الخميس، 12 ديسمبر 2013

[بحث في لفظة (بشماله) في أثر: «خمر الله طينة آدم أربعين يوماً»]

[بحث في لفظة (بشماله) في أثر: «خمر الله طينة آدم أربعين يوماً»]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

قال الطبري في تاريخه 1/93: وحدثنا عن الحسن بن بلال قال: حدثنا حماد بن سلمة عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال: خمر الله تعالى طينة آدم عليه السلام أربعين يوما، ثم جمعه بيديه، فخرج طيبه بيمينه، وخبيثه بشماله، ثم مسح يديه إحداهما على الأخرى، فخلط بعضه ببعض، فمن ثم يخرج الطيب من الخبيث، والخبيث من الطيب.

هذا الأثر إسناده صحيح لكن رواه عن سليمان التيمي جماعة من الرواة بدون زيادة لفظة: (بشماله) كما سيأتي بيانه.

وقد روى هذا الأثر ابن بطة في الإبانة برقم1650 من طريق حجاج بن المنهال عن حماد بن سلمة بذكر اللفظة.

ورواه ابن منده كذلك من طريق حجاج عن حماد (مختصراً بدون اللفظة) في كتاب التوحيد برقم485.

ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره 3367 و7661 من طريق مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة وسفيان الثوري بدونها كذلك, لكن جاء عنده (عن سلمان قال: قال عمر) ولعل ذلك وهم من مؤمل فهو سيء الحفظ ولم يتابع عليه.

فصل:
في ذكر من روى الأثر عن سليمان التيمي ولم يذكروا فيه (بشماله), وهم:

1- بشر بن المفضل عند ابن جرير في التفسير برقم6820. ووقع عنده (عن سلمان أو عن ابن مسعود وأكبر ظني أنه عن سلمان).

2- المعتمر بن سليمان عند الفريابي في كتاب القدر برقم10 من طريق عبيد الله بن معاذ وبرقم11 من طريق محمد بن عبد الأعلى, ومن طريق الفريابي رواه الآجري في الشريعة برقم431 وأبو يعلى في إبطال التأويلات برقم170.

ورواه عن المعتمر أيضاً سعيد بن منصور وروايته عند البيهقي في الأسماء والصفات برقم717 وعند أبي عبد الله النعالي (وهو متكلم فيه) في فوائده (مخطوط) برقم9.
وكذلك وقع فيه الشك في الإسناد: (عن ابن مسعود أو سلمان رضي الله عنهما قال أبي ولا أراه إلا سلمان).

3- يزيد بن هارون كما عند الفريابي في القدر برقم12 والبيهقي في الأسماء والصفات برقم716.
وكذلك وقع الشك كما تقدم: (عن ابن مسعود أو سلمان).

4- يحيى بن سعيد القطان كما عند أبي الشيخ في العظمة 5/1546. وكذلك هذه الرواية على الشك: (عن ابن مسعود أو عن سلمان قال ابن محمد: وأكبر ظني عن سلمان).

5- سفيان الثوري كما عند الدرامي في النقض 1/273 وابن منده في التوحيد برقم484 وعنده: (عن سلمان الفارسي أو عبد الله بن مسعود الشك من سليمان).

6- معاذ بن معاذ العنبري كما عند ابن سعد في الطبقات 1/27 وفيه: (عن سلمان الفارسي أن ابن مسعود).

7- عبثر بن القاسم كما في الثاني من فوائد ابن الصواف (مخطوط) برقم3, رواه من مسند سلمان ولم يشك.

8- أبو إسحاق الفزاري (كذلك عن سلمان دون شك) كما عند الفريابي في القدر برقم13 وعنه الآجري في الشريعة برقم432, وقال: وقال فيه عن سلمان وحده.

ورواه كذلك من طريق الفزاري أبو نعيم في الحلية 8/263 وتصحف عنده (سلمان) إلى (سليمان).

فانفراد حماد بن سلمة بذكر هذه اللفظة دون سائر من روى الأثر عن سليمان التيمي يحتم القول بشذوذها والله أعلم.

وقد روي هذا الحديث مرفوعاً كما في الغرائب الملتقطة ولا يصح مرفوعاً كما قال الدارقطني في العلل مسألة رقم931 وأطراف الغرائب والأفراد برقم2221 وابن منده في التوحيد 3/92.

ويجدر التنبيه إلى قول محقق كتاب النقض على المريسي للدارمي عن هذا الأثر: (أنه من جراب أهل الكتاب!) كذا قال, وهذا الجزم منه محض تخرص بلا بينة ولا دليل ولم أقف على سلف له في هذا القول إلا بعض الأشاعرة, قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى 13/345: (ومع جزم الصاحب فيما يقوله فكيف يقال إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم؟).اهـ

فصل فيه ذكر بعض الأحاديث التي ورد فيها لفظة الشمال ولم تصح:
حديث آخر:
وكذلك قد جاء ذكر الشمال عند لوين في جزئه برقم69 وابن أبي عاصم في السنة برقم203 والبزار في المسند برقم3032 والفريابي في القدر برقم35 ومن طريقه الآجري في الشريعة برقم332 وغيرهم بسند واهٍ من رواية روح بن المسيب عن يزيد الرقاشي عن غنيم بن قيس عن أبي موسى الأشعري.

يزيد الرقاشي متروك, [ينظر التهذيب للمزي ترجمة6958].
وروح بن المسيب قال عنه ابن عدي: يروي عن ثابت ويزيد الرقاشي أحاديث غير محفوظة. [الكامل ترجمة664, وينظر المجروحين ترجمة345].

حديث آخر
وذكر ابن كثير في تفسيره 3/455 حديثاً فيه ذكر الشمال عزاه لابن مردويه (وله تفسير مفقود) عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً, وجعفر بن الزبير متروك. [ينظر التهذيب للمزي ترجمة940 وتهذيب العسقلاني ترجمة140].

حديث آخر
وقع ذكر الشمال أيضاً في حديث مسلم بن يسار الجهني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في مسند الموطأ للجوهري برقم376, ولكن الحديث في الموطأ 2/898 وغيره من غير لفظ الشمال وذكره غير محفوظ في هذا الحديث بصرف النظر عن صحة الحديث أو ضعفه.

هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.