[بحث في حديث أنس في النهي عن الالتزام والتقبيل]
قال الترمذي 2728 - حدثنا سويد قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا حنظلة بن عبيد الله عن أنس بن مالك، قال: قال رجل: يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: «لا»، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: «لا»، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: «نعم».
قال الترمذي: «هذا حديث حسن».
حنظلة بن عبد الله السدوسي ضعيف منكر الحديث كان قد اختلط, ضعفه أحمد ويحيى والنسائي وأبي حاتم والقطان وذكر اختلاطه.
وقد أنكر الإمام أحمد عليه هذا الحديث بعينه كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/240:
قال صالح بن احمد بن محمد بن حنبل قال قال أبي: كان حنظلة السدوسي ضعيف الحديث يروي عن أنس بن مالك أحاديث مناكير روى أينحنى بعضنا لبعض.
وروى العقيلي في الضعفاء 1/289:
عن ابن هانئ قال سألت أبا عبد الله عن حنظلة السدوسي فقال حنظلة, ومد بها صوته ثم قال ذاك منكر الحديث يحدث بأعاجيب حدث عن أنس قيل يا رسول الله أينحنى بعضنا لبعض.
وكذلك أنكره عبد الحق كما في «أحكامه» حيث قال : حنظلة هذا يروي مناكير ، وهذا الحديث مما أنكر عليه وكان قد اختلط . [بيان الوهم والإيهام لابن القطان 4/159]
وفي علل أحمد رواية المروذي 468 - قلت: فحنظلة السدوسي؟ قال (أي الإمام أحمد) : له أشياء مناكير، روى حديثين كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم منكرين , عن أنس, أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر والآخر: أمرنا إذا التقينا أن يصافح أحدنا صاحبه، وأن ينحني بعضنا لبعض وأن يعتنق بعضنا لبعض، كلاهما منكران.
وقد ذكروا له شواهد :
الأول أخرجه ابن عدي في الكامل 7/201:
حدثنا عبيد الله بن جعفر، حدثنا إسحاق، حدثنا كثير قال أنس قالوا يا رسول الله أيعانق أحدنا صاحبه؟ قال: لا قالوا يصافحه؟ قال: نعم.
ورواه ابن شاهين في حديثه عن شيوخه [كما في المشيخة البغدادية لأبي طاهر السلفي] قال: 21 - حدثنا محمد بن زهير، نا مخلد بن محمد الزهراني، نا كثير بن عبد الله، قال: سمعت أنس بن مالك به.
وهذا ليس فيه ذكر التقبيل.
وفيه كثير بن عبد الله الأبلي مترجم في التهذيب 4944:
قال البخاري : منكر الحديث.
وقال أبو حاتم : منكر الحديث ، ضعيف الحديث جدا ، شبه المتروك ، بابة زياد بن ميمون .
وقال النسائي : متروك . اهـ .
وفي تهذيب التهذيب 8/374:
قال يحيى بن يحيى : سمعته يروى عن أنس فلم أحدث عنه شيئا.
وقال النسائي : منكر الحديث.
وقال الحاكم أبو أحمد : منكر الحديث.
وقال مرة : ليس حديثه بالقائم.
وقال الحاكم : زعم أنه سمع من أنس و روى عنه أحاديث يشهد القلب أنها موضوعة.
فمثل من هذه حاله لا يستشهد بحديثه لشدة ضعفه.
الشاهد الثاني:
أخرجه الضياء في المنتقى 2/87:
من طريق أبي بلال الأشعري عن قيس بن الربيع، عن هشام بن حسان، عن شعيب يعني الحبحاب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قلنا: يا رسول الله إذا لقى أحدنا أخاه يسجد له؟ قال: لا، قال: فيصافحه؟ قال: نعم).
وهذا ليس فيه ذكر المعانقة ولا التقبيل.
أبو بلال الأشعري هو المعروف بمرداس مترجم في اللسان 8/26 ضعفه الدارقطني ولينه الحاكم.
قيس بن الربيع الأسدي مترجم في التهذيب 4903 ضعفه جماعة من أهل العلم لروايته أحاديث منكرة ولسوء حفظه وكثرة خطئه وكان له ابن يدخل في حديثه ما ليس منه.
وقد خالفه الفضيل بن عياض أخرج حديثه عبد بن حميد في مسنده (1217) قال:
حدثني حسين بن علي الجعفي عن فضيل بن عياض عن هشام (يعني ابن حسان) عن حنظلة السدوسي عن أنس قال: فذكره.
والفضيل أوثق من قيس بمرات فرواه من طريق هشام بن حسان عن حنظلة لا عن شعيب فعلى ذلك يكون قيس بن الربيع وهم فيه ورجع الحديث إلى حنظلة السدوسي.
أما الشاهد الثالث:
رواه الضياء في "المنتقى" 23 / 1: من طريق عبد العزيز بن أبان وهو كذاب انظر ترجمته في التهذيب 3434.
والكذاب لا يستشهد بحديثه.
وبهذا يظهر وجاهة قول الإمام أحمد إنكاره الحديث وعده له من الأعاجيب.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.