الاثنين، 8 فبراير 2016

[فضل من مات له ولد فاحتسبه]

[فضل من مات له ولد فاحتسبه]

قال الإمام أحمد في مسنده:
10331 - حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سليمان، عن أبي السليل، عن أبي حسان، قال: توفي ابنان لي، فقلت لأبي هريرة: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا تحدثناه يطيب بأنفسنا عن موتانا؟ قال: نعم، صغارهم دعاميص الجنة، يلقى أحدهم أباه - أو قال: أبويه - فيأخذ بناحية ثوبه - أو يده - كما آخذ بصنفة ثوبك هذا، فلا يفارقه حتى يدخله الله وأباه الجنة.

الدَّعامِيصُ: جمع دُعْمُوص، وهو دُويبة تكون في مُستنقَع الماء.
وفي حَديثٍ آخرَ: "يتَقَمَّسُون في أَنْهار الجَنَّة".
فيُحتَمل أن يكون هذا تَفسِيره.
والدُّعْموص أيضًا: الدَّخَّال في الأمور، وفي المَثَل: "هو أَهدَى من دُعَيْمِيص الرَّمل وهو رجل معروف عِندَهم، فيُحتَمل أن يكون من هذا ويحتمل أن يكون من هذا ويكون معناه: أنهم سَيَّاحون في الجنة دَخَّالون في المَنازِل لا يُمنَعون من مَوضِع، كما أنَّ الصِّبيان في الدنيا لا يُمنَعُون من الدُّخُولِ على الحُرَم، ولا يَحتجِب منهم أَحدٌ.
[المجموع المغيث لأبي موسى المديني (1/660) ]

قال ابن ناصر الدين الدمشقي: الابتلاء في الأولاد من أعظم الابتلاء وأثقل الأنكاد وهو نار تستعر في الفؤاد وحرقة تضطرم في الأكباد ولهذا كان ثواب الصبر على ذلك جزيلاً ويكون أجره يوم القيامة في ميزانه ثقيلاً.
[برد الأكباد عند فقد الأولاد ص20]

قال البخاري في صحيحه:
1248 - حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عبد العزيز، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من الناس من مسلم، يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث، إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم.

الحِنْثُ: الذَّنْبُ العظيم، ويقال: بَلَغَ الغُلام الحِنْثَ أي بَلَغَ مَبْلغاً جَرَى عليه القَلَم في المعصِيةِ والطاعة.
[العين (3/206)]

وقال النسائي في المجتبى من سننه:
2088 - أخبرنا هارون بن زيد وهو ابن أبي الزرقاء، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا خالد بن ميسرة، قال: سمعت معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه، وفيهم رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره، فيقعده بين يديه، فهلك فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه، فحزن عليه، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مالي لا أرى فلانًا؟ قالوا: يا رسول الله، بنيه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن بنيه، فأخبره أنه هلك، فعزاه عليه، ثم قال: يا فلان، أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك، أو لا تأتي غدًا إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟، قال: يا نبي الله، بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي لهو أحب إلي، قال: فذاك لك.

وقال أحمد في مسنده:
16971 - حدثنا أبو المغيرة، حدثنا حريز، قال: حدثنا شرحبيل بن شفعة، عن بعض، أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنه يقال للولدان يوم القيامة: ادخلوا الجنة. قال: فيقولون: يا رب حتى يدخل آباؤنا وأمهاتنا، قال: فيأتون، قال: فيقول الله عز وجل: ما لي أراهم محبنطئين، ادخلوا الجنة، قال: فيقولون: يا رب آباؤنا، قال: فيقول: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم.

محبنطئين: أي مستبطئين.

وقال:
17639 - حدثنا إسماعيل بن عمر، وحسن بن موسى، قالا: حدثنا حريز، عن شرحبيل ابن شفعة الرحبي، قال: سمعت عتبة بن عبد السلمي، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من يموت - وقال حسن: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل مسلم يتوفى - له ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث، إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية، من أيها شاء دخل.

وقال أحمد في مسنده:
7859 - حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو، حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة، في جسده، وفي ماله، وفي ولده، حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة.

وقال البخاري في صحيحه:
1249 - حدثنا مسلم، حدثنا شعبة، حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن ذكوان، عن أبي سعيد رضي الله عنه: أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يومًا فوعظهن، وقال: أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد، كانوا حجابا من النار، قالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان.

وقال أحمد في مسنده:
15662 - حدثنا عفان، حدثنا أبان، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن زيد، عن أبي سلام، عن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بخ بخ، لخمس ما أثقلهن في الميزان: لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله، والحمد لله، والولد الصالح يتوفى فيحتسبه، والداه وقال: بخ بخ لخمس من لقي الله مستيقنا بهن دخل الجنة: يؤمن بالله واليوم الآخر، وبالجنة، والنار، والبعث بعد الموت، والحساب.

وقال البخاري في الأدب المفرد:
152 - حدثنا إسحاق بن يزيد قال: حدثنا صدقة بن خالد قال: حدثني يزيد بن أبي مريم، عن أمه، عن سهل بن الحنظلية - وكان لا يولد له - فقال: لأن يولد لي في الإسلام ولد سقط فأحتسبه، أحب إلي من أن يكون لي الدنيا جميعا وما فيها. وكان ابن الحنظلية ممن بايع تحت الشجرة.

وقال معمر في الجامع:
باب تمني الرجل موت أهله
20648 - عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، أنه قال: ما أهل بيت ولا أهل بيت من الجعلان، بأحب إلي موتًا من أهل بيتي، وإني لأحبهم كما يحب الرجل ولده، وما أترك بعدي شيئًا أحب إلي من إبل وأسقية.

جِعْلان : جمع جُعَل وهو: حيوان كالخنفساء.

وقال أبو نعيم الأصبهاني في الحلية (1/133) :
حدثنا عبد الرحمن بن العباس، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا أبو الوليد، ثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: ثنا أبو الأحوص، قال: دخلنا على ابن مسعود، وعنده بنون ثلاثة كأمثال الدنانير، فجعلنا ننظر إليهم، ففطن بنا فقال: كأنكم تغبطوني بهم؟ قلنا: وهل يغبط الرجل إلا بمثل هؤلاء؟ فرفع رأسه إلى سقف بيت له قصير قد عشش فيه خطاف، فقال: لأن أكون نفضت يدي من تراب قبورهم أحب إلي من أن يقع بيض هذا الخطاف فينكسر.

وقال الخطيب في تاريخه (6/525) :
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي جعفر الأخرم، قال: أخبرنا أبو علي عيسى بن محمد بن أحمد بن عمر الطوماري، قال: حدثنا محمد بن خلف وكيع، قال: كان لإبراهيم الحربي: ابن، وكان له إحدى عشرة سنة قد حفظ القرآن، ولقنه من الفقه شيئا كثيرا، قال: فمات، فجئت أعزيه، قال: فقال لي: كنت أشتهي موت ابني هذا، قال: قلت: يا أبا إسحاق أنت عالم الدنيا تقول مثل هذا في صبي قد أنجب، ولقنته الحديث والفقه؟ قال: نعم، رأيت في النوم كأن القيامة قد قامت، وكأن صبيانا بأيديهم قلال فيها ماء، يستقبلون الناس يسقونهم، وكأن اليوم يوم حار شديد حره، قال: فقلت: لأحدهم أسقني من هذا الماء، قال: فنظر إلى وقال: ليس أنت أبي فقلت فأيش أنتم؟ قال: فقال: نحن الصبيان الذين متنا في دار الدنيا، وخلفنا آباءنا نستقبلهم، فنسقيهم الماء قال: فلهذا تمنيت موته.

وقال أبو نعيم في الحلية (4/275) :
حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا هناد بن السري، ثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، قال: أخبرني كثير بن تميم الداري، قال: كنت جالسا مع سعيد بن جبير فطلع عليه ابنه عبد الله بن سعيد وكان به من الفقه، فقال: " إني لأعلم خير حالاته. فقال: وما هو؟ قال: أن يموت فأحتسبه "

وقال أبو الحسن المدائني في كتاب التعازي (66) :
قال سفيان: رأى سعيد بن جبيرٍ ابنه يطوف بالبيت، فقال: هذا أعز الخلق علي، وما شيءٌ أسر إلي من أن يكون في ميزاني.

وقال أبو نعيم في الحلية (4/90) :
حدثنا محمد بن علي، ثنا محمد بن سعيد، ثنا أحمد بن بزيغ الرقي، ثنا أبي بزيغ، قال: سمعت عمرو بن ميمون بن مهران، يقول:  كنت مع أبي ونحن نطوف بالكعبة، فلقي أبي شيخ فعانقه أبي، ومع الشيخ فتى نحوًا مني. فقال له أبي: من هذا؟ فقال: ابني. فقال: كيف رضاك عنه؟ قال: ما بقيت خصلة يا أبا أيوب من خصال الخير إلا وقد رأيتها فيه إلا واحدة. قال: وما هي؟ قال: كنت أحب أن يموت فأوجر فيه، ثم فارقه أبي. فقلت: من هذا الشيخ؟ فقال: مكحول.


[مستفاد من كتاب الاحتفال بأحكام وآداب الأطفال ص230 وما بعدها]