الأحد، 27 يوليو 2014

[بابٌ في كراهية التطوع بالصوم ممن عليه صوم فرض]

[بابٌ في كراهية التطوع بالصوم ممن عليه صوم فرض]

قال ابن أبي شيبة في «المصنف» :
من كره أن يتطوع بصوم وعليه شيء من رمضان
9286 - حدثنا أبو بكر الحنفي، عن قتادة، عن إبراهيم، قال: «لا يتطوع الرجل بصوم، وعليه شيء من قضاء رمضان».

هذا الإسناد فيه انقطاع، أبو بكر الحنفي لم يدرك قتادة، وسيأتي عن إبراهيم نحوه بسند صحيح.

وقال:
9287 - حدثنا غندر، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، «أنه كره أن يتطوع بصيام، وعليه قضاء من رمضان إلا العشر».

9288 - حدثنا ابن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه، قال: «مثل الذي يتطوع وعليه قضاء من رمضان، مثل الذي يسبح وهو يخاف أن تفوته المكتوبة».

9289 - حدثنا ابن مهدي، عن مالك بن أنس، قال: «سئل سليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، عن رجل تطوع وعليه قضاء من رمضان، فكرها ذلك».

هذا فيه انقطاع؛ لكن مالك لا يروي إلا عن ثقة، فلعله من طريق الزهري أو غيره.

وقال عبد الرزاق في «المصنف» :
7713 - عن الثوري، عن حماد قال: سألت إبراهيم، وسعيد بن جبير عن رجل عليه أيام من رمضان أيتطوع في العشر؟ قالا: «يبدأ بالفريضة».

7715 - عن الثوري، عن عثمان بن موهب قال: سمعت أبا هريرة وسأله رجل قال: إن علي أياما من رمضان، أفأصوم العشر تطوعا؟ قال: «لا، ولم؟ ابدأ بحق الله، ثم تطوع بعدما شئت».
ورواه البيهقي في الكبرى (8395) من طريق الثوري ولفظه: «لا، بل ابدأ بحق الله فاقضه ثم تطوع بعد ما شئت».

7716 - عن ابن جريج قال: عن عطاء، كره أن يتطوع الرجل بصيام في العشر، وعليه صيام واجب قال: «لا، ولكن صم العشر، واجعلها قضاء».

7717 - عن الثوري، عن أبي حيان، عن عجوز، عن عائشة قالت: «لا بل حتى تؤدي الحق».

هذا فيه مبهم.

7718 - عن ابن جريج قال: قال مجاهد: «من كان عليه صيام رمضان، فتطوع بصيام، فليجعل ما تطوع به في قضاء رمضان».

وقد روي نحواً مما في هذه الآثار مرفوعاً؛ قال الإمام أحمد في «المسند» :
8621 - حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من أدرك رمضان وعليه من رمضان شيء لم يقضه، لم يتقبل منه، ومن صام تطوعا وعليه من رمضان شيء لم يقضه، فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه».

وإسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة، وانظر «علل الحديث» لابن أبي حاتم (768).

وقال ابن هانيء:

 سألته (يعني الإمام أحمد) عن الرجل هل يصوم تطوعاً وعليه صوم فريضة ؟ 
قال : «لا يصوم».
«سؤالاته» ( 672).

ونقل حنبل عن الإمام أحمد أنه قال:
«لا يجوز له أن يتطوع بالصوم، وعليه صوم من الفرض حتى يقضيه، يبدأ بالفرض، وإن كان عليه نذر صامه يعني بعد الفرض».
«المغني» (3/154).

وهذا أحد قولي الإمام أحمد وهو الموافق لما تقدم نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه وغيره من السلف، فهو الأصوب والله أعلم.


وقال أبو عبيد في غريب الحديث 4/288:
في حديث عمر رضي الله عنه أنه كان يستحب قضاء رمضان في عشر ذي الحجة وقال: وما من أيام أقضي فيهن رمضانَ أحبُّ إليَّ منها.

قال: حدثنيه ابن مهدي عن سفيان عن الأسود بن قيس عن أبيه عن عمر.

قال أبو عبيد: نرى أنه كان يستحبه لأنه كان لا يحب أن يفوت الرجل صيام العشر ويستحبه نافلة، فإذا كان عليه شيء من رمضان كره أن يتنفل وعليه من الفريضة شيء فيقول: فيقضيها في العشر فلا يكون أفطرها ولا يكون بدأ بغير الفريضة فيجتمع له الأمران.
وليس وجهه عندي أنه كان يستحب تأخيرها عمدًا إلى العشر ولكن هذا لمن فرط حتى يدخل العشر.