الاثنين، 30 مايو 2016

[ بعض ما جاء في أن أرواح الْكفَّار في برهوت]

[ بعض ما جاء في أن أرواح الْكفَّار في برهوت]

قال عبد الرزاق في المصنف:
9118 - عن ابن عيينة، عن فرات القزاز، عن أبي الطفيل، عن علي قال: خير واديين في الناس ذي مكة، وواد في الهند هبط به آدم صلى الله عليه وسلم فيه هذا الطِّيبُ الذي تطيبون به، وشر واديين في الناس وادي الأحقاف، وواد بحضرموت يقال له: برهوت، وخير بئر في الناس زمزم، وشر بئر في الناس بلهوت، وهي بئر في برهوت تجتمع فيه أرواح الكفار.

وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره كما في الدر المنثور.

وقال عبدالرزاق:
9119 - عن ابن جريج قال: سمعت أنه يقال: خير ماء في الأرض ماء زمزم، وشر ماء في الأرض ماء برهوت - شعب من شعاب حضرموت - وخير بقاع الأرض المساجد، وشر بقاع الأرض الأسواق.

وقال ابن حبان في صحيحه:
3013 - أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي الجوزاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن إذا حضره الموت حضرته ملائكة الرحمة فإذا قبضت نفسه جعلت في حريرة بيضاء فينطلق بها إلى باب السماء فيقولون ما وجدنا ريحا أطيب من هذه فيقال دعوه يستريح فإنه كان في غم فيسأل ما فعل فلان ما فعل فلان ما فعلت فلانة وأما الكافر فإذا قبضت نفسه وذهب بها إلى باب الأرض يقول خزنة الأرض ما وجدنا ريحا أنتن من هذه فتبلغ بها إلى الأرض السفلى.
قال قتادة: وحدثني رجل عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو قال: أرواح المؤمنين تجمع بالجابيتين وأرواح الكفار تجمع ببرهوت سبخة بحضرموت.
قال ابن حبان: هذا الخبر رواه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن قسامة بن زهير عن أبي هريرة نحوه مرفوعًا.

ورجح أبو حاتم الرازي رواية قسامة عن أبي هريرة على رواية أبي الجوزاء.  علل الحديث (1044).

قال ابن قتيبة في غريب الحديث (2/114) :
ذكر الْأَصْمَعِي عَن رجل من أهل برهوت يَعْنِي الْبَلَد الَّذِي فِيهِ هَذِه الْبِئْر قَالَ: نجد الرَّائِحَة المنتنة الفظيعة جدا ثمَّ نمكث حينا فَيَأْتِينَا الْخَبَر بَأن عَظِيما من عُظَمَاء الْكفَّار قد مَاتَ فنرى أن تِلْكَ الرَّائِحَة مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة أَخْبرنِي رجل أنه أَمْسَى ببرهوت فَكَأَن فِيهِ أصوات الْحَاج وَسَأَلت أهل حَضرمَوْت فَقَالُوا: لَا يَسْتَطِيع أحد أَن يُمْسِي بِهِ.

وقال البربهاري في شرح السنة ص82: واعلم أن أرواح الشهداء في قناديل تحت العرش تسرح في الجنة، وأرواح المؤمنين تحت العرش، وأرواح الكفار والفجار في برهوت، وهي في سجين.

قال ابن القيم في الروح ص106:
فصل وَأما قَول من قَالَ: إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بالجابية وأرواح الْكفَّار  بحضرموت ببرهوت فَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم هَذَا من قَول الرافضة وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل قد قَالَه جمَاعَة من أهل السّنة:
وَقَالَ أَبُو عبد الله بن مَنْدَه: وروي عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ أَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بالجابية ثمَّ قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُونُس حَدثنَا أحْمَد بن عَاصِم حَدثنَا أَبُو دَاوُد سُلَيْمَان ابْن دَاوُد حَدثنَا همام حَدثنِي قَتَادَة حَدثنِي رجل عَن سعيد بن الْمسيب عَن عبد الله بن عَمْرو وَأَنه قَالَ: إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ تَجْتَمِع بالجابية وان أَرْوَاح الْكفَّار تَجْتَمِع فِي سبخَة بحضرموت يُقَال لَهَا برهوت.
ثمَّ سَاق من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن عبد الْجَلِيل بن عَطِيَّة عَن شهر بن حَوْشَب أَن كَعْبًا رأى عبد الله بن عَمْرو وَقد تكلب النَّاس عَلَيْهِ يسألونه فَقَالَ: لرجل سَله أَيْن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ وأرواح الْكفَّار. فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بالجابية وأرواح الْكفَّار ببرهوت.
قَالَ ابْن مَنْدَه: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره عَن عبد الْجَلِيل. ثمَّ سَاق من حَدِيث سُفْيَان عَن فرات الْقَزاز عَن أَبى الطُّفَيْل عَن علي قَالَ: خير بِئْر فِي الأَرْض زَمْزَم وَشر بِئْر فِي الأَرْض برهوت فِي حَضرمَوْت وَخير وَاد فِي الأَرْض وَادي مَكَّة والوادي الَّذِي أهبط فِيهِ آدم بِالْهِنْدِ مِنْهُ طيبكم وَشر وَاد فِي الأَرْض الْأَحْقَاف وَهُوَ فِي حَضرمَوْت ترده أَرْوَاح الْكفَّار.
قَالَ ابْن مَنْدَه: وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن على بن زيد عَن يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس عَن علي: أبْغض بقْعَة فِي الأَرْض وَاد بحضرموت يُقَال لَهُ برهوت فِيهِ أَرْوَاح الْكفَّار وَفِيه بِئْر مَاؤُهَا بِالنَّهَارِ أسود كَأَنَّهُ قيح تأوي إِلَيْهِ الْهَوَام.
ثمَّ سَاق من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي حَدثنَا علي بن عبد الله حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا أبان بن تغلب قَالَ: قَالَ رجل: بت فِيهِ يعْنى وَادي برهوت فَكَأَنَّمَا حشرت فِيهِ أصوات النَّاس وهم يَقُولُونَ يَا دومه يَا دومه قَالَ أبان: فحدثنا رجل من أهل الْكتاب أَن دومة هُوَ الْملك الَّذِي على أَرْوَاح الْكفَّار.
وَقَالَ سُفْيَان وَسَأَلنَا الحضرميين فَقَالُوا: لَا يَسْتَطِيع أحد أَن يبيت فِيهِ بِاللَّيْلِ.

وفي تفسير ابن رجب (1/248) :
وخرَّج اللالكائيُّ، من روايةِ عاصم، عن أبي وائل، عن أبي موسى
الأشعريِّ، قال: تخرجُ روحُ المؤمنِ وهي أطيبُ من المسكِ، فتعرجُ به
الملائكةُ إلى ربِّه عزَّ وجل، حتى تأتِي ربَّه، وله برهانٌ مثلُ الشمسِ، وروحُ
الكافرِ - يعني: أنتن من الجيفةِ -، وهو بوادِي حضرموْت، في أسفلِ الثَّرَى، من سبع أرضينَ.

وقال (1/258) : وقال ابنُ أبي الدنيا: حدثنا الحسينُ بنُ عبدِ العزيزِ، حدثنا عمرو بنُ أبي سلمةَ، عن عمرَ بنِ سليمانَ، قالَ: ماتَ رجلٌ من اليهودِ وعندَهُ وديعةٌ لمسلم، وكانَ لليهوديِّ ابنٌ مسلمٌ، فلم يعرفْ موضعَ الوديعةِ، فأخبرَ شعيبًا الجبائيَّ، فقال: ائت برهوتَ فإنَّ دونهُ عينٌ تسيبُ، فإذا جئتَ في يومِ السبتِ فامشِ عليها حتَّى تأتِي عينًا هناكَ، فادعُ أباك فإنه سيجيبُكَ، فاسألْه عما تريدُ، فعلَ ذلك الرجلُ، ومضى، حتى أتى العينَ، فدعا أباه مرتينَ أو ثلاثاً فأجابَهُ، فقالَ: أين وديعةُ فلانٍ؟ فقال: تحت إسكفةِ البابِ، فادفعْها إليه.
وفي كتابِ "الحكاياتِ" لأبي عمرٍو أحمدَ بنِ محمدٍ النيسابوريِّ، قالَ:
حدثنا أبو بكرٍ بنُ محمدِ بنِ عيسى الطرطوسيُّ، حدثنا حامدُ بنُ يحيى حدثنا يحيى بنُ سليم، قالَ: كانَ عندنا بمكةَ رجلُ صدق من أهلِ خراسانَ يُودعَ الودائعَ فيؤدِّيها، فأودعه رجلٌ عشرة آلافِ دينارٍ، وغابَ، فحضرتِ الخراسانيَّ الوفاةُ، فما ائتمنَ أحدًا من ولدِهِ، فدفنَهَا في بعضِ بيوتِهِ، وماتَ.
فقدِمَ الرجلُ وسألَ بنيهِ، فقالُوا: ما لنا بها علمٌ، قالَ العلماءُ الذين بمكةَ.
وهم يومئذٍ متوافرونَ، فقالُوا: ما نراهُ إلا من أهلِ الجنةِ، وقد بلغَنا انَّ أرواحَ أهل الجنةِ، في زمزمَ، فإذا مضى من الليلِ ثلثُه أو نصفُهَ فائتِ زمزمَ، فقفْ على شفيرِهَا، ثم نادِهِ، فإنا نرجُو أن يجيبَكَ، فإنْ أجابكَ فاسْألْه عن مالِكَ.
فذهبَ كما قالُوا: فنادَى أولَ ليلةٍ وثانيةٍ وثالثةٍ، فلم يُجَبْ، فرجَعَ إليهم.
فقالَ: ناديتُ ثلاثا فلم أُجَبْ؛ فقالُوا: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، ما نرى
صاحبَك إلا من أهل النارِ، فاخرجْ إلى اليمنِ، فإنَّ بها واديًا يُقالُ له:
برهوتَ، فيه بئرٌ يقالُ له: بلهوتُ فيها أرواحُ الكفارِ، فقِفْ على شفيرها فنادِهِ في الوقت الذي ناديتَهُ في زِمزمَ، فذهب كما قيل له في الليلِ، فنادَى يا فلانُ يا فلانُ بنُ فلانٍ أنا فلانُ بنُ فلانٍ، فأجابَهُ في أولِ صوتِ، فقال له:
ويحكَ ما أنزلَكَ ها هنا وقد كنتَ صاحبَ خيرٍ؟
قال: كان لي أهلٌ بخراسانَ، فقطعتُهم حتى مِتُّ، فأخذَنِي اللَّهُ فأنزلني هذا المنزلَ، وأمَّا مالُك فإني لم آمنْ عليه ولدِي، وقد دفنتُه في موضع كذا.
فرجع صاحبُ المالِ إلى مكةَ، فوجدَ المالَ في المكانِ الذي أخبرَهُ.
ورجَّحت طائفةٌ من العلماء أن أرواحَ الكفارِ في بئر برهوت، منهم
القاضي أبو يعْلَى من أصحابِنا في كتابِه: "المعتمد" وهو مخالفٌ لنص أحمدَ: أنَّ أرواح الكفارِ في النارِ.
ولعلَّ لبئر برهوت اتصالاً في جهنَّم في قعرِها، كما رُوي في البحرِ أنَّ
تحته جهنَّم، واللَّه أعلمُ.
ويشهدُ لذلكَ ما سبقَ من قولِ أبي موسى الأشعريِّ: فروحُ الكافرِ بوادي حضرَموت، في أسفلِ الثرى من سبع أرضينَ.

وقال الحموي في معجم البلدان (1/405) :
بَرَهُوت:
بضم الهاء، وسكون الواو، وتاء فوقها نقطتان: واد باليمن يوضع فيه أرواح الكفار، وقيل: برهوت بئر بحضرموت، وقيل: هو اسم للبلد الذي فيه هذه البئر.
ورواه ابن دريد برهوت، بضم الباء وسكون الراء، وقيل: هو واد معروف.
وقال محمد بن أحمد: وبقرب حضرموت وادي برهوت، وهو الذي قال فيه النبي، صلى الله عليه وسلم: إن فيه أرواح الكفار والمنافقين.
وهي بئر عادية في فلاة واد مظلم، وروي عن عليّ، رضي الله عنه، أنه قال: أبغض بقعة في الأرض إلى الله عز وجل، وادي برهوت بحضرموت فيه أرواح الكفار وفيه بئر ماؤها أسود منتن تأوي إليه أرواح الكفار.
وعنه أنه قال: شرّ بئر في الأرض بئر بلهوت في برهوت تجتمع فيه أرواح الكفار.
وقال النّعمان بن بشير في بنت هانئ الكندية أمّ ولده وكان النعمان قد ولي اليمن:
إني لعمر أبيك يا ابنة هانئ، ... لو تصحبين ركائبي لشقيت
وتسرّ أمك أننا لم نصطحب، ... فدعي التبسّط، للسّفار نسيت
واقني حياءك واقعدي مكفيّة، ... إن كنت للرّشد المصيب هديت
ولعلّ ذلك أن يراد فتكرهي، ... وهناك إن عفت السّفار عصيت
أنّى تذكّرها وغمرة دونها؟ ... هيهات بطن قناة من برهوت