[كان إبليس من الملائكة وكان اسمه عزازيل,
ومعه فائدة في حجية تفسير الصحابي]
الحمد لله رب
العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
أما بعد :
قال ابن أبي حاتم
في تفسيره قال :
362- حدثني أبي، حدثني
سعيد بن سليمان، ثنا عباد يعني ابن العوام، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن
سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: «كان إبليس اسمه عزازيل، وكان من أشرف الملائكة
من ذوي الأربعة الأجنحة ثم أبلس بعد».
ومن طريق سعيد بن
سليمان رواه البيهقي في شعب الإيمان ح/146 ورواه ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان
ح/72.
وهذا سند صحيح رجاله
ثقات رجال الشيخين غير سفيان بن حسين روى له البخاري تعليقاً فهو من رجال مسلم
وحده وأبو حاتم الرازي حافظ معروف لم يرو عنه الشيخان وروى عنه أصحاب السنن.
وكذلك روي عنه نحو هذا
من أوجه فيها ضعف, وليس لابن عباس رضي الله عنهما -فيما أعلم- مخالف من الصحابة رضوان الله
عنهم فلا يعدل عن قوله إلا بحجة.
قال الإمام أحمد رحمه
الله في كتابه لأبي عبد الرحيم الجوزجاني [كما في السنة لأبي بكر الخلال 4/22] :
وأن تأويل من تأول
القرآن بلا سنة تدل على معناها أو معنى ما أراد الله عز وجل أو أثر عن أصحاب الرسول
صلى الله عليه وسلم، ويعرف ذلك بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه، فهم
شاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم، وشهدوا تنزيله، وما قصه له القرآن، وما عني به،
وما أراد به، وخاص هو أو عام، فأما من تأوله على ظاهر
بلا دلالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه،
فهذا تأويل أهل البدع، لأن الآية قد تكون خاصة ويكون حكمها حكما عاما، ويكون ظاهرها على
العموم، فإنما قصدت لشيء بعينه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم المعبر عن كتاب
الله عز وجل، وما أراد وأصحابه رضي الله عنهم أعلم بذلك منا لمشاهدتهم الأمر وما
أريد بذلك.اهـ المراد
وقال ابن القيم في
كتابه إغاثة اللهفان 1/240:
قال الحاكم أبو عبد
الله فى التفسير، من كتاب المستدرك: "ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابى
الذى شهد الوحى والتنزيل عند الشيخين: حديث مسند.
وقال فى موضع آخر من
كتابه: "هو عندنا فى حكم المرفوع".
وهذا، وإن كان فيه نظر، فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من
بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل من كتابه، فعليهم نزل، وهم أول من خوطب
به من الأمة. وقد شاهدوا تفسيره من الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم علماً
وعملاً، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل.
وقال في إعلام الموقعين
4/119:
فإن قيل: فإذا كان هذا
حكم أقوالهم في أحكام الحوادث، فما تقولون في أقوالهم في تفسير القرآن؟ هل هي حجة
يجب المصير إليها؟
قيل: لا ريب أن
أقوالهم في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن
تفسيرهم في حكم المرفوع، قال أبو عبد الله الحاكم في مستدركه: وتفسير الصحابي
عندنا في حكم المرفوع، ومراده أنه في حكمه في الاستدلال به والاحتجاج، لا أنه إذا
قال الصحابي في الآية قولا فلنا أن نقول هذا القول قول رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -، أو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وله وجه آخر.
وهو أن يكون في حكم
المرفوع بمعنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين لهم معاني القرآن
وفسره لهم كما وصفه تعالى بقوله: {لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل: 44]
فبين لهم القرآن بيانا شافيا كافيا، وكان إذا أشكل على أحد منهم معنى سأله عنه
فأوضحه له .. اهـ المراد ويراجع بقية كلامه.
وعبارات أهل العلم في
هذا الباب كثيرة.
وقد قال القرطبي عن كون
إبليس كان من الملائكة 1/294:
«قول جمهور العلماء ابن عباس وابن مسعود وابن
جريج وابن المسيب وقتادة وغيرهم، ورجحه الطبري، وهو ظاهر الآية».
وقال البغوي 1/81: «قول
أكثر المفسرين».
وينظر تفسير ابن جرير
الطبري 1/508.
ولا ينبغي أن يرد تفسير الصحابي بحجة كونه من الإسرائيليات. قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى 13/345:
وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه أسكن مما
نقل عن بعض التابعين لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من
بعض من سمعه منه أقوى؛ ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين ومع
جزم الصاحب فيما يقوله فكيف يقال إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم؟.اهـ
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.