الجمعة، 18 مارس 2016

[اتخاذ الرجل صاحبه سترة في الصلاة وحكم استقبال الرجل صاحبه بوجهه في الصلاة]

[اتخاذ الرجل صاحبه سترة في الصلاة وحكم استقبال الرجل صاحبه بوجهه في الصلاة]

قال ابن أبي شيبة في المصنف:

الرجل يستر الرجل إذا صلى إليه أم لا ؟

2895- حدثنا وكيع ، عن هشام بن الغاز ، عن نافع ، قال : كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلاً إلى سارية من سواري المسجد ، قال لي : ولني ظهرك.

2896- حدثنا معتمر ، عن سلم ، عن قتادة ، قال : يستر الرجل الرجل إذا كان جالسًا وهو يصلي.

2897- حدثنا يزيد بن هارون ، عن هشام ، عن الحسن ، قال : الرجل يستر المصلي في الصلاة.
وقال ابن سيرين : لا يستر الرجل المصلي.

2898- حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، عن عبيد الله ، عن نافع : أن ابن عمر كان يقعد رجلاً فيصلي خلفه والناس يمرون بين يدي ذلك الرجل.

2899- حدثنا محمد بن بشر , قال : حدثنا مسعر ، قال : حدثنا حماد ، قال : سألت إبراهيم أيستر النائم ؟ قال : لا ، قلت : فالقاعد ؟ قال : نعم.

وقال ابن قدامة في المغني (2/176) : وقد روي عن حميد بن هلال، قال: رأى عمر بن الخطاب رجلا يصلي، والناس يمرون بين يديه، فولاه ظهره، وقال بثوبه هكذا، وبسط يديه هكذا. وقال: صل، ولا تعجل. وعزاه للنجاد.

وهذا يحمل على استتار الرجل بالرجل وهو موليه ظهره كما تقدم عن ابن عمر.

وقد بوب البخاري في صحيحه:

باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي

511 - حدثنا إسماعيل بن خليل، حدثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن مسلم يعني ابن صبيح، عن مسروق، عن عائشة، أنه ذكر عندها ما يقطع الصلاة، فقالوا: يقطعها الكلب والحمار والمرأة، قالت: لقد جعلتمونا كلابا، «لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، وإني لبينه وبين القبلة، وأنا مضطجعة على السرير، فتكون لي الحاجة، فأكره أن أستقبله، فأنسل انسلالاً».
وعن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة نحوه.

قال ابن رجب في الفتح (4/103) : وروى أبو نعيم: ثنا مسعر، قال: أراني أول من سمعته من القاسم، قال: ضرب عمر رجلين: أحدهما مستقبل الآخر وهو يصلي. وهذا منقطع.
ونص أحمد على كراهة أن يصلي مستقبل رجل. نقله عنه المروذي.
ونقل عنه ابنه صالح، أنه قال: هذا منهي عنه.
وعلل الأصحاب كراهة ذلك بان فيه تشبهًا بعبادة المخلوقين، فكره كما تكره الصلاة إلى صورة منصوبة.
وعلى هذا التعليل، فلا فرق بين أن يشتغل بالنظر إلى ذلك، أو لا يشتغل. والله اعلم.
وكره أصحاب الشافعي الصلاة إلى آدمي، يستقبله ويراه، وعللوه بأنه يشغل المصلي ويلهيه نظره إليه.
وقد روى هذا الحديث أبو معاوية، عن الأعمش، بالإسناد الثاني، وقال في حديثه: فأنسل من قبل رجلي السرير، كراهة أن استقبله بوجهي.
خرجه عنه الإمام أحمد.
ورواه ابن أبي زائدة، عن الأعمش بالإسنادين، وقال فيه: وأكره أن أستقبله بوجهي فأوذيه، فأنسل من قبل رجلي السرير.
وهذا يدل عل إنها كانت تعلم أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يكره أن يستقبله أحد بوجهه وهو يصلي، وكان ذلك ليلاً، ولم يكن في البيوت مصابيح، كما صرحت به عائشة في حديثها الآخر، فدل على أن كراهة استقبال المصلي وجه إنسان والإنسان ليس هو لمعنى الاشتغال بالنظر إليه عن الصلاة، كما يراه البخاري. والله اعلم.
والظاهر: أن البخاري استدل بصلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى عائشة على أنه لا تكره الصلاة مستقبل إنسان، وفي ذلك نظر؛ فإن عائشة لم تكن مستقبلة له، بل كانت مضطجعة، وإنما كره من كره استقبال وجه الآدمي.


و خبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه رواه أيضًا عبد الرزاق في المصنف من طريق آخر غير الذي ذكره ابن رجب:
2396 - عن الثوري، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: رأى عمر رجلا يصلي ورجل مستقبله، فأقبل على هذا بالدرة، وقال: «تصلي وهذا مستقبلك؟» وأقبل على هذا بالدرة قال: «أتستقبله وهو يصلي؟».