثل عيسى ابن مريم، ثم قرأ هذه الآية يقرؤها ويفسرها {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك، ورافعك إلي، ومطهرك من الذين كفروا} يشير إلينا بيده وإلى أهل الشام.

4642 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، حدثنا جرير، ح وحدثنا زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن المغيرة، عن الربيع بن خالد الضبي، قال: سمعت الحجاج، يخطب فقال في خطبته: رسول أحدكم في حاجته أكرم عليه أم خليفته في أهله؟ فقلت في نفسي: لله علي ألا أصلي خلفك صلاة أبدا، وإن وجدت قوما يجاهدونك لأجاهدنك معهم، زاد إسحاق في حديثه قال: فقاتل في الجماجم حتى قتل.

قال في عون المعبود (12/257) : والظاهر أن مقصود الحجاج الظالم عن هذا الكلام الاستدلال على تفضيل عبد الملك بن مروان وغيره من أمراء بني أمية على الأنبياء عليهم السلام بأن الأنبياء إنما كانوا رسلا من الله تعالى ومبلغين أحكامه فحسب وأما عبد الملك وغيره من أمراء بني أمية فهم خلفاء الله تعالى ورتبة الخلفاء يكون أعلى من الرسل فإن كان مراد الحجاج هذا كما هو الظاهر وليس إرادته هذا ببعيد منه كما لا يخفى على من اطلع على تفاصيل حالاته فهذه مغالطة منه شنيعة تكفره بلا مرية ألم يعلم الحجاج أن جميع الرسل خلفاء الله تعالى في الأرض ولم يعلم أن جميع الأنبياء أكرم عند الله من سائر الناس ولم يعلم أن سيد الأنبياء محمد سيد ولد آدم عليه السلام ويلزم على كلامه هذا ما يلزم فنعوذ بالله من أمثال هذا الكلام.

4643 - حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبو بكر، عن عاصم، قال: سمعت الحجاج، وهو على المنبر يقول: {اتقوا الله ما استطعتم} ليس فيها مثنوية، {واسمعوا وأطيعوا} ليس فيها مثنوية، لأمير المؤمنين عبد الملك، والله لو أمرت الناس أن يخرجوا من باب من أبواب المسجد فخرجوا من باب آخر لحلت لي دماؤهم وأموالهم، والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي من الله حلالا، ويا عذيري من عبد هذيل يزعم أن قراءته من عند الله، والله ما هي إلا رجز من رجز الأعراب ما أنزلها الله على نبيه عليه السلام، وعذيري من هذه الحمراء يزعم أحدهم أنه يرمي بالحجر فيقول: إلى أن يقع الحجر قد حدث أمر، فوالله لأدعنهم كالأمس الدابر.
قال: فذكرته للأعمش فقال: أنا والله سمعته منه.

(مثنوية) أي استثناء, يريد أن الأحكام مفوضة إلى آراء الأمراء والسلاطين.

ورواه ابن أبي الدنيا في الإشراف (63) ولفظه: يا عجباه من عبد هذيل زعم أنه يقرأ قرآنا من عند الله , فوالله ما هو إلا رجز من رجز الأعراب , والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه.

ورواه ابن عساكر (12/160) من طريق ابن أبي خيثمة عن محمد بن يزيد عن أبي بكر بن عياش عن عاصم ولفظه: ولا أجد أحدًا يقرأ على قراءة ابن أم عبد إلا ضربت عنقه، ولأخلينها من المصحف ولو بضلع خنزير.
قال أبو بكر: فذكرت ذلك للأعمش، فقال: وأنا قد سمعته يقول ذلك. فقلت: والله لأقرأنها على رغم أنفك! وذلك في نفسي.
قال أبو بكر بن عياش: وأتى بشاهدين، يعني الأعمش وعاصمًا.

عبد هذيل وابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

وقال البلاذري في أنساب الأشراف (13/386) :
حدثني أبو موسى إسحاق الفروي، أنبأ محمد بن الفضيل عن سالم بن أبي حفصة قال: سمعت الحجاج يخطب على المنبر فذكر قراءة ابن مسعود فقال: زجر كزجر الأعراب. والله لا أحدث رجلا يقرؤها إلا ضربت عنقه، والله لأحكنها ولو بعظم خنزير.

وحدثني بكر بن الهيثم والحسين بن إبراهيم الصفار، قالا: ثنا مسلم بن إبراهيم عن الصلت بن دينار قال: سمعت الحجاج على منبر واسط يقول: قاتل الله عبد هذيل والله ما قرأ مما أنزل الله على محمد حرفًا، وما هو إلا رجز العرب، والله لو أدركته لسقيت الأرض من دمه.

وروى ابن عساكر في «تاريخه» (12/183) :
من طريق ابن أبي خيثمة قال: نبأنا أبو ظفر، نبأنا جعفر بن سليمان، قال بسطام بن مسلم، عن قتادة، قال: قيل لسعيد بن جبير: خرجت على الحجاج؟
قال: أي والله! ما خرجت عليه حتى كفر.

قال ابن حجر: وكفره جماعة منهم: سعيد بن جبير والنخعي ومجاهد وعاصم بن أبي النجود والشعبي وغيرهم. «تهذيب التهذيب » (2/211).

وقال: ابن عساكر في «تاريخه» (12/161) :
أخبرنا أبو القاسم الشحامي، قال: قرئ على سعيد بن محمد بن أحمد، أنبأنا أبو طاهر زاهر بن أحمد، قال: نبأنا الحسين بن سعيد المطبقي، نبأنا عيسى، نبأنا عباس بن محمد، نبأنا مسلم بن إبراهيم، عن الصلت بن دينار، قال: تلا الحجاج بن يوسف هذه الآية على المنبر: {رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب}، فقال الحجاج: والله إن كان سليمان لحسودًا.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن النضر الديباجي، نبأنا علي بن عبد الله بن مبشر، نبأنا العباس بن محمد الدقاق، نبأنا مسلم بن إبراهيم، نبأنا الصلت بن دينار، قال: سمعت الحجاج بن يوسف على منبر واسط تلا هذه الآية: {هب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي}، قال: والله إن كان سليمان لحسودًا.

قال الطبري في تفسيره (٢٠/١٠٣) بعد أن ذكر قول الحجاج هذا:
وأما مسألته ربه مُلكًا لا ينبغي لأحد من بعده، فإنا قد ذكرنا فيما مضى قبل قول من قال: إن معنى ذلك: هب لي ملكا لا أسلبه كما سلبته قبل وإنما معناه عند هؤلاء: هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي أن يسلبنيه وقد يتجه ذلك أن يكون بمعنى: لا ينبغي لأحد سواي من أهل زماني فيكون حجة وعلما لي على نبوتي وأني رسولك إليهم مبعوث، إذ كانت الرسل لا بد لها من أعلام تفارق بها سائر الناس سواهم ويتجه أيضا لأن يكون معناه: وهب لي ملكا تخصني به، لا تعطيه أحدا غيري تشريفا منك لي بذلك، وتكرمة، لتبين منزلتي منك به من منازل من سواي، وليس في وجه من هذه الوجوه مما ظنه الحجاج في معنى ذلك شيء.

وقال البيهقي في الدلائل (6/489) :
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا الحسين بن الحسن بن أيوب، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عبد الله بن يوسف بن التنيسي، حدثنا هشام بن يحيى بن يحيى الغساني، قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم.

وقال ابن عساكر (12/185) :
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنبأنا رشأ بن نظيف أنبأنا أبو محمد الضراب أنبأنا أبو بكر المالكي أنبأنا ابن أبي الدنيا وإبراهيم الحربي عن سليمان بن أبي شيخ نبأنا صالح بن سليمان قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم وجئنا بالحجاج لغلبناهم وما كان يصلح لدنيا ولا لآخرة لقد ولي العراق وهو أوفر ما تكون العمارة فأخس به حتى صيره إلى أربعين ألف ألف ولقد أدي إلي في عامي هذا ثمانون ألف ألف وإن بقيت إلى قابل رجوت أن يؤدي إلي ما يؤدي إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه مائة ألف ألف ألف وعشرة ألف ألف.

أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء أنبأنا منصور بن الحسين الكاتب أنبأنا أبو بكر بن المقرئ أنبأ أبو عروبة نبأنا يحيى بن عثمان نبأنا أبو مسهر عن هشام بن يحيى الغساني عن أبيه قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بأبي محمد (يعني الحجاج) لفتناهم. فقال رجل من آل أبي معيط: لا تقل ذلك فوالله إن وطأ لكم هذا الأمر الذي أصبحتم فيه غرة. فقال عمر: أتحب أن يدخلك الله مدخل الحجاج؟ قال: أي والله أني لاحب أن يدخلني الله مدخله ولا يدخلني مدخلك. فقال عمر: أمّنو اللهم أدخله مدخل الحجاج.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد أنبأنا جدي أنبأنا أبو الدحداح نبأنا أحمد بن عبد الواحد بن عبود نبأنا محمد بن كثير عن الأوزاعي قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم.

وبلايا هذا الرجل أكثر من أن تحصى هنا وإنما قصدت بنقل بعضها بيان طرف مما نقل عنه من كفر وضلال خلافًا لما هو شائع عند كثيرين: أن غاية ما كان عليه هو الظلم والبطش وسفك الدماء فحسب.
وكذلك لبيان موقف كثير من أئمة السلف منه وأن جمعًا منهم كفره لما أظهر ما يستوجب ذلك.


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.