السبت، 2 أغسطس 2014

بيان ضعف حديث: «إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير .. الحديث».

بيان ضعف حديث: «إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن كان مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل مفاتيح الشر على يديه».

قال أبو داود الطيالسي في «المسند» :
2195 - حدثنا محمد بن أبي حميد الأنصاري، قال: أخبرني حفص بن عبيد الله بن أنس، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن كان مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل مفاتيح الشر على يديه».

ورواه من طريقه البيهقي في «الشعب» (687) ورواه الحسين المروزي في زوائده على «الزهد» لابن المبارك (237) ومن طريقه ابن ماجه في «السنن» (237) ورواه ابن أبي عاصم في «السنة» (297) -وزاد في السند (موسى بن وردان) ولا يصح- وابن الأعرابي في «معجمه» (183) وابن عدي في «الكامل» (7/412) وغيرهم.

وفي سنده محمد بن أبي حميد الأنصاري الزرقي:
قال عنه الإمام أحمد: أحاديثه أحاديث مناكير.
وقال مرة: ليس هو بقوي في الحديث.
وقال ابن معين: ضعيف ليس حديثه بشيء.
وقال مرة: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال مرة: ضعيف ذاهب الحديث، لا أروي عنه شيئًا.
وقال: واهي الحديث ضعيف.
وقال أبو حاتم: كان رجلا ضرير البصر، وهو منكر الحديث، ضعيف الحديث مثل ابن أبي سبرة، ويزيد بن عياض، يروي عن الثقات المناكير.
وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث.
وقال الجوزجاني: واهي الحديث، ضعيف.
وقال النسائي: ليس بثقة.

انظر «تهذيب الكمال» (5169) و«الكامل» لابن عدي (7/411) و«علل الترمذي» (461) «العلل ومعرفة الرجال» (2811) و(3159).

فلا أدري من كانت هذه حاله كيف يستشهد بحديثه فضلاً عن أن يحتج به؛ وتأمل قول البخاري رحمه الله فيه: (واهي الحديث) و(ذاهب الحديث) و(منكر الحديث). وهو من عرف بلطف عباراته في الجرح.
 هذا وقد اكتفى العسقلاني بقوله فيه: ضعيف! فلا ينبغي الاقتصار على كتاب «التقريب» عند النظر في تراجم الرجال والله المستعان.

فالخلاصة أن هذا الحديث منكر من هذا الوجه لا يصح بحال. وقد رواه ابن عدي في سياق ما استُنكر على ابن أبي حميد كما تقدم.

(وجه آخر)

قال البيهقي في «الشعب» :
686 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمد آبادي، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا حميد المزني، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من الرجال مفاتيح للخير، مغاليق للشر، وإن من الناس مغاليق للخير مفاتيح للشر».

ورواه ابن شاهين في «جزء من حديثه» ط.أضواء السلف:
قال: (7) حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الثقفي بحمص نا عيسى بن غيلان، نا سعيد بن سليمان، نا النضر بن إسماعيل وصوابه شميل-، نا حميد، عن أنس بن مالك،: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وحميد المزني مجهول لا يعرف:
قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عنه فقال: لا أعرفه.
وقال الذهبي: مجهول.
انظر «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (2/231/1015) وتصحف عنده (المزني) لـ (المري)، وانظر كذلك «الميزان» (1/618/2360) و«اللسان» (3/304/2825).

(وجه آخر)

قال ابن ماجه في «السنن» :
238 - حدثنا هارون بن سعيد الأيلي أبو جعفر قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذا الخير خزائن، ولتلك الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير، مغلاقا للشر، وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر، مغلاقا للخير».

ورواه البخاري في «التاريخ الكبير» (1/200) وقال: لا يصح حديثه- وابن أبي عاصم في السنة (296) و (298) وأبو يعلى في «مسنده» (7526) والطبراني في «الكبير» (6/150/5812) و (6/189/5956) والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (590) والروياني في «مسنده» (1049) والأصبهاني في «الحلية» (8/329) وغيرهم من طرق عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم به.

وهذا الإسناد تالف؛ ففيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وحاله لا تختلف كثيراً عن حال محمد بن أبي حميد، فهذه الطريق واهية كالطريقين السابقتين.
انظر «التهذيب» للمزي (3820).

(وجه آخر)

قال الأصبهاني في «الحلية» (3/223) :
حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث بن سعد، ثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، قال: يقال: «إن لله عبادا مفاتيح للخير مغاليق للشر، ولله تعالى عباد مغاليق للخير مفاتيح للشر».

وهذا سند لا بأس به، فهشام بن سعد وإن كان فيه لين؛ لكن روايته عن زيد بن أسلم قوية.
انظر «التهذيب» (6577).

وزيد بن أسلم من التابعين وهو مع ذلك لم يرفعه ولم ينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فيحتمل الإرسال ويحتمل غيره.

(وجه آخر)

قال ابن صاعد كما في «الزهد» لابن المبارك (949) :
حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قراءة على محمد بن شعيب، عن النعمان، عن مكحول أن أبا الدرداء كان يقول: «من الناس مفاتيح للخير، ومغاليق للشر، ولهم بذلك أجر، ومن الناس مفاتيح للشر، ومغاليق للخير، وعليهم بذلك إصر، وتفكر ساعة خير من قيام ليلة».
قال ابن صاعد: «تفرد به ابن المبارك غريب الإسناد صحيح».

ورواه التيمي في «الترغيب والترهيب» (677) من طريق الحسين المروزي.

وهذا منقطع فمكحول لم يسمع من أبي الدرداء.
انظر «الكامل» لابن عدي (2/6) و«تاريخ دمشق» (60/209) و«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص211).

(وجه آخر)

قال علي بن الجعد في «مسنده» ص209: حدثنا خلف بن هشام، نا حماد بن زيد، عن أبيه قال: سمعت أنس بن مالك يقول: «إن للخير مفاتيح، وإن ثابتاً البناني من مفاتيح الخير».

ورواه عبد الله بن أحمد في «العلل» (2912) وفي زوائد «الزهد» (1420) والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (591) والأصبهاني في «الحلية» (2/318).

وهذا موقوف ومختصر جداً، فلا يشهد لشيء مما تقدم، لكن ذكرته من باب الفائدة، وزيد بن درهم والد حماد لم أقف على من وثقه.

والخلاصة:
أن حديث أنس وحديث سهل بن سعد رضي الله عنهما منكران واهيان فالحديث لا يصح مرفوعاً.

وأما حديث زيد بن أسلم فلا يوجد ما يشهد له أو يقويه، وكذلك فزيد بن أسلم لم يرفعه ولم ينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يصح أن يجعل في شواهد الحديث المرفوع.

وأما أثر أبي الدرداء فضعيف منقطع ولفظه مختلف عن ما سبقه. والله أعلم.