[بحث في إثبات ضعف أثر ابن عباس رضي الله عنهما ومالك بن دينار
رحمه الله في ترك كلام الأقران بعضهم في بعض]
قال ابن عبد البر في
"الجامع" 2123 - حدثنا أبو القاسم خلف بن القاسم، ثنا أبو علي سعيد بن
عثمان بن السكن، ثنا الحسن بن محمد الرافقي: ثنا عبد الرحمن بن سلام، ثنا بشير بن
زادان، عن الحسن بن السكن، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «استمعوا علم العلماء ولا تصدقوا
بعضهم على بعض فوالذي نفسي بيده لهم أشد تغايرا من التيوس في زروبها».
2124 - وروى أحمد بن محمد بن أحمد، ثنا
أحمد بن الفضل، نا الحسن بن علي الرافقي، نا عبد الرحمن بن محمد بن سلام، نا بشير
بن زادان، عن الحسن بن السكن، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس
قال: استمعوا، فذكره حرفا بحرف إلى آخره.
انتهى.
هذا الإسناد فيه:
الحسن بن محمد الرافقي:
لم أقف له على ترجمة.
وفيه: بَشِير بن زَاذَان:
بَيَّضَ له ابن أبي حاتم «الجرح
والتعديل»: (2/ 374) وقال: سألت أبي عنه فقال: صالح الحديث.
وقال يحيى بن معين «تاريخ ابن معين
رواية الدوري»: (2/ 59): ليس
بشيء.
وقال ابن حبان «المجروحين»: (1/ 192): غلب الوهم على حديثه حتى بطل.
وقال ابن عدي «الكامل»: (2/ 20): أحاديثه ليس عليها نور، وهو ضعيف،
غير ثقة، يُحَدِّثُ عن جماعة ضعفاء، وهو بَيِّن الضعف.
وذكره الساجي «لسان الميزان»: (2/
321)، والعقيلي «الضعفاء» له: (1/ 144)، وابن الجارود «لسان الميزان»: (2/ 321) في «الضعفاء».
وأورد له ابن الجوزي «الموضوعات»: (2/
30) حديثاً في الفضائل، وقال: هو
المتهم به عندي فإما أن يكون مِنْ فعله أو مِنْ تدليسه عن الضعفاء.
وفيه:
الحسن بن السكن:
قال عنه الإمام أحمد: منكر الحديث.
«العلل» لأحمد رواية عبد الله (3115).
فهذا الإسناد ضعيف جداً متهالك اجتمع
فيه ثلاث علل: مجهول وراويان منكرا الحديث.
وقال ابن عبد البر 2125 - وروى مقاتل
بن حيان، وعطاء الخراساني، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس قال: «خذوا العلم حيث
وجدتم ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم في بعض؛ فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في
الزريبة».
وهذا معلق لا يعلم من الواسطة بين ابن
عبد البر ومقاتل وعطاء ولعله يكون بينهما أكثر من خمسة أو ستة أنفس فلا يصلح شاهداً ولا مشهود له وقد
تقدم أن الطريق الأولى منكرة شديدة الضعف والمنكر أبداً منكر.
وعليه فهذا الأثر منكر عن ابن عباس رضي
الله عنهما لا يصح بحال.
وروي من قول مالك بن دينار رحمه الله:
قال ابن عبد البر 2126 - حدثني أحمد بن
قاسم، ثنا محمد بن عيسى، ثنا علي بن عبد العزيز، ونا سعيد بن عثمان، ثنا أحمد بن
دحيم، ثنا أبو عيسى أحمد بن محمود، ثنا أحمد بن علي الوراق قالا: نا مسلم بن
إبراهيم، قال: نا الحسن بن أبي جعفر قال: سمعت مالك بن دينار يقول: «يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل
شيء إلا قول بعضهم في بعض؛ فلهم أشد تحاسدا من التيوس، تنصب لهم الشاة الضارب
فينيبها هذا من هاهنا وهذا من هاهنا» وقال
سعيد في حديثه: «فإني وجدتهم
أشد تحاسدا من التيوس بعضها على بعض».
وكذلك رواه ابن عدي في الكامل في مقدمة الكتاب.
وكذلك رواه ابن عدي في الكامل في مقدمة الكتاب.
في هذا الإسناد:
الحسن بن أبي جعفر:
قال يحيى ابن معين: ليس بشيء. «العلل» لعبد الله
(3874) .
وقال أحمد ابن حنبل: كان شيخاً صالحاً،
ولكن كانت عنده أحاديث مناكير،
وليس هو بشيء. «سؤالات ابن
هانئ» (2144) .
وقال البخاري: مُنكر الحديثِ تاريخه الكبير 2/288.
وضعفه كذلك غير من تقدم من الحفاظ.
وعليه فكذلك هذا الأثر كسابقه منكر لا
يصح.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم.