الأحد، 31 يناير 2016

[في إغماض العينين في الصلاة]

[في إغماض العينين في الصلاة]

قال عبد الرزاق في مصنفه:

باب الرجل يصلي وهو مغمض عينيه

3329 - عن الثوري، عن ليث، عن مجاهد قال: «يكره أن يغمض الرجل عينيه في الصلاة كما يغمض اليهود».

3330 - عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: «كان يؤمر إذا كان يكثر الالتفات في الصلاة فليغمض عينيه».

وقال ابن أبي شيبة في مصنفه:

في تغميض العين في الصلاة

6565- حدثنا هشيم ، عن ليث ، عن مجاهد ؛ أنه كره أن يصلي الرجل وهو مغمض العين.

6566- حدثنا زيد بن حباب , قال : حدثنا جميل بن عبيد ، قال : سمعت الحسن ، وسأله رجل : أغمض عيني إذا سجدت ؟ فقال : إن شئت.

6567- حدثنا يحيى بن آدم ، عن جميل ، قال : سمعت الحسن ، وسئل عن الرجل يغمض عينيه وهو ساجد في الصلاة ؟ قال : لا بأس به.

وقال حرب بن إسماعيل في مسائله/الطهارة والصلاة/ص446 :

سمعت إسحاق (هو ابن راهويه) يقول: «لا تُغمض عَينَك وأنت تُصَلِّي؛ فإنه يُكرَه؛ لأن اليَهود يَفعَلون ذلك».

وسألت إسحاق -أيضًا-، قلت: المصَلِّي يُصَلِّي؛ فيُغمض عَينَه؟ قال: «أشَدُّ شَيء: في السُّجود»؛ كأنَّه رَخَّص في غَير السُّجود.

954 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو الأوزاعي: يُغمض المصَلِّي عَينَه؟ قال: «ليس ذاك من هَدي الصَّلاة».

وقال أبو بكر الآجري كما في المشيخة البغدادية:

حدثنا جعفر، نا ابن أبي الحواري، نا مروان بن معاوية الفزاري، قال: سألت مالك بن أنس عن الرجل يغمض عينيه في السجود: فلم ير به بأسًا.

حدثنا جعفر بن أحمد، نا أحمد بن أبي الحواري، نا مروان بن معاوية، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، قال: إذا أحسست من بصرك جهدًا فأغمضه.

قال أحمد: أنا رأيت يزيد يغمض عينيه في الصلاة.

وقال ابن المنذر في الأوسط (3/273) :

ولقد كان من تحفظ أهل العلم في صلاتهم وحفظهم لأبصارهم أن قال بعضهم: إن لم يستطع ذلك غمض عينيه, كان الحسن يقول: يضع بصره بحذاء المكان الذي يسجد فيه، فإن لم يستطع فليغمض عينيه.
وقال ابن سيرين: كان يؤمر إذا كان يكثر الالتفات في الصلاة أن يغمض عينيه.
وكره بعضهم تغميض العين في الصلاة، وممن كره ذلك مجاهد، وأحمد، وإسحاق، وقال الأوزاعي: ليس ذلك من هدي الصلاة.

وقال ابن قدامة في المغني (2/9) :

ويكره أن يغمض عينيه في الصلاة. نص عليه أحمد؛ وقال: هو فعل اليهود. وكذلك قال سفيان، وروي ذلك عن مجاهد، والثوري، والأوزاعي. وروي عن الحسن جوازه من غير كراهة.

وفي المبدع (1/424) : وقد نقل أبو داود: إن نظر أمته عريانة غمض عينيه.

وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/283) :

ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تغميض عينيه في الصلاة وقد تقدم أنه كان في التشهد يومئ ببصره إلى أصبعه في الدعاء، ولا يجاوز بصره إشارته.
وذكر البخاري في "صحيحه" عن أنس رضي الله عنه قال: «كان قرام لعائشة، سترت به جانب بيتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أميطي عني قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي». ولو كان يغمض عينيه في صلاته، لما عرضت له في صلاته.
وفي الاستدلال بهذا الحديث نظر، لأن الذي كان يعرض له في صلاته: هل تذكر تلك التصاوير بعد رؤيتها، أو نفس رؤيتها؟ هذا محتمل، وهذا محتمل، وأبين دلالة منه حديث عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام فنظر، إلى أعلامها نظرة فلما انصرف قال: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي». وفي الاستدلال بهذا أيضا ما فيه، إذ غايته أنه حانت منه التفاتة إليها، فشغلته تلك الالتفاتة ولا يدل حديث التفاته إلى الشعب لما أرسل إليه الفارس طليعة، لأن ذلك النظر والالتفات منه كان للحاجة، لاهتمامه بأمور الجيش، وقد يدل على ذلك مد يده في صلاة الكسوف؛ ليتناول العنقود لما رأى الجنة، وكذلك رؤيته النار وصاحبة الهرة فيها، وصاحب المحجن، وكذلك حديث مدافعته للبهيمة التي أرادت أن تمر بين يديه، ورده الغلام والجارية، وحجزه بين الجاريتين، وكذلك أحاديث رد السلام بالإشارة على من سلم عليه وهو في الصلاة، فإنه إنما كان يشير إلى من يراه، وكذلك حديث تعرض الشيطان له فأخذه فخنقه، وكان ذلك رؤية عين، فهذه الأحاديث وغيرها يستفاد من مجموعها العلم بأنه لم يكن يغمض عينيه في الصلاة.
وقد اختلف الفقهاء في كراهته، فكرهه الإمام أحمد وغيره، وقالوا: هو فعل اليهود، وأباحه جماعة ولم يكرهوه، وقالوا: قد يكون أقرب إلى تحصيل الخشوع الذي هو روح الصلاة وسرها ومقصودها.
والصواب أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع، فهو أفضل، وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يشوش عليه قلبه، فهنالك لا يكره التغميض قطعا، والقول باستحبابه في هذا الحال أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة، والله أعلم.

وقد روي حديث مرفوع في النهي عنه:

قال ابن عدي في الكامل:

16186 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حَدثنا أَبو خيثمة مصعب بن سعيد، عن موسى بن أعين، عن لَيث، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه.

هذا الحديث رواه ابن عدي في ترجمة مصعب بن سعيد، أَبو خيثمة المكفوف المصيصي وقال عنه: يحدث عن الثقات بالمناكير، ويصحف عليهم. وقال : والضعف على حديثه بيّن.

ورواه الطبراني من طريق مصعب بن سعيد في المعجم الصغير (24) وفي الأوسط (2218) وفي الكبير (10956).

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: هذا حديث منكر. المغني لابن قدامة (2/9).