[بابٌ
في الحائض تذكر الله عز وجل ولا تقرأ القرآن]
قال ابن أبي شيبة في «المصنف» :
1084 - حدثنا شريك، عن فراس، عن عامر قال: «الجنب والحائض لا
يقرآن القرآن».
عامر هو الشعبي.
1085 - حدثنا غندر، عن شعبة، عن سيار، عن أبي وائل قال: «لا
يقرأ الجنب والحائض القرآن».
ورواه الدارمي في «المسند» (1038) تحت باب [باب الحائض تذكر
الله عز وجل ولا تقرأ القرآن]؛ ولفظه:
عن أبي وائل، قال: كان يقال: «لا يقرأ الجنب، ولا الحائض، ولا
يقرأ في الحمام، وحالان لا يذكر العبد فيهما الله: عند الخلاء وعند الجماع، إلا أن
الرجل إذا أتى أهله، بدأ فسمى الله».
وأبو وائل هو شقيق بن سلمة وهو تابعي مخضرم.
وقال ابن أبي شيبة:
1090 - حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن عطاء، وعن حماد، عن
إبراهيم، وسعيد بن جبير في الحائض والجنب: «يستفتحون رأس الآية ولا يتمون آخرها».
ورواه الدارمي في «المسند» (1030) من طريق سفيان، قال بلغني،
عن إبراهيم، وسعيد بن جبير، أنهما قالا: «لا يقرأ الجنب والحائض آية تامة، يقرآن
الحرف».
وقال ابن أبي شيبة:
1095 - حدثنا حفص، عن عاصم، عن أبي العالية قال: «الحائض لا
تقرأ القرآن».
1096 - حدثنا حفص، عن أشعث، عن محمد قال: «الحائض لا تقرأ
القرآن».
محمد هو ابن سيرين.
1097 - حدثنا وكيع، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: «تقرأ
مما دون الآية، ولا تقرأ آية تامة».
1098 - حدثنا وكيع، عن شعبة، عن إبراهيم، عن عمر قال: «لا تقرأ
الحائض القرآن».
وهذا مرسل.
1223 - حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن هشام الدستوائي، عن
حماد، عن إبراهيم قال: «أربعة لا يقرءون القرآن: عند الخلاء، وعند الجماع، والجنب،
والحائض، إلا الجنب والحائض فإنهما يقرآن الآية ونحوها».
وقال عبد الرزاق في «المصنف» :
1302 - عن معمر قال: سألت الزهري، عن الحائض والجنب أيذكران
الله؟ قال: «نعم»، قلت: أفيقرآن القرآن؟ قال: «لا».
قال معمر: وكان الحسن، وقتادة، يقولان: «لا يقرآن شيئا من
القرآن».
1303 - أخبرنا ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما تقرأ الحائض والجنب
من القرآن فقال: «أما الحائض فلا تقرأ شيئاً، وأما الجنب فالآية تبفدها».
(تبفدها) قال محقق «المصنف» الأعظمي: كذا في الأصل. وفي طبعة التأصيل (1314) أثبتت: (تنفدها). وقالوا في الحاشية: كذا في الأصل، والمراد أنها تقرأ طرف الآية ولا تتمها.
وقال الدارمي في «المسند»:
1014 - حدثنا يعلى، حدثنا عبد الملك، عن عطاء، في المرأة
الحائض: أتقرأ؟ قال: «لا، إلا طرف الآية ولكن توضأ عند وقت كل صلاة، ثم تستقبل
القبلة، وتسبح، وتكبر، وتدعو الله عز وجل».
وقال ابن المنذر في «الأوسط»:
621 : أخبرنا ابن عبد الحكم، أنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة،
عن أبي الزبير، أنه سأل جابراً عن المرأة الحائض والنفساء، هل تقرأ شيئاً من
القرآن؟ فقال جابر: «لا».
وهذا فيه سنده ابن لهيعة؛ وبعضهم يصحح رواية ابن وهب
عنه.
وقال عبيدة: «الجنب مثل الحائض».
وقال جابر بن زيد: «الحائض لا تتم الآية».
وقال أبو ثور: «لا تقرأ الحائض».
نقلها ابن المنذر في «الأوسط» ط-الفلاح (2/219).
وقال الترمذي في «الجامع» (1/236) :
«وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،
والتابعين، ومن بعدهم مثل: سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق،
قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئا، إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك،
ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل».
وقال أبو داود في «المسائل» (ص39) :
قلت لأحمد الحائض لا تقرأ شيئا من القرآن؟ قال: «لا، وتسبح
وتذكر الله».
وقال: «الحائض أشد من الجنب، ورخص في الكلمة يقرؤها».
وقال الشافعي: «.. إذا كان جنباً لم يجز له أن يقرأ
القرآن، والحائض في مثل حال الجنب إن لم يكن أشد نجاسة منه».
«معرفة السنن» للبيهقي (775).
وحكى أبو ثور الجواز عن الشافعي، وأنكره أصحاب الشافعي عنه. قاله
ابن رجب في «الفتح» (2/48).
وقال حرب الكرماني في «مسائله» (ص352) :
سمعت إسحاق يقول: «إذا أرادت الحائض أن تتطهر لوقت صلاةٍ
للتسبيح والذكر لا للصلاة؛ فذلك لها, وتسبح وتذكر الله , ولا تقرأ من القرآن شيئاً
قليلاً ولا كثيراً –يريد به التلاوة- وإذا سمعت السجدة وهي حائض فلا قضاء
عليها إذا طهرت؛ كما لا تصلي وهي حائض؛ الصلاة أعظم جرماً».
وكذلك نُقل عن مالك المنع من قراءة الحائض القرآن، وقد
نقل عنه الجواز في رواية واختارها محمد بن مسلمة من أصحابه.
وكذلك حكي الجواز عن ابن المنذر.
انظر «النوادر» (1/123) و«الاستذكار» (4/88) و«الفتح» لابن رجب (2/47).
وقد تقدم النقل عن الصحابة والتابعين بالمنع، واستثنى
بعضهم أن تقرأ ما دون الآية كما تقدم.
وأما الجنب فقد صح المنع من قراءته القرآن عن عمر وعلي وابن
مسعود رضوان الله عليهم، حتى قال مالك: ولقد حرصت أن أجد في قراءة الجنب
القرآن رخصة فما وجدتها. ويراجع لذلك ما تقدم من مصادر.
(فائدة) :
قال ابن رجب في «الفتح» (2/49) :
والاعتماد في المنع على ما روي عن الصحابة، ويعضده: قول عائشة
وميمونة في قراءة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القرآن في حجرهما في
حال الحيض؛ فإن يدل على أن للحيض تأثيراً في منع القراءة.
وأما الاستدلال المجيزين بحديث عائشة: «اصنعي ما يصنع الحاج،
غير أن لا تطوفي»، فلا دلالة لهم فيهِ؛ فإنه ليس في مناسك الحج قراءة مخصوصة حتَّى
تدخل في عموم هذا الكلام، وإنما تدخل الأذكار والأدعية.
وأما الاستدلال بحديث الكتاب إلى هرقل، فلا دلالة فيهِ؛ لأنه
إنما كتب ما تدعو الضرورة إليه للتبليغ، وقد سبق ذكر ذَلِكَ في شرح حديث هرقل في
أول الكتاب.