الخميس، 14 أغسطس 2014

بيان ضعف حديث: «إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين تمنعانك مخرج السوء، وإذا دخلت منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء».

قال البزار في «مسنده» :
8567- حدثنا أحمد بن منصور، قال: حدثنا معاذ بن فضالة، قال: حدثني يحيى بن أيوب عن بكر بن عمرو، عن صفوان بن سليم قال بكر: حسبته، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين تمنعانك مخرج السوء، وإذا دخلت منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء».
وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه.

ورواه كذلك المخلص كما في الثاني عشر من «المخلصيات» (65) والديلمي (ق108) وعبد الغني المقدسي في «أخبار الصلاة» (16) و (25) من طرق عن معاذ بن فضالة به.

وهذا الإسناد فيه عدة أمور موجبة لضعفه:

أولاً: بكر بن عمرو المعافري المصري:
قال أحمد بن حنبل: يروى له.
وقال أبو حاتم: شيخ.
قال الدارقطني: مصري، يعتبر به.
وقال مرة أخرى: ينظر في أمره.
«التهذيب» للمزي (750) «سؤالات البرقاني» (57) «سؤالات الحاكم» (288).

فمثل هذا الراوي لا يرقى إلى رتبة الاحتجاج بما ينفرد به فضلا عن أن يوصف بأنه: (من الثقات الأثبات)!
وأما قول من قال: (احتج به الشيخان) فليس بصواب:
فإن له في البخاري حديثاً واحداً في التفسير وهو حديثه عن بكير بن الأشج عن نافع عن بن عمر في ذكر علي وعثمان وهو متابعة وقد أخرجه البخاري من طريق أخرى.
«الفتح» للعسقلاني (1/393).

وأما في مسلم فله –حسبما وقفت عليه- حديث واحد وقد توبع عليه.
انظر «صحيح مسلم» (1825) و (1826) و «رجال مسلم» لابن منجويه (153).

ثانياً: يحيى بن أيوب المصري:
قال البخاري صدوق وثقه ابن معين وأبو داود والفسوي والحربي وابن عدي وغيرهم ولكن:
قال أحمد بن حنبل: سيء الحفظ، وهو دون حيوة وسعيد بن أبي أيوب في الحديث.
وقال أبو حاتم محله الصدق، يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال في موضع آخر: ليس به بأس.
وقال: عنده أحاديث مناكير، وليس هو ذاك القوي في الحديث .
وقال الدارقطني: في بعض أحاديثه اضطراب.
وقال الساجي: صدوق يهم.
وقال أبو زرعة: واهي الحديث.
وقال ابن سعد: منكر الحديث.
وذكره العقيلي في «الضعفاء» وقال: حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا ابن علي، سمعت ابن أبي مريم، قال: حدثت مالكاً بحديث حدثنا به يحيى بن أيوب، عنه، فسألته عنه، فقال: كذب. وحدثته بآخر، فقال: كذب.
وذكره ابن عدي في «الكامل» وساق له بعض الأحاديث المنكرة.
وقال الإسماعيلى : لا يحتج به .
و قال أحمد بن صالح: كان يحيى بن أيوب من وجوه أهل البصرة، وربما خل فى حفظه.
وقال: له أشياء يخالف فيها.
وقال الساجي: صدوق يهم، كان أحمد يقول: يحيى ين أيوب يخطىء خطأ كثيراً.
وقال الحاكم أبو أحمد: إذا حدث من حفظه يخطىء، و ما حدث من كتاب فليس به بأس.

انظر «التهذيب» للمزي (6792) مع حواشيه و«تهذيب التهذيب» (11/187).

فلا أدري بعد النظر في ترجمته وكل ما قيل فيه؛ كيف يقال: (فيه كلام يسير لا يضر!).
فإن كان كل كلام هؤلاء الحفاظ وجرحهم الواضح المفسر له لا يضر؛ فيا ليت شعري فما الذي يضر؟
وكيف يقال عن قولهم فيه: (سيء الحفظ)، (يخطئ كثيراً)، (واهي الحديث)، (منكر الحديث)، (لا يحتج به)، (ليس بالقوي) .. أن هذا كلام يسير؟

ثالثاً: ذكر ابن يونس أنه قد حدث عنه الغرباء بأحاديث ليست عند أهل مصر عنه؛ وذكر عدة أحاديث وقال أنها ليست من حديثه بل هي من حديث ابن لهيعة.
وحديثنا هذا رواه عنه معاذ بن فضالة وهو بصري. انظر «التهذيب» للمزي (6034).

رابعاً: قد شك بكر بن عمرو في الحديث فقال: (حسبته، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم) وشكه هذا يدل على أنه لم يحفظ ولم يضبط حديثه.

خامساً: صفوان بن سليم من ثقات المدنيين المكثرين، وقد روى عنه مالك وهو مدني وابن عيينة وهو مكي وغيرهم من ثقات الحجازيين فأين هم عن هذا الحديث والذي فيه هذه السنة العزيزة؟

سادساً: هذا الحديث انفرد بإخراجه البزار في «مسنده المعلَّل الكبير» -كما أسماه الذهبي- دون أصحاب الكتب الستة ومالك وأحمد بل وابن خزيمة وابن حبان والدارمي والحاكم وغيرهم من أصحاب الكتب المشهورة.
والبزار كثيراً ما يخرج الحديث في «مسنده المعلل» لا ليحتج به ولكن لينبه على علته.

وقد ذكرابن كثير «مسند البزار» عند كلامه على المصنفات في علم العلل ثم قال: ويقع في مسند الحافظ أبي بكر البزار من التعاليل ما لا يوجد في غيره من المسانيد. «اختصار علوم الحديث» (ص64).

وقال ابن رجب: ونجد كثيراً ممن ينتسب إلى الحديث، لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة، وبمثل «مسند البزار»، و«معاجم الطبراني»، و«أفراد الدارقطني»، وهي مجمع الغرائب والمناكير. «شرح العلل» (2/624).

وانظر «تذكرة الحفاظ» للذهبي (2/166).

وأخيراً:
قال ابن رجب في «الفتح» (5/93) :
وقد ورد في فضله (يعني: صلاة الركعتين للداخل إلى منزله) أحاديث في أسانيدها نظر.
فخرج البزار في الأمر به، وأنه يمنع مدخل السوء: حديثاً عن أبي هريرة مرفوعاً، في إسناده ضعف.

وانظر كلامه على بقية الأخبار في هذا الباب.

قال عبد الله بن المبارك في كتاب «الزهد» :
1283 - أخبرنا معمر، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: تزوج رجلٌ امرأةَ عبد الله بن رواحة، فقال لها: تدرين لم تزوجتك؟ لتخبريني عن صنيع عبد الله بن رواحة، في بيته، فذكرت له شيئا لا أحفظه، غير أنها قالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين، فإذا دخل داره صلى ركعتين، وإذا دخل بيته صلى ركعتين لا يدع ذلك أبدًا.
وكان ثابت لا يدع ذلك فيما ذكر لنا بعض من يخالط أهله، وفيما رأينا منه.