تخريج حديث الأحجار وبيان ضعفه:
ولفظه: لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد
المدينة جاء أبو بكر بحجر فوضعه، ثم جاء عمر بحجر فوضعه، ثم جاء عثمان بحجر فوضعه،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هؤلاء يلون الخلافة بعدي».
روي هذا الحديث من خمسة وجوه:
الأول: من طريق حشرج بن نباتة عن سعيد بن جمهان عن
سفينة:
رواه نعيم بن حماد في «الفتن» (258) وابن أبي عاصم في
«السنة» (1157) والحارث بن أسامة في «مسنده» كما في «بغية الباحث» (593) والعقيلي
في «الضعفاء» (1/297) وأبو يعلى في »
«المفاريد» (ص103) وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (331)
والحاكم (4284) والبيهقي في «الدلائل» (2/553).
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/117) :
حشرج بن نباتة سمعت سعيد بن جمهان، عن سفينة؛ أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر، وعمر، وعثمان: هؤلاء الخلفاء بعدي.
وهذا لم يتابع عليه، لأن عمر بن الخطاب، وعلياً،
قالا: لم يستخلف النبي صلى الله عليه وسلم.
وانظر«المنتخب من علل الخلال» (129).
الوجه الثاني: العوام بن حوشب عمن حدثه عن عائشة:
رواه نعيم بن حماد في «الفتن» (259) وأبو يعلى في «مسنده»
(4884) و«السنة» لعبد الله (1406).
هذا يرويه العوام عن مبهم.
الوجه الثالث: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد
الله بن وهب عن يحيى بن أيوب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:
أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (4738) والحاكم (4533).
قال الحاكم:
صحيح على شرط الشيخين وإنما اشتهر بإسناد واه من
رواية محمد بن الفضل بن عطية فلذلك هجر.
وتعقبه الذهبي بقوله [ط.الهندية (3/97)] :
قلت: أحمد منكر الحديث وهو ممن نقم على مسلم إخراجه
في الصحيح ويحيى وإن كان ثقة فقد ضعف ثم لو صح هذا لكان نصاً في خلافة الثلاثة ولا
يصح بوجه فإن عائشة لم تكن يومئذ دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي محجوبة
صغيرة فقولها هذا يدل على بطلان الحديث.
وانظر ترجمة أحمد بن عبد الرحمن بن وهب في «تهذيب
المزي» (68).
الوجه الرابع:
محمد بن الفضل بن عطية عن زياد بن علاقة عن قطبة بن
مالك:
رواه ابن عدي في «الكامل» (3/373) وابن الجوزي في «العلل
المتناهية» (330) وأوردها ابن حبان في «المجروحين» (2/278).
محمد بن الفضل بن عطية كذاب وضاع.
انظر ترجمته في «تهذيب المزي» (5546).
الوجه الخامس:
يحيى بن خالد عن روح بن القاسم عن ليث عن مجاهد عن
أبي هريرة:
رواه ابن عدي في «الكامل» (9/116-117) مع حديث آخر
وقال: وهذان الحديثان منكران عن روح بأسانيدهما لا يرويهما عن روح غير يحيى بن
خالد، وهو من مجهولي شيوخ بقية، ولا أعلم رواهما، عن يحيى هذا غير بقية.
وانظر الميزان (4/372) واللسان (8/433).
والخلاصة أن الحديث ضعيف لا يصح من جميع وجوهه، وهو
إضافة إلى ذلك منكر متناً لمخالفته ما جاء عن الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم
لم يستخلف بعده أحداً.