الأحد، 7 أغسطس 2016

[السعي للصلاة لإدراك تكبيرة الإحرام أو الركعة]

[السعي للصلاة لإدراك تكبيرة الإحرام أو الركعة]

قال ا بن رجب:
وقد أجمع العلماء على استحباب المشي بالسكينة إلى الصلاة، وترك الاسراع والهرولة في المشي، ولما في ذلك من كثرة الخطا إلى المساجد. وسيأتي أحاديث فضل المشي فيما بعد - إن شاء الله تعالى.
وهذا ما لم يخش فوات التكبيرة الاولى والركعة، فإن خشي فواتها، ورجا بالاسراع إدراكها، فاختلفوا: هل يسرع حينئذ، أم لا؟ 


وفيه قولان:

أحدهما: انه يسعى لإدراكهما.
وروي عن ابن مسعود، أنه سعى لإدراك التكبيرة.
ونحوه عن ابن عمر، والأسود، وعبد الرحمن بن يزيد، وسعيد بن جبير.
وعن أبي مجلز: الإسراع إذاخاف من فوت الركعة.
وقال إسحاق: لاباس بالإسراع لإدراك التكبيرة.
ورخص فيه مالك.
وقال أحمد - في رواية مهنأ -: ولا بأس - إذاطمع أن يدرك التكبيرة الأولى - أن يسرع شيئا، ما لم يكن عجلة تقبح؛ جاء عن أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنهم كانوا يعجلون شيئا إذاتخوفوا فوت التكبيرة الأولى، وطمعوا في ادراكها.
وبوب النسائي في ((سننه)) على ((الإسراع إلى الصلاة من غير سعي)) ، وخرج فيه حديث أبي رافع، قال: كان الرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذاصلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل، يتحدث عندهم حتى ينحدر المغرب. قال أبو رافع: فبينما النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسرع إلى المغرب مررنا بالبقيع - وذكر الحديث.
وهذا إنما يدل على إسراع الإمامإذاخاف الابطاء على الجماعة، وقد قرب الوقت.


والقول الثاني: أنه لايسرع بكل حالٍ.
وروي عن أبي ذر، ويزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وعطاء،
وحكاه ابن عبد البر عن جمهور العلماء، وهو قول الثوري.
ونقله أن منصور وغيره عن أحمد، وقال: العمل على حديث أبي هريرة.
وحديث أبي هريرة: دليل ظاهر على أنه لإيسرع لخوف فوت التكبيرة الأولى، ولا الركعة؛ فانه قال: ((فإذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، ولا تسرعوا)) ، فدل على أنه ينهى عن الإسراع مع خوف فوات التكبيرة أو الركعة.
وفي ((مسند الإمام أحمد)) من حديث أبي بكرة، أنه جاء والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راكع، فسمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صوت نعلي أبي بكرة وهو يحفز، يريد أن يدرك الركعة، فلما انصرف قال: ((من الساعي؟)) قال أبو بكرة: أنا، قال: ((زادك الله حرصا، ولا تعد)) .
وفي إسناده من يجهل حاله.
وخرجه البخاري في ((كتاب القراءة خلف الامام)) بإسناده آخر فيه ضعف - أيضا - عن أبي بكرة - بمعناه، وفي حديث: قال: إن أبا بكرة قال: يا رسول الله، خشيت ان تفوتني ركعة معك، فأسرعت المشي، فقال له: ((زادك الله حرصاً، ولاتعد، صل ما ادركت، واقض ما سبقت)) .
ولو سمع الإقامة وهو مشتغل ببعض أسباب الصلاة كالوضوء والغسل أو غيرهما، فقال عطاء: لا يعجل عن ذلك - يعنى: أنه يتمه من غير استعجال.
وسيأتي حديث: ((لا تعجل عن عشائك)) في موضعه من الكتاب - إن شاء الله تعالى.
الفتح 5/393