[بحث في حديث: «كان أحب الألوان إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم الخضرة»]
الحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله أما بعد:
قال الطبراني في الأوسط
8027 - حدثنا موسى بن هارون، ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، نا معن بن عيسى، ثنا
سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس قال: «كان أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم الخضرة».
لم يرو هذا الحديث عن
قتادة إلا سعيد بن بشير، ولا عن سعيد إلا معن: تفرد به: إبراهيم بن المنذر
".اهـ
سعيد بن بشير مختلف فيه
وقد ضعفه جمع من الحفاظ وقد ذُكرأنه يحدث عن قتادة بالمنكرات:
قال محمد بن عبد الله بن
نمير: منكر الحديث ليس بشىء ليس بقوى الحديث يروي عن قتادة المنكرات.
وقال الساجى : حدث عن قتادة بمناكير.
وقال ابن حبان : كان رديء
الحفظ فاحش الخطأ يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه.
ويراجع تهذيب الكمال
10/348 ترجمة 2243 وتهذيب التهذيب 4/10.
وقد استنكر ابن عدي عليه هذا الخبر بعينه في الكامل 4/420.
وقد روي هذا الحديث عن قتادة من وجه ثان:
قال البزار: 7234- حدثنا
الحسن بن يحيى، حدثنا إسحاق بن إدريس، حدثنا سويد، عن قتادة، عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يحب الخضرة، أو قال - كان أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
الخضرة.
إسحاق بن إدريس الأسواري
البصري أبو يعقوب كذاب يضع الحديث ويراجع اللسان 2/41 ترجمة 998.
وشيخه الراوي عن قتادة هو
سويد بن إبراهيم الجحدري أبو حاتم ضعيف وأُنكر عليه حديثه عن قتادة , قال ابن عدي
: حديثه عن قتادة ليس بذاك ، و سويد فيه ضعف ، و إنما يخلط عن قتادة ، و يأتي عنه
بأحاديث لا يأتي بها عنه أحد غيره ، و هو إلى الضعف أقرب.
ويراجع تهذيب الكمال
12/242 ترجمة 2640.
وروي عن سويد من طريق آخر:
قال ابن عدي في الكامل
4/486:
حدثنا عمر بن عبد الرحمن
السلمي، حدثنا سليمان بن داود الشاذكوني، حدثنا سهل بن حسام بن مصك، حدثنا سويد
أبو حاتم، عن قتادة، عن أنس، قال: كان أعجب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم الخضرة.
ورواه أبو نعيم كذلك في
الطب 1/312 من طريق عمر بن عبد الرحمن ووقع عنده سقط لم يتبين من شيخه.
وهذا الإسناد فيه
الشاذكوني وقد كذبه ابن معين وتركه الحفاظ والأئمة وسهل بن حسام لم أر من
وثقه.
وقد روي عن قتادة من وجه ثالث:
قال ابن عدي في الكامل
4/346:
حدثنا عبد الله بن محمد،
حدثنا يوسف، حدثنا حجاج، عن ابن جريج أخبرني أبو بكر الهذلي، عن قتادة خرجنا مع
أنس بن مالك إلى أرض له يقال لها الزاوية فقال حنظلة السدوسي ما أحسن هذه الخضرة
فقال أنس كنا نتحدث أن أحب الألوان إلى الله الخضرة.
هذا الوجه كما هو ظاهر
فيه مخالفة للمتن السابق فلفظه "أحب الألوان إلى الله" , والحديث رواه البيهقي
في شعب الإيمان من طريق ابن عدي ح/5916 وجاء عنده : "أحب الألوان إلى
النبي صلى الله عليه وسلم".
وهذا الإسناد فيه أبو بكر
الهذلي وقيل اسمه سلمى بن عبد الله , متروك الحديث كما نص على ذلك غير واحد
من الأئمة والحفاظ وكذبه غندر , ويراجع تهذيب الكمال
33/159 ترجمة 7268.
فالخلاصة أن الحديث منكر فعامة الطرق واهية لا تقوم بها حجة ولم يرو
هذا الحديث من وجه صحيح -فيما وقفت عليه- والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم.