الخميس، 30 أكتوبر 2014

بيان علة حديث عمر مرفوعًا: «إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان». وحديث عمران بن الحصين مرفوعًا بنحوه.

بيان علة حديث عمر مرفوعًا: «إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان». وحديث عمران بن الحصين مرفوعًا بنحوه.

قال الإمام أحمد في «المسند» :
310 - حدثنا يزيد، أخبرنا ديلم بن غزوان العبدي، حدثنا ميمون الكردي، عن أبي عثمان النهدي، قال: إني لجالس تحت منبر عمر وهو يخطب الناس، فقال في خطبته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان».

وقال الفريابي في «صفة النفاق» :
25 - حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، حدثنا ميمون الكردي، عن أبي عثمان النهدي، سمعت عمر بن الخطاب، في خطبته يقول: «حذرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كل منافق عليم اللسان».

أما ديلم بن غزوان فقد قال عنه ابن معين: ثقة.
وقال مرة: صالح.
وقال أبو حاتم: ليس به بأس، شيخ, وهو أحب إلي من علي بن أبي سارة.
وقال أبو داود: ليس به بأس.
وقال مرة: شويخ.
وقال في موضع آخر: ثقة.
وانظر «التهذيب» (1807).
لكن أورده ابن عدي في «الكامل» (3/580/640) وروى حديثه هذا من طريقه مستنكرًا له -كعادته في ذلك- وقال: وهذا يرويه عن ميمون ديلم.

وأما الحسن بن جعفر:
فهو متروك منكر الحديث.
انظر «التهذيب» (1211) و«الكامل» (3/133/447).

وقد روي عن ميمون الكردي عن أبي عثمان النهدي عن عمر –رضي الله عنه- موقوفًا:

قال الفريابي في «صفة النفاق» :
26 - حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جعفر بن سليمان، عن المعلى بن زياد، عن أبي عثمان النهدي، قال: سمعت عمر بن الخطاب، وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكثر من عدد أصابعي هذه وهو يقول: «إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة المنافق العليم، قيل: وكيف يكون المنافق العليم؟ قال: عالم اللسان جاهل القلب والعمل».

ورواه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (683) عن يحيى بن يحيى قال: أنا جعفر بن سليمان به.
وقال (684) حدثنا إسحاق، أنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد .. وساق أثرًا.
ثم قال (685) قال حماد بن زيد: قال ميمون الكردي: عن أبي عثمان، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يخطب وأنا بجنب المنبر، عدد أصابعي هذه وهو يقول: «إن أخوف ما أخاف عليكم المنافق العليم، قالوا: وكيف يكون المنافق عليما؟ قال: يتكلم بالحكمة ويعمل بالجور أو قال المنكر».

وفي «علل الدارقطني» :
246- وسئل عن حديث أبي عثمان النهدي، عن عمر قوله: «أخوف ما أخاف عليكم كل منافق عليم اللسان».
فقال رواه المعلى بن زياد، عن أبي عثمان، عن عمر، موقوفًا غير مرفوع.
وكذلك رواه حماد بن زيد، عن ميمون الكردي، عن أبي عثمان، عن عمر قوله.
وخالفه ديلم بن غزوان ويكنى أبا غالب عن ميمون الكردي، عن أبي عثمان عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
وتابعه الحسن بن أبي جعفر الجفري عن ميمون الكردي فرفعه أيضًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والموقوف أشبه بالصواب والله أعلم.

(فصل)

قال الفريابي في «صفة النفاق» :
23 - حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا حسين المعلم، عن ابن بريدة، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان».
ورواه الطبراني في «الكبير» (593) والبيهقي في «الشعب» (1639) من طريق معاذ العنبري.

وقال البزار:
3514 - حدثنا محمد بن عبد الملك، قال: نا خالد بن الحارث، قال: نا حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين، رضي الله عنه، قال: «حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل منافق عليم اللسان».
وهذا الكلام لا نحفظه إلا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه واختلفوا في رفعه عن عمر فذكرناه، عن عمران إذ كان يختلف في رفعه عن عمر، وإسناد عمر إسناد صالح، فأخرجناه عن عمر، وأعدناه عن عمران لحسن إسناد عمران.
ورواه ابن حبان (80) من طريق خالد بن الحارث.

وهذا الحديث معلول:

ففي «علل الدارقطني» :
196- وسئل عن حديث عبد الله بن بريدة، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أخوف ما أخاف عليكم من منافق عليم اللسان.
فقال: هو حديث رواه حسين المعلم، واختلف عنه؛
فرواه معاذ بن معاذ، عن حسين المعلم، عن ابن بريدة، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ووهم فيه.
ورواه عبد الوهاب بن عطاء، وروح بن عبادة، وغيرهما عن حسين، عن ابن بريدة، عن عمر بن الخطاب، وهو الصواب في قصة طويلة.

وحديث روح رواه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» كما في «بغية الباحث» (466) وإسحاق بن راهويه كما في «المطالب العالية» (2985) كلاهما مطولًا بذكر القصة وابن بطة في «الكبرى» (940) مختصرًا.

وفي «المراسيل» لابن أبي حاتم (400) : قال أبو زرعة: عبد الله بن بريدة عن عمر مرسل.

(وهنا تنبيه)

قال محقق المجلد الثاني عشر من «المطالب العالية» بعد أن خرّج الحديث ونقل كلام الدارقطني -رحمه الله-: وعلى كل حال فالحديث عندي صحيح من حديث عمران بن حصين وإن حكم عليه الدارقطني بالوهم لأنه يحتمل أن يكون الحديث عند صحابيين يأخذ عنهما تابعي، وهذا لا مانع، والله أعلم.

فيقال ردًا على هذا الكلام: لو جوّزنا جدلًا أن هذا التابعي (ابن بريدة) حمل الحديث عن كلا الصحابيَين, أفتراه يحتمل أيضًا أن يكون تلميذ التابعي (حسين المعلم) حمل حديثي الصحابيَين جميعًا عن التابعي؟!
هذا كلام ضعيف يدل على قلة دراية بمسالك أئمة علل الحديث وصيارفته وأوجه الإعلال عندهم.

وأفضل ما يرد به على قوله: (يحتمل) ؛ ما قاله ابن القيم –رحمه الله- ردًا على ابن القطان الفاسي لما تكلم كلامًا نحوًا من كلام هذا الرجل, قال في حاشية السنن: وهذه التجويزات لا يلتفت إليها أئمة الحديث وأطباء علله ويعلمون أن الحديث معلول بإرسال الزبيدي له ولهم ذوق لا يحول بينه وبينهم فيه التجويزات والاحتمالات.

ومع الأسف فكلام هذا المحقق هو اجترار لكلام كثير من الباحثين العصريين الذين ليس لهم إلا معرفة سطحية بعلم العلل ودقائقه وكذلك هم لم يتعلموا أن يقدروا لأهله من الأئمة النُقّاد والحفاظ الأفذاذ قدرهم بل تشربوا حب مناطحتهم والتطاول عليهم والله المستعان.

(فصل)

قال عبد الله في زوائد «الزهد» لأحمد :
1300 - حدثنا عبد الله، حدثنا منصور بن بشير، حدثنا حماد الأشج، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كنت عنده جالسا فقال: «إن هلكة هذه الأمة على يدي كل منافق عليم وقد، رمقتك فلم أر منك إلا خيرا فارجع إلى قومك، فإنهم لا يستغنون عن رأيك».

ورواه في «ذم النفاق» (27) عن عبد الأعلى بن حماد النرسي، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، قال: قدمت على عمر.

ورواه إسحاق بن راهويه كما في «المطالب» (2980) : أخبرنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد عن أبي سويد، عن الحسن رضي الله عنه، قال: لما قدم وفد أهل البصرة على عمر رضي الله عنه. فيهم الأحنف بن قيس .. الأثر.
ومن طريقه رواه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (684) ورواه ابن بطة في «الكبرى» (640).

وهذا صورته الإرسال. والله أعلم.
وانظر «معجم أبي يعلى» (334) و«علل الدارقطني» (166).

ونحوه في «تاريخ أصبهان» (1/269) و«معرفة الصحابة» (1121) للأصبهاني من طريق الكديمي وهو متروك متهم.

وينظر «مسند الفاروق» (2/660) ومابعدها.