[لا اجتهاد في مسائل الاعتقاد]
- عن الحسن رحمه الله قال: مر بي أنس بن مالك رضي الله عنه وقد بعثه
زياد إلى أبي بكرة رضي الله عنه يعاتبه فانطلقت معه فدخلنا على الشيخ وهو مريض
فأبلغه عنه.
فقال: إنه يقول ألم أستعمل عبيد الله على فارس؟! ألم أستعمل رواداً
على دار الرزق؟! ألم أستعمل عبد الرحمن على الديوان وبيت المال؟!
فقال أبو بكرة رضي الله عنه يعاتبه فهل زاد على أن أدخلهم النار؟!
قال فقال أنس رضي الله عنه: إني لا أعلمه إلا مجتهداً.
فقال أبو بكرة رضي الله عنه: أقعدوني. فقال قلتَ إني لا أعلمه إلا
مجتهداً! وأهل حروراء قد اجتهدوا أفأصابوا أم أخطأوا؟!
قال الحسن رحمه الله: فرجعنا مخصومين.
[مسائل صالح بن أحمد (874) وتهذيب الكمال 30/7]
- قال الشافعي (204هـ) رحمه الله:
والله لأن يفتي العالم فيقال: أخطأ العالم، خير له
من أن يتكلم فيقال: زنديق، وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله.
قال الذهبي عقبه: هذا دال على أن مذهب أبي عبد الله أن الخطأ في
الأصول، ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع.
[السير 10/19]
- قال عثمان بن سعيد الدارمي (280هـ) رحمه الله:
وأما ما ذكرت من اجتهاد الرأي في تكييف صفات الرب، فإنا لا نجيز
اجتهاد الرأي في كثير من الفرائض والأحكام، التي نراها بأعيننا، وتسمع في آذاننا.
فكيف في صفات الله التي لم ترها العيون، وقصرت عنها الظنون؟
[النقض على المريسي ص54]
- قال ابن منده (395هـ) رحمه الله:
ذكر الدليل على أن المجتهد المخطئ في معرفة الله , عز وجل
ووحدانيته كالمعاند قال الله تعالى مخبرا عن ضلالتهم ومعاندتهم: {قل هل ننبئكم
بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}
[الكهف: 104].
وقال علي بن أبي طالب , رضي الله عنه لما سئل عن الأخسرين أعمالا
فقال: كفرة أهل الكتاب كان أوائلهم على حق، فأشركوا بربهم عز وجل وابتدعوا في
دينهم، وأحدثوا على أنفسهم , فهم يجتمعون في الضلالة , ويحسبون أنهم على هدى،
ويجتهدون في الباطل ويحسبون أنهم على حق، ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم
يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وقال علي رضي الله عنه منهم أهل حروراء.
[كتاب التوحيد له 1/314]
- قال ابن أبي زيد القيرواني (386هـ) رحمه الله:
ومن قول أهل السنة إنه لا يعذر من وداه اجتهاده إلى بدعة لأن
الخوارج اجتهدوا في التأويل فلم يعذروا إذا خرجوا بتأويلهم عن الصحابة فسماهم
عليه السلام مارقين من الدين وجعل المجتهد في الأحكام مأجوراً وإن أخطأ.
[الجامع له ص164]
- قال عبيد الله بن سعيد السجزي (444هـ) رحمه الله:
وقال عمر وسهل بن حنيف: "اتهموا الرأي على الدين" ولا
مخالف لهما في الصحابة، وقد كانا يجتهدان في الفروع، فعلم أنهما أرادا بذلك المنع
من الرجوع إلى العقل في المعتقدات.
[رسالته في الحرف والصوت ص92]
- قال يوسف بن عبد الهادي الشهير بابن المبرد (909هـ) رحمه الله:
فإن باب الصفات موقوف على النقل والتقليد لا على الاجتهاد وكل
العلم يسوغ فيه الاجتهاد إلا هذا.
[جمع الجيوش والدساكر]
- قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ (1293هـ) رحمه الله:
والمسائل التي يسقط الذم عن المخطئ فيها إذا اجتهد واتقى الله ما
استطاع هي المسائل الاجتهادية، أي التي يسوغ الاجتهاد فيها أو ما يخفى دليله في
نفسهن, ولا يعرفه إلاّ الآحاد؛ بخلاف ما علم بالضرورة من دين الإسلام،
كمعرفة الله بصفاته وأسمائه وأفعاله وربوبيته ومعرفة ألوهيته وكتوحيده بأفعال
العبد وعباداته؛ فأي اجتهاد يسوغ هنا وأي خفاء ولبس فيه؟
وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
وجميع الكفار، إلا من عاند منهم، قد أخطأوا في هذا الباب واشتبه
عليهم، أفيقال بعذرهم وعدم تأثيمهم أو أجرهم؟ سبحان الله! ما أقبح الجهل وما أبشعه.
[منهاج التأسيس والتقديس ص18]
- قال سليمان بن سحمان (1349هـ) رحمه الله:
فالشخص المعين إذا صدر منه ما يوجب كفره من الأمور التي هي معلومة بالضرورة
مثل عبادة غير الله سبحانه ومثل جحد علو الله على خلقه ونفي صفات كماله ونعوت جلاله
الذاتية والفعلية ومسألة علمه بالحوادث والكائنات قبل كونها .
فإن المنع من التكفير والتأثيم بالخطأ والجهل في هذا كله رد على من كفر معطلة الذات ومعطلة الربوبية ومعطلة
الأسماء والصفات ومعطلة إفراده تعالى بالإلهية والقائلين بأن الله لا يعلم الكائنات
قبل كونها كغلاة القدرية ومن قال بإسناد الحوادث إلى الكواكب العلوية ومن قال بالأصلين
النور والظلمة فإن من التزم هذا كله فهو أكفر وأضل من اليهود والنصارى .
وهل أوقع الاتحادية والحلولية فيما هم عليه من الكفر البواح والشرك العظيم
والتعطيل لحقيقة وجود رب العالمين إلا خطأهم في هذا الباب الذي اجتهدوا فيه فضلوا
وأضلوا عن سواء السبيل .
وهل قتل الحلاج باتفاق أهل الفتوى على قتله إلا ضلال اجتهاده ،
وهل كفر القرامطة وانتحلوا ما انتحلوه من الفضائح الشنيعة وخلع ربقة الشريعة إلا
باجتهادهم فيما زعموا .
وهل قالت الرافضة ما قالت واستباحت ما استباحت من الكفر والشرك وعبادة
الأئمة الاثني عشر وغيرهم ومسبة أصحاب رسول الله وأم المؤمنين إلا باجتهادهم فيما
زعموا.
فليس كل اجتهاد وخطأ وجهل مغفور لا يكفر ولا يؤثم فاعله وهذا على سبيل
التنبيه وإلا فالمقام يحتمل بسطا أكثر من هذا.
[اجماع أهل السنة النبوية على تكفير المعطلة والجهمية ص148- 158]
[من كتاب التنبيهات الجلية على الأخطاء العقدية في شروح
كتب السنة النبوية ص49]