[فصل في ذكر من كان يحل أزرار قميصه وبيان حكم هذا الفعل]
1-النبي صلى الله عليه وسلم:
قال أبو داود في «السنن» : (باب في حل الأزرار) :
4082 - حدثنا النفيلي وأحمد بن يونس قالا: حدثنا
زهير حدثنا عروة بن عبد الله - قال ابن نفيل: ابن قشير أبو مهل الجعفي - حدثنا معاوية
بن قرة حدثني أبي قال: «أتيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم في رهط من مزينة فبايعناه وإن قميصه لمطلق الأزرار».
قال: «فبايعته ثم أدخلت يدي في جيب قميصه، فمسست
الخاتم».
قال عروة: «فما رأيت معاوية ولا ابنه قط، إلا مطلقي أزرارهما في شتاء ولا حر، ولا يزرران أزرارهما أبدا».
ورواه ابن ابي شيبة في «المصنف» (ط الحوت) برقم(24801) باب (من كان يلبس القميص لا يزر عليه) وابن ماجة برقم (3578) وبوب عليه: (باب حل الأزرار) وابن حبان برقم(100) ورواه تحت باب (اتّباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم) والبيهقي في «الآداب» برقم (502) تحت باب (إطلاق القميص) غيرهم.
ذكر من فعله من الصحابة:
2- ابن
عباس رضي الله عنهما.
3- ابن
عمر رضي
الله عنهما.
قال ابن أبي شيبة:
24799 - حدثنا حفص عن الأعمش عن ثابت بن عبيد قال: «ما
رأيت
ابن عمر وابن عباس زارين عليهما قميصهما قط».
ابن عمر وابن عباس زارين عليهما قميصهما قط».
وقال ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2/54
736 - حدثنا ابن مصفى ثنا بقية ثنا شعبة عن عيينة
بن عبد الرحمن عن أبيه قال: «رأيت ابن عمر
محلول الأزرار في المسجد».
وقال البيهقي في «الكبرى» (ط العلمية) :
3297 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي وأبو
بكر بن الحسن قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر ثنا ابن وهب
أخبرني سعيد بن أبي أيوب قال: حدثني أبي قال: «ما
رأيت عبد الله بن عمر قط إلا محلول الأزرار».
أبو أيوب والد سعيد اسمه مقلاص سكت عنه البخاري في «التاريخ الكبير» ترجمة (2156) وذكر الإمام أحمد في «العلل» مسألة (6025) أنه مولى لأبي هريرة رضي الله عنه.
وقال ابن سعد في الطبقات 4/131 (ط العلمية) :
أخبرنا المعلى بن أسد قال: حدثنا عبد الرحمن بن
العريان قال: سمعت الأزرق بن قيس قال: «قلّ
ما رأيت ابن عمر إلا وهو محلول الإزرار».
وقال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حفص بن غياث قال: حدثنا الأعمش عن ثابت بن عبيد قال: «ما رأيت ابن عمر يزر قميصه قط».
4- أبو هريرة رضي الله عنه:
24800 - حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن
العيزار عن سعيد المدني، قال: «كنت مع أبي
هريرة في جنازة فرأيته مصفر اللحية محلل الأزرار».
سعيد المدني هو ابن سمعان الأنصاري -والله أعلم-
وهو ثقة.
5- ابن مسعود رضي الله عنه:
قال ابن أبي شيبة:
26222 - حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون قال: حدثني
مسلم البطين عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون، قال: «ما أخطأني ابن مسعود
خميساً إلا أتيته فيه، قال: فما سمعته يقول لشيء قط قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم فلما كان ذات عشية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فنكس قال: فنظرت
إليه وهو قائم محللة أزرار قميصه قد اغرورقت
عيناه وانتفخت أوداجه قال: أو دون ذلك أو فوق ذلك أو قريبا من ذلك أو شبيها بذلك».
ورواه كذلك أحمد وغيره.
6- زيد بن ثابت رضي الله عنه:
قال أبو زرعة الدمشقي في «تاريخه» ص633:
حدثني سليمان بن عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن
الأعمش عن ثابت بن عبيد: «أنه رأى زيد بن ثابت محلل الأزرار».
ذكر من فعله من التابعين:
7- معاوية
بن قرة المزني رحمه الله.
8-ابنه رحمه الله كما مضى برقم(1).
9- سعيد
بن المسيب رحمه الله.
10- أبو
حازم سلمة بن دينار رحمه الله .
11- محمد
بن المنكدر رحمه الله.
قال البيهقي في «الكبرى» (2/340) –ط.العلمية-:
(وهو موصول بما قبله بسند صحيح) قال سعيد: وحدثني
زهرة بن معبد القرشي قال: «رأيت ابن
المسيب وأبا حازم ومحمد بن المنكدر يصلون وأزرار قمصهم مطلقة».
وقال ابن سعد في «الطبقات» (5/360) :
أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس وعبد
الرحمن بن مقاتل القشيري خال عبد الله بن مسلمة بن قعنب قالا: حدثنا عبد الملك بن
قدامة قال: «رأيت محمد بن المنكدر يصلي وأزرار
قميصه محلولة».
عبد الملك بن قدامة فيه ضعف لكنه محتمل هنا ومتابع
بما قبله.
12- سالم بن عبد الله بن عمر رحمه الله:
قال ابن أبي شيبة:
24802 - حدثنا وكيع عن أسامة قال: «ما
رأيت سالما أزر عليه».
24803 - حدثنا وكيع عن فطر قال: «رأيت
سالما محللا أزراره».
وقال ابن سعد في «الطبقات» -ط.العلمية- (5/152) :
أخبرنا وكيع بن الجراح عن كثير بن زيد قال: «رأيت
سالم بن عبد الله يصلي في قميص واحد محلل الأزرار».
وقال: أخبرنا عبيد الله بن موسى وعبد الوهاب بن عطاء قالا: أخبرنا أسامة بن زيد قال: «ما رأيت سالم بن عبد الله زر قميصه في صيف ولا شتاء».
وقال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا فطر قال: «رأيت سالما محلل الأزرار».
وقال: أخبرنا عبد الرحمن بن مقاتل القشيري خال القعنبي قال: حدثنا عبد الملك بن قدامة قال: «رأيت سالم بن عبد الله يصلي وأزرار قميصه محلولة».
وقال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: حدثنا عبد الملك بن قدامة الجمحي قال: «رأيت سالما يصلي محللة أزرار قميصه».
وقال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموال: « أنه رأى سالم بن عبد الله يخرج من المسجد محلولا زره».
وقال: أخبرنا محمد بن حرب المكي قال: أخبرنا خالد بن أبي بكر قال: «رأيت سالم بن عبد الله محلول أزرار القميص».
13- محمد ابن الحنفية رحمه الله:
قال ابن أبي شيبة:
24804 - حدثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا الربيع بن
المنذر عن أبيه: «أنه رأى على
محمد ابن الحنفية حبرة محللة الأزرار وكان له برنس قز».
إسحاق بن منصور هو السلولي والربيع بن المنذر وثقه العجلي وأبو وثقه ابن معين, وقال محمد بن سوقة عن المنذر بن يعلى الثوري: لزمت محمد ابن الحنفية حتى قال بعض ولده: لقد غلبنا هذا النبطي على أبينا.
14- القاسم
بن محمد رحمه
الله:
قال الخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (2/223)
:
أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان أخبرنا أبو
بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب العبدي حدثنا عبدوس بن روح حدثنا شبابة بن
سوار حدثنا أبو زبر قال «رأيت القاسم
بن محمد محلول الأزرار ... ».
15- الحكم بن عتيبة رحمه الله:
قال بحشل في «تاريخ واسط» ص179:
ثنا إدريس بن حاتم، قال: حدثني أبي، قال: حدثني جدك
حميد بن مهران (قال إدريس: هو جدي لأمي) ، قال: «رأيت
الحكم بن عتيبة بواسط يصلي في قميص محلول الأزرار».
حاتم بن الأحنف والد إدريس لم أجد له ترجمة إلا ما جاء في تاريخ واسط ص179.
ذكر من فعله ممن بعدهم:
16- أحمد
ابن حنبل رحمه الله:
قال أبو داود في «المسائل» ص350 مسألة (1678) :
وكنت أرى أزراره (أي: أحمد ابن حنبل) محلولة.
ختاماً أقول:
عامة هذه الأسانيد صحيحة وبعضها حسن والضعيف فيه
ليس ضعفه مؤثر فهو مغتفر في باب الموقوفات والمقطوعات و منجبر بغيره والله أعلم
وقد نبهت عليه في موضعه, وقد جاء مرفوعاً من حديث ابن عمر ومن حديث ابن عباس رضي
الله عنهم لكن لا يصحان فأعرضت عن ذكرهما.
بقي أن ينتبه إلى أن هذه الآثار يؤخذ منها استحباب هذا الفعل تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم -إن أمن انكشاف عورته- لأمور:
بقي أن ينتبه إلى أن هذه الآثار يؤخذ منها استحباب هذا الفعل تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم -إن أمن انكشاف عورته- لأمور:
أولاً: أن هذا ظاهر من فعل التابعي الجليل معاوية بن قرة بن إياس المزني رحمه الله وأنه فعله بعد أن سمع من أبيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ثم لم يتركه حتى أيام البرد مع ما يلحقه من مشقة في فعله هذا, وكذلك فعل ابنه.
ثانياً: أن باقي الآثار تعضده .. فإنّ تواطؤ كل من سبق النقل عنهم على هذا الفعل -وهم علماء الصحابة والذين هم من أعلم الخلق بما يُؤتى وما يُترك من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك التابعون لهم بإحسان- ليدل على استحسانهم لهذا الفعل.
ثالثاً: أن من نقلها عنهم وتحريه لذلك يشعر بأنه أمر زائد على مجرد العادة بل فيه استحسانهم لهذا الفعل.
رابعاً: تبويبات المصنفين الذين جمعوا هذه الآثار كما تقدم.
وبهذا يعلم غلط من ذهب إلى أن هذا ليس إلا من قبيل العادات أو الأعراف التي كانت سائدة في تلك الأيام أو أن هذه الهيئة وجدت منه صلى الله عليه وسلم لغرض من الأغراض و لعارض كتبرد أو نسيان زر من الأزرار أو نحو ذلك ..
والخلاصة:
أننا ولو فرضنا أن حل أزرار القميص أمر مباح من قبيل العادات التي كانت ماضية بين الناس في الصدر الأول؛ فلا يقال إن من تأسى بالنبي والصحابة والتابعين ومن بعدهم في فعل هذا الأمر أنه فعل بدعة وأحدث محدثة؛ فلا أقل من أن لا ينكر عليه فضلاً عن أن ينسب إلى الابتداع والجهل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.